التمـــاس 20 سنــــة سجنـــا لزعيــم السلفية التكفيرية "أبو حاتم العنابي"
التمس النائب العام بمجلس قضاء عنابة، أمس، عقوبة 20 سنة سجنا نافذا في حق (ب.ي)الملقب بالشيخ أبي حاتم العنابي، زعيم السلفية « التكفرية» بالجزائر، حسب مرافعة النائب العام، الذي التمس أيضا عقوبات تراوحت ما بين( 20 سنة، 8 سنوات، 3 سنوات، عام) سجنا نافذا في حق 23 شخص آخرين، ينحدرون من عدة ولايات بينهم جزائريون مولودون في فرنسا، 8 متهمين التحقوا بالمتهم الرئيسي الشيخ أبو حاتم العنابي، للدراسة في اليمن بمعهد «الدماج» على يد الشيخ يحيى الحاجوري.
وقد وجهت لـ 12 متهما، جناية الانخراط في جماعة إرهابية مسلحة تنشط في الخارج، وجنحة توزيع وعرض منشورات من وحي أجنبي، تضر بالمصلحة الوطنية لـ 7 متهمين أخرين، وتحرير عمدي لوقائع غير صحيحة لباقي المتهمين. وتم توجيه تهمة الانخراط في جماعة إرهابية تنشط بالخارج، حسب ما دار في الجلسة، بناء على وقائع، تفيد بتسليح معهد «الدماج» باليمن طلبته بمختلف الأسلحة، لحماية أنفسهم.
وحسب النائب العام في مرافعته، فقد درس المتهم (ب.ي)الملقب بالشيخ أبو حاتم العنابي 7 سنوات في معهد «الدماج»، غير المعترف بشهادته من قبل السلطات اليمنية، وتخرج منها بشهادة باحث في العلوم الإسلامية والشرعية، وعاد إلى الجزائر لنشر أفكار متطرفة تناهض الفكر السلفي الذي يمثله الشيخ فركوس ، محاولا تزعم السلفية، بالتهجم وانتقاد فتاوي الشيخ فركوس، وهو ما جاء في مؤلفاته « بيان الدليل» وإصدارات أخرى كانت محل تقارير، من قبل مصالح وزارة الشؤون الدينية، منها تكفير المشاركة في الانتخابات، وتحريم الرسوم المتحركة، والصور الفتوغرافية، وهي تحفظات ذكرت المصالح المختصة، بأنها تمس بالدين الإسلامي وتهدد الأمن الوطني.
تعود وقائع القضية إلى أوت 2017 عندما فتحت فصيلة الأبحاث التابعة للدرك الوطني بعنابة، تحقيقا بناء على معلومات استخباراتية، تم بموجبها توقيف(ب.ي 48 سنة) الملقب بأبي حاتم في منزله بحي حجر الديس، مع مصادرة مطويات وكتب تحتوي على فتاوي غريبة، بين تدقيق المجلس العلمي التابع لمديرية الشؤون الدينية، بأنها لا تتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية والسنة، بالإضافة إلى تنظيم حلقات دينية دون ترخيص.
المتهم (ب.ي)مقعد، حضر المحاكمة على كرسي متحرك، بسبب إصابة في العمود الفقري، وقد صرح في جلسة المحاكمة، بأنه تنقل إلى موريتانيا سنة 2003 مرورا بمالي برا، بسبب الحدود المغلقة مع موريتانيا آنذاك، ومكث هناك عاما ونصف وأكمل حفظ القران الكريم، ونظرا لاهتمامه بدراسة علم الحديث، اختار التوجه إلى اليمن عبر تركيا في رحلة جوية، للدراسة بمعهد «الدماج» في محافظة صعداء، أين مكث 7 سنوات وتخرج بإجازة تدريس علم الحديث، وخلال تواجده باليمن التحق به 8 جزائريين، وكان المعهد يضمن لهم الإقامة والأكل مجانا.
وأكد المتهم بأنه لم يكن يغادر المعهد، وكان معتكفا هناك لطلب العلم فقط، إلى جانب طلبة يأتون من مختلف الدول منها أوروبا لدراسة الحديث، وهو معهد خاص معترف به من قبل الدولة اليمنية– حسبه- يديره يمنيون.وفي عام 2011 رجع إلى الجزائر قبل اندلاع الحرب هناك، وقام بإنشاء موقع إلكتروني ينشرفيه مسائل شرعية، ويرد فيها على الشيخ فركوس، متهما بعض السلفيين، بنشر إشاعات وفتاوى لم يصدرها إطلاقا، منها منع الأطفال من التمدرس في المدارس، وفي هذا الشأن قال « أنا تحدثت على منع الاختلاط وليس منع الأطفال في المدارس، حتى في الولايات المتحدة تم تعميم تجرية فصل الذكور على الإناث وأعطت نتائج جيدة»، وفي سؤال لرئيس محكمة الجنايات حول فتواه بتحريم أكل الدجاج، رد المتهم بأن هذا افتراء ولم أصدر أي فتوى بهذا الخصوص، وتم تحريفه لما تحدثت عن عدم ذكر البسملة في المذابح الحديثة .
كان المستوى الدراسي لجميع المتهمين محور تسائل لرئيس المحكمة والنائب العام، والذي يتراوح بين الابتدائي والثانوي، لم يكن المتهم الرئيسي حسب القضاة مؤهلا للفتوى كونه غير مختص، ولا يملك مستوى دراسيا عاليا يمكنه من الإفتاء، أو إعطاء دروس لأتباعه الذين يجلسون في جلساته العلمية، وأجاب المتهم (ب.ي) «أبو حاتم» بأنه حفظ القرآن الكريم، وكان يرغب في دراسة العلوم الشرعية، غير أن المعاهد في الجزائر والدول العربية سواء جامعة الأزهر والزيتونة يشترطون النجاح في شهادة الباكلوريا، وهو توقف عن الدراسة في السنة الثالثة ثانوي، مما جعله يتوجه إلى معهد « الدماج» في اليمن الذي لا يشترط المستوى الدراسي. وعن الفتوى قال بأنه لم يكن يفتي، لكن يتحدث في مسائل شرعية ويرد على بعض الدعاة في الجزائر وعلى رأسهم الشيخ فركوس الذي قال عنه أنه صاحب" أفكار شاذة، ومتناقض في مسائل شرعية، منها جواز بيع الرجال ملابس النساء، وإجازة عادة الاستمناء عند الرجال". من جهته النائب العام، رد على المتهم بأن الشيخ فركوس دكتور ويملك مؤهلا علميا، وشخصية معروفة، يستند على أسس في الفتوى. وتساءل القاضي إن كان استهداف الشيخ فركوس هدفه الشهرة. وأضاف المتهم في مسالة الشهادة العلمية، بأنه استطاع في دار الحديث في «دماج» باليمن، الوصول الى درجة عالية من التحصيل في مجال علم الحديث، ويسعى للحصول على شهادة علمية مستقبلا، تفتح له الطريق لاستكمال الدراسة، مشيرا إلى حصوله على شهادة البكالوريا في السجن شعبة آداب وفلسفة بمعدل 11.37.
وعن الكتاب الذي عٌثر عليه بحوزته لدى توقيفه، صرح بأنه جلب 40 نسخة ألفه في اليمن، تولت دار نشر في مصر طبعه وتوزيعه، قدم بعض النسخ هدايا لمعارفه، وبعض النسخ بيعت بقيمة 800 دج، كما نفى حمل السلاح خلال دراسته في معهد دماج، وأكد بأن المعهد لا يوجد بداخله أي شخص يحمل السلاح.
ونفى المتهم تجنيد أي شخص للالتحاق باليمن أو معهد الدماج، و أضاف بأن له رسائل تحرم الخروج عن أولياء الأمور، والتحذير من داعش، وقال « أنا وطني و والدي غرس في حب الوطن».
بعض المتهمين انكروا معرفتهم بالشيخ « أبو حاتم» وأخرون أكدوا بأنه جارهم بحي حجر الديس بعنابة، وكانوا يلتقون به في المسجد، كما نفوا حضورهم حلقات داخل مستودع، أما الأشخاص ذوي الأصول جزائرية و الذين ولدوا في فرنسا، فأكدوا بأنهم كانوا يطلعون على فتاويه في الأنترنيت، وتعرفوا على أشخاص من عنابة على معرفة بأبي حاتم، وواجهت النيابة متهمين آخرين بمنع أبنائهم من الدراسة في المؤسسات التربوية بناء على فتاوى الشيخ « أبو حاتم»، غير أنهم نفوا ذلك.
حسين دريدح