كشف رئيس مكتب الوقاية ومكافحة الحرائق بالمديرية العامة للغابات رشيد بن عبد الله أمس عن تسجيل 882 حريق منذ الفاتح جوان مست 24 ولاية، أتت على 4277 هكتار من الغابات والأحراش والأدغال، أغلبها كانت بفعل فاعل، مما استلزم تحرير محاضر وإحالة المتورطين على العدالة.
وأفاد المسؤول بالمديرية العامة للغابات في تصريح «للنصر» بأن مصالحه أحصت منذ أول جوان الماضي 882 حريق، نجم عنها تضرر مساحات شاسعة من الغابات والأحراش والأدغال تمتد على 4277 هكتار، حيث شهدت تلك الفترة نشوب 15 حريقا يوميا، لترتفع الوتيرة في الأيام الأخيرة وتصل إلى 63 حريقا في اليوم، بفعل ارتفاع درجات الحرارة التي تعد عاملا مساعدا على انتشار رقعة الحرائق واستمرارها.
وتتمثل أهم المناطق المتضررة من سلسلة الحرائق في كل من تيزي وزو وبجاية وسطيف وتيارت، سجلت في مجملها 63 حريقا تم إخماد 35 منها من بينها حرائق ولاية تيارت التي كانت الأكبر، في حين تتواصل العملية لإطفاء باقي الحرائق باستعمال كافة الأجهزة المتوفرة لدى مصالح الغابات والحماية المدنية، التي تعد العنصر الفعال في إخماد النيران، لأن تدخل مصالح الغابات يكون في البداية عند اكتشاف الحريق في انتظار التحاق الرتل التابع لمصالح الحماية المدنية. ونفى المصدر أن يكون للحرائق الأخيرة التي تشهدها عدد من المناطق علاقة ب» مافيا الفحم» لتزامنها مع الإعداد للاحتفال بمناسبة عيد الأضحى، لأن من يحترفون هذه المهنة قاموا بعملهم واعدوا المخزون منذ فترة، وفق المصدر، مؤكدا بأن التحريات وبشهادة سكان المناطق المتضررة من الحرائق أكدت تورط أشخاص في نشوب عديد منها في الغالب بغير قصد، لا سيما بالمناطق الجبلية حيث يقوم السكان سنويا بتنظيف محيط سكناتهم وإزالة الأعشاب وحرقها، لتحدث بعدها الكارثة بفعل انتشار النيران، لاسيما وأن أغلب من يقوم بهذه المهام من المسنين ، على غرار الحريق الذي سجلته ولاية تيزي وزو بعد أن أقدمت عائلة على حرق الأعشاب المحيطة بمقر إقامتها.
أغلب الحرائق تسبب فيها قاطنو المناطق الغابية
وتأسف المتحدث لتضرر مساحات هامة من الغابات بسبب عدم الوعي واللا مبالاة، كإضرام النيران من طرف قاطني الغابات بالمناطق الجبلية دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، منها وضع شريط وقائي للحد من توسع الحريق إلى مساحات محاذية، وفي رده عن سؤال عما إذا كانت مصالح الغابات حررت محاضر ضد المتسببين في هذه الكوارث حتى وأن كانت من دون قصد، أكد المصدر بأنه فور وقوع حرائق وتنقل الأعوان إلى عين المكان لإخمادها يتم إعداد محاضر حول ملابسات الحادث، ورفعه إلى مصالح الأمن التي تحيل بدورها الملفات على العدالة للفصل فيها، خاصة الحرائق التي تأتي على مساحات كبيرة.
وكشف السيد بن عبد الله عن رفع أزيد من 1000 دعوى قضائية منذ بداية الحجر الصحي ضد أشخاص ضبطوا في حالة تلبس، وهم يقطعون جذوع الأشجار ويتلفون النباتات ويقومون بأفعال عدة مضرة بالطبيعة وبالثروة الغابية، مستغلين غياب أعوان الغابات الذين تم تجنيدهم جميعا، أي 2400 عون للمساهمة في عمليات التعقيم والتطهير التي مست عديد الفضاءات والمرافق للحد من انتشار جائحة كورونا.
وأضاف المتحدث بأن الوسائل اللوجستية التابعة لمصالح مديريات الغابات سخرت أيضا لتعميم عمليات التعقيم، منها شاحنات إخماد الحرائق وكذا المضخات التي تحمل على الكتف، لكن للأسف مواطنين استغلوا هذا الفراغ لارتكاب جرائم في حق الطبيعة بعيدا عن أعين الرقابة، مما ينم عن قلة الوعي وعدم إدراك القيمة الحقيقية للثروة الخضراء.
وبحسب المسؤول بالمديرية العامة للغابات، فإن الخسائر المترتبة عن الحرائق المهولة المسجلة مؤخرا لا يمكن تقديرها ماديا، لأن الاشجار والنباتات ثروة لا تقدر بثمن، وإعادة إحيائها وتجديدها يتطلب سنوات من العمل وكثير من العناية والوعي، مناشدا السلطات لتمكين مصالحه من الوسائل اللازمة للتحكم في الوضع، من بينها طائرات «درون» لمراقبة كافة المساحات الغابية والأحراش والأدغال، واكتشاف الخروقات التي تطال الطبيعة في حينها، معتقدا بأنه بمجرد أن يدرك الأشخاص بأن المكان تحت المراقبة، سوف يتوقفون عن انتهاك حرمة الطبيعة خشية من أن تطالهم الإجراءات العقابية.
لطيفة لحاج