أحدث الوثائقي الذي عرضته مؤخرا القناة الخامسة الفرنسية حول الحراك في الجزائر ضجة وردود أفعال عديدة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي التي استهجنت ما تضمنه الفيلم الوثائقي، وأجمعت التغريدات على كونه تشويها لمسار الحراك والمساس بكل ما يرمز إلى مستوى وعي وثقافة الشعب.
وعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد الاطلاع على فحوى الفيلم الوثائقي إلى شعارات رفعها المشاركون في مسيرات الجمعة، أو الحراك الشعبي عبر مختلف ربوع الوطن، وكانت جميعها تعبر عن رفض أي تدخل أجنبي في شؤون الجزائر، وأن الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد لا يحلها سوى الجزائريون فيما بينهم.
كما اتهم رواد في شبكات التواصل الاجتماعي القناة الفرنسية بمحاولة تشويه الحراك والشباب والمجتمع الجزائري ككل، لأن الفيلم أظهر الشباب بصورة أشخاص منزوعي الأخلاق ويعانون من الكبت، وفق ما جاء في عدد من المنشورات، التي استهجنت بشدة الروبورتاج وتساءلت عن سبب برمجته في هذا الوقت بالذات، ولماذا تناول الحراك من هذا المنظور، بطريقة لا تمت بصلة إلى مستوى أخلاق وثقافة الشباب الجزائري، الذي أثبت حسب كثير من التغريدات، درجة عالية من الوعي خلال الحراك، ولم يجنح إلى العنف أو التخريب والتكسير والمساس بالممتلكات العامة، وظل يردد شعار «سلمية سلمية» إلى غاية انفراج الأزمة وإيصال البلاد إلى بر الأمان.وراح مغردون إلى أبعد من ذلك ودعوا مختصين في النقد السينمائي والإعلاميين ذوي الخبرة والتجربة لمناقشة وتحليل العمل الوثائقي من الناحية الفنية والإعلامية، وتساءلوا عن كيفية وظروف إعداد العمل، ومن قام بتصوير لقطات من الحراك دون ترخيص من قبل السلطات المعنية، وعلى أي أساس تم انتقاء المتدخلين، ولماذا تمحور العمل على زاوية المطالبة بالحريات الفردية خارج إطار عادات وتقاليد المجتمع الجزائري. وجزم كثيرون بان العمل لم يكن الغرض منه سوى تشويه الحراك والشباب الجزائري، وأنه كان دون المستوى، وقلل آخرون من شأنه رافضين أن يمنح أكثر من حقه من ردود الأفعال والنقد، مؤكدين بأن سيادة الجزائر واستقلالها هي خطر أحمر لا يسمح لأي كان تجاوزه، كما دافعوا عن عراقة الشعب الجزائري ونضاله المرير عبر مختلف الحقب التاريخية من أجل سيادته، متمسكين بنجاح الحراك في إسقاط رموز النظام السابق، وطي صفحة الماضي وإدخال البلاد في عهد جديد.
وعكس ما كان يتوقعه البعض من تقزيم للحراك وتشويه للمشاركين فيه، أدى الفيلم الوثائقي إلى جمع شمل الجزائريين وتمسكهم أكثر من أي وقت مضى بالنضال والكفاح من أجل سيادة واستقلال الجزائر، ولكي تحيا مزدهرة متطورة رغم كيد الكائدين، ودعا مغردون السلطات الفرنسية إلى نشر التجاوزات التي طالت أصحاب السترات الصفراء في شوارع باريس، خلال الاحتجاجات العارمة التي شهدتها فرنسا السنة الماضية احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية.
وقال رواد شبكات التواصل إن الفيلم الوثائقي الذي حمل عنوان « روبورتاج في قلب الشباب الجزائري محرك الحراك»، أراد اختصار الحراك «في فئة شاذة تخص طالبي الحرية الجنسية والدينية التي لا تمت بصلة للمجتمع الجزائري»، معتبرين ذلك هو مجرد محاولة يائسة وبائسة للنيل من سلمية الحراك الذي أبهر العالم بأسره، وبين درجة وعي الشباب الجزائري وتمسكه بمبادئ الحرية والديمقراطية في إطار الحفاظ على وحدة وتماسك الأمة.
لطيفة بلحاج