دشن المنتخب الوطني مشاركته في النسخة 30 من العرس الكروي القاري بإنتصار ثمين حققه على حساب جنوب إفريقيا بنتيجة (3 / 1)، في مباراة مجنونة تلاعبت خلالها العناصر الوطنية بأعصاب و مشاعر ملايين الجزائريين، لأنها لم تقدم الشيء الذي كان منتظرا منها، لكن الحظ حالف الخضر و مكنهم من إحراز فوز جعلهم ينجحون في فك عقدة لازمت الكرة الجزائرية على مدار ربع قرن، فضلا عن كسب شحنة معنوية إضافية تحسبا لما تبقى من مشوار، مادام المنتخب الوطني يتصدر المجموعة الثالثة بفارق الأهداف عن السنغال.
المباراة عرفت إنطلاقة حذرة من الجانبين، بمحاولة كل طرف السيطرة على منطقة وسط الميدان، لكن الخطة المنتهجة من المدرب الوطني غوركوف شلت كثيرا خطي وسط الميدان و الهجوم، في ظل الرقابة اللصيقة للاعبي جنوب إفريقيا على حامل الكرة إنطلاقا من الدائرة المركزية، مع البحث عن مساحات في الدفاع، و ذلك بالتوغل على الرواقين و الإعتماد على التمريرات القصيرة، مما وضع المدافعين الجزائريين في حرج، و أجبر الحارس مبولحي على إظهار كامل رشاقته في التصدي لقذفة فالا في الدقيقة 23، قبل أن تصطدم الكرة بالعارضة عوض أن تدخل الشباك.
العناصر الوطنية كانت طيلة الشوط الأول خارج الإطار بسبب تشتت وسط الميدان و بقاء سليماني معزولا في الهجوم، بصرف النظر عن المساحات الكبيرة التي نجح مهاجمو المنافس في صنعها على مستوى الدفاع، لكن الحارس مبولحي تمكن بفضل براعته من إنقاذ مرمى الخضر من هدفين محققين في أواخر المرحلة الأولى.
بداية الشوط الثاني سارت على نفس «السيناريو» لأن تحكم «البافانا بافانا» في زمام الأمور تواصل، و قد نجح فالا من تجسيد هذه السيطرة إلى هدف السبق في الدقيقة 50 بطريقة فنية رائعة بعد تلاعب رفيقه رانتي بثنائي محور الدفاع، و هو الهدف الذي رفع من درجة الضغط النفسي المفروض على العناصر الوطنية، بدليل تواصل الإرتباك و نقص التركيز في الدفاع، مما أرغم ماندي على عرقلة المهاجم فيلاكازي داخل منطقة العمليات، ليعلن الحكم الإيفواري عن ضربة جزاء لصالح جنوب إفريقيا، تولى تنفيذها النجم رانتي، غير أن قذفته إصطدمت بالعارضة الأفقية.
هذه اللقطة كانت بمثابة منعرج المباراة، لأن «فيزيونومية» اللعب تغيرت نسبيا، بخروج العناصر الوطنية من قوقعتها و قيامها برد فعل في محاولة لتعديل النتيجة، سيما بعد التغييرات التي قام بها غوركوف، و ذلك بإقحامه الثنائي بلفوضيل و تايدر، لتحمل الدقيقة 67 هدفا للمنتخب الجزائري أمضاه بنيران صديقة المدافع الجنوب إفريقي هلاتشيو بالخطأ في مرمى زميله دارين كييت بعد فتحة عرضة ميليمترية من براهيمي، لينجح الخضر في العودة من بعيد جدا في هذه المواجهة، على إعتبار أن آداء التشكيلة الوطنية تحسن، بعد التعديل في تركيبة خط الوسط، و ذلك بسد الفراغات أمام المهاجم الخطير رانتي على الجهة اليسرى، و لو أن الحظ كان مرة أخرى إلى جانب الجزائر في الدقيقة 73 بعد فتحة عرضية من فغولي صوب منطقة العمليات أخطأ المدافع كاراكازي في قراءة مسارها، الأمر الذي إستغله غولام الذي تحرر من المراقبة على مستوى القائم الثاني و سدد من زاوية شبه ميتة، لكنه نجح في مخادعة الحارس كييت.
فصول هذا «السيناريو» الهيتشكوكي تواصلت، لأن بحث «الأولاد « عن تعادل مستحق بالنظر إلى المردود الجيد الذي قدموه قابله الهجوم الجزائري بمرتدات بنيت بالأساس على العمل الفردي، و تمكن سليماني بقذفة من خارج منطقة العمليات من توقيع الهدف الثالث إثر فشل الحارس في التصدي للكرة، ليقضي بذلك على آمال «البافانا بافانا» في إحراز نقطة، رغم أنهم كانوا قد أهدروا فرصة تحقيق إنتصار.
هذه النتيجة جعلت الخضر يحققون الأهم بفك عقدة المباراة الأولى و التي لازمتهم على مدار ربع قرن، لكن المردود المقدم سواء جماعيا أو فرديا يحتم على المدرب غوركوف معالجة النقائص، لأن المنتخب الوطني لم يظهر الشيء الذي يتماشى و مستواه «العالمي»، فضلا عن كونه المرشح الأول على الورق للتتويج باللقب القاري.
ص / فرطــاس