أدانت محكمة الجنايات بسكيكدة، أمس الثلاثاء، إرهابيا بتهمة الإنخراط في جماعة إرهابية بينما برأت ساحة زوجته وقريبته، في قضية كشف خلالها المتهمون عن طريقة عيشهم في الجبال قبل تسيلم أنفسهم لأفراد الجيش وإندماجهم في المجتمع.
وقضت محكمة الجنايات بمعاقبة المتهم الرئيسي «ف.ب» بثلاث سنوات سجنا موقوفة النفاذ، بينما نطقت ببراءة المرأتين، في حين التمس النائب العام عقوبة ثلاث سنوات سجنا للمتهم الرئيسي وإحالة الحكم لقاضية الجلسة بما تراه مناسبا بالنسبة للمرأتين.
وكشفت محاكمة المتهمين الثلاثة بينهم امرأتان ينحدرون من ولاية قسنطينة عن أمور فظيعة عن طريقة عيشهم رفقة عائلاتهم وأبنائهم وكيفية التحاقهم بالجماعات الإرهابية وقرارهم تسليم أنفسهم وتطليق حياة البؤس والعذاب داخل الكازمات تحت هاجس الخوف اليومي من ملاحقة قوات الجيش الشعبي الوطني.
وصرح المسمى «ف.ب» بأن التحاقه بالجماعات الارهابية كان في 1998 بسبب خلافات ومشاكل وقعت له مع والدته فلم يستطع مواصلة العيش معها فقرر وبمساعدة خاله الصعود إلى الجبل والانخراط في الجماعات الارهابية والبداية كانت في 1998 بمنطقة بني صبيح بالقل، معترفا بأنه تدرّب على استخدام السلاح والمشاركة في عمليات إرهابية سنتي 2004 و2005 بينها كمين للحرس البلدي الذي أسفر عن وفاة إرهابي وجرح ثلاثة آخرين، مضيفا «كنا نجمع الضرائب من أهالي القرى والمداشر وأول شيء تعلمته عند الالتحاق بالجبل هو تعاليم الاسلام مثل الصلاة والزكاة وبعدها التدرب على استخدام السلاح، أما الأولاد فيتم تدريبهم على استخدام السلاح عند البلوغ»، معترفا بمبايعته المكنى أبو بكر البغدادي أمير التنظيم الإرهابي دولة الإسلام في الشام والعراق المعروف بـ»داعش» سنة 2014 وحصوله سنة 2015 على عائدات ارهابية.
بداية التدرب على السلاح في 16 من العمر
وذكر المتهم في تصريحاته بأنه كان مكلفا في بداية الأمر بجمع الضرائب من سكان القرى والمشاتي وبتنقله إلى منطقة لعظايم بالميلية وبعدها إلى العنصر بولاية جيجل، كما تم تكليفه بمهمة الصيد من أجل توفير الأكل وهناك تزوج بالمسماة «م.ف» وأنجب معها ثلاثة أبناء، وأكد بأن معيشتهم تحسنت نوعا من خلال إقامتهم داخل خيم من البلاستيك في مناطق وتضاريس وعرة بأعالي الجبال بخلاف منطقة بوصبيح بالقل أين كانوا يقيمون داخل الكازمات.
وفي سؤال قاضية الجلسة عن مصدر معيشتهم أكد المعني بأنه كان يعتمد على سكان المنطقة وأحيانا أخرى على الأموال التي سلمها له أمير المنطقة نافيا أن يكون تحصل عليها عن طريق ابتزاز المواطنين.
ووصف المعني الحياة داخل الجبال بالقاهرة ولا يمكن تحملها خاصة بالنسبة للأطفال، وقرار تسليم نفسه رفقة عائلته وابنة خالته كان عن قناعة، وبعد تفكير عميق توصل بأنه لا بد من تطليق حياة الغابة رفقة عائلته، نافيا أن يكون ذلك تحت أي ضغط.
وفي إجابته عن سؤال القاضية عن مدى استعداده لاتخاذ نفس القرار لو رجع به الزمن إلى الوراء نفى بشدة وقال بأنه يستحيل أن يتخذ قرار الصعود إلى الجبل بالنظر إلى ما عايشه هناك.
التحقت بالجبل في 9 من العمر وتزوجت في سن 13
أما زوجته «ف. م» فقد أكدت بأنها التحقت بالجماعات الارهابية في 2001 وتزوجت من الإرهابي المسمى (ت.ب) المكنى عبد الرحمان اقماري وأنجبت منه ثلاثة أبناء وبوفاته أعادت الزواج من المتهم في قضية الحال وأنجبت منه ثلاثة أبناء ونفت مشاركتها في أي عملية ارهابية مؤكدة بأن حياتها كانت ترتكز على تربية الأبناء والطهي وفقط ولا مجال للتعليم.
أما قريبته المتهمة (ف. ز) فقد أكدت في تصريحات بأنها التحقت بالجبل في 2001 وتزوجت ثلاث مرات وتوفي أزواجها كلهم، مؤكدة أن التحاقها بالجبل كان بطلب من خالها الارهابي وروت بأنه في إحدى المرات قررت والدتها أخذ جميع أخوتها الثمانية إلى الجبل على متن سيارة نفعية وبوصولهم وجدت خالها في انتظارهم ولم يكن لديها أي خيار للرفض. ومن خلال أطوار المحاكمة ذكر المتهمون أنهم اندمجوا في الحياة الاجتماعية بصورة عادية ولا يوجد أي صعوبة، عكس ما كانوا يسمعون عنه، لكن تبقى مسألة تدريس أبنائهم معطلة بسبب بعض الإجراءات الإدارية المعقدة وقد طلبت منهم قاضية الجلسة التوجه لرئيس محكمة قسنطينة من أجل الحصول على التوجيهات اللازمة لحل القضية.
يذكر أن الإرهابيين الثلاثة قاموا بتسليم أنفسهم رفقة أبنائهم لقوات الجيش في 8 نوفمبر 2018 على مستوى منطقة الشكايل بوادي زهور بالجهة الغربية لولاية سكيكدة وكان بحوزة المتهم الرئيسي سلاح كلاشينكوف وثلاثة مخازن سلاح وخمسة وسبعون طلقة، وستة هواتف نقالة وخمسة شرائح هاتفية.
كمال واسطة