• الجزائر لن تسمح باستخدام أراضيها لصالح أطراف أجنبية
أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة، عمار بلحيمر، أن الجزائر ترفض أي تدخل خارجي أو عسكري في ليبيا، مضيفا أن القضية الليبية قضية “تخص الليبيين وحدهم”، وأبدى الوزير ترحيب الجزائر بأي مبادرة هدفها لم الشمل المغاربي، وقال إن الجزائر لا تلتفت لمحاولة تعكير الجو بين الشعبين المغربي والجزائري الشقيقين، وبشأن النزاع القائم في المتوسط، قال بلحيمر بأن الجزائر لن تكون طرفا في حرب مبنية على المصالح، لتفكيك دول المنطقة تحت غطاء محاربة الإرهاب.
تحدث وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر، في حوار لوكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك» عن عديد الملفات والقضايا الوطنية والإقليمية وكذا الدولية، منها العلاقات الجزائرية الروسية التي وصفها بأنها «متميزة»، وتحدث بلحيمر عن مجمل الأوضاع الوضع الداخلي وكذا ما يتعلق بالأزمة الليبية والتهديدات المرتبطة بالأزمة الدائرة هناك وقضية فلسطين.
على الصعيد الداخلي رد الوزير على سؤال بخصوص الاستعدادات للاستفتاء على الدستور، بالقول إن تعديل الدستور مطلب جوهري للمجتمع الجزائري بهدف تحقيق الإصلاح المنشود و تغيير منظومة الحكم، مضيفا بان عملية التشاور مع جميع الأطراف أخذت كل الوقت من أجل الإلمام بجميع المسائل التي يمكنها أن تسهم في بناء جزائر جديدة، لطالما حلم بها الشهداء و أحفادهم من أبناء هذا الوطن. وأكد وزير الاتصال أن عملية إثراء هذه الوثيقة متواصلة إلى غاية أن يصل المشروع مرحلة النضج القانوني و السياسي و الاجتماعي، و تتكامل أركانه قبل عرضه على الشعب من أجل الاستفتاء بالقبول أو الرفض.
الجزائر عانت اقتصاديا من جائحة كورونا
كما تطرق الوزير إلى التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا، حيث أكد الوزير بلحيمر، أن الجائحة أثرت سلبا على أداء الاقتصاد الوطني ما دفع الحكومة إلى تعليق مشاريع، باستثناء المشاريع الحيوية التي لا تزال متواصلة ولو بوتيرة أخف، موضحا بان الحكومة تنتهج رؤية جديدة من أجل إعادة بعث النشاط الاقتصادي، وبحث آليات جديدة لتطويره بالتصدير خارج المحروقات وخلق اقتصاد جديد قائم على التنوع وخلق ثروة مستدامة.
وأكد وزير الاتصال، أن «الدولة الجزائرية لم تتوان ولو للحظة في اتخاذ الإجراءات المناسبة للتخفيف من آثار الجائحة، سواء تعلق الأمر بالجانب الصحي أو الاجتماعي أو الاقتصادي». وشدد الوزير على أهمية مواجهة الوباء، وقال «لا يمكن التردّد أو الاستسلام أمام وباء يفتك بأرواح الجزائريين وفي العالم بأسره». وأضاف قائلا «أرواح الجزائريين يجب أن تُحمى مهما كلّفنا الثمن مالياً وغير مالي وهو ما تجلى من خلال تجند الجيش الوطني الشعبي بكافة إمكانياته في جلب وتقديم المساعدات الطبية لكافة المتضررين من هذا الوباء».
حقل الإعلام الموروث هو حقل خراب
وزير الاتصال تحدث عن واقع القطاع الذي يشرف على تسييره، واعتبر بأن «حقل الإعلام الموروث هو حقل خراب ودمار»، وأكد بان كل حلقة من حلقات الاتصال في حاجة إلى تطهير، من أجل الإسهام عمليا في المجهود الجماعي و المساهمة الفعالة في توفير الظروف الكفيلة، التي تسمح بتنظيم أفضل للقطاع، معرجا على ورشات الإصلاح التي أطلقتها الوزارة والتي تمس مختلف الجوانب في قطاع الإعلام أبرزها مراجعة الإطار التشريعي و التنظيمي لقطاع الاتصال والمهنة، وإنشاء سلطة ضبط الصحافة المكتوبة، مراجعة الإطار القانوني للقنوات التلفزيونية الخاصة، تنظيم قطاع الإشهار و تنظيم نشاط وكالات الاتصال. كما أشار الوزير إلى سلسلة اللقاءات مع الصحفيين و المراسلين الأجانب المعتمدين في الجزائر، ومنحهم رخص الاعتماد بغية ممارسة عملهم بكل أريحية ومهنية.
التقارب مع المغرب دون المساس بالمبادئ الأساسية للدبلوماسية
وحول موقف الجزائر من “مبادرة من الملك محمد السادس بشأن تصفية الخلافات” بين البلدين و”إمكانية تقارب حقيقي” ثنائي، رد الوزير بأن الجزائر “ترحب بأي مبادرة هدفها البناء ولم الشمل” وباعتماد “أسلوب الحوار والطرق المشروعة بكل شفافية، مع احترام خصوصية كل بلد وسيادته، دون المساس بالمبادئ الأساسية للدبلوماسية الجزائرية المبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد”.
وحرص الوزير على التذكير بأن “المغرب بلد جار وشقيق”، تربطه مع الجزائر “علاقات لها عمقها التاريخي والحضاري” و بأن البلدين يملكان “هدفا مشتركا” من خلال “الوصول إلى بناء صرح مغاربي موحد بتوفير جميع الشروط طالما أن الإرادة السياسية لقادة البلدين موجودة ومصيرنا مشترك في ظل التحديات الراهنة، خاصة ما تعيشه المعمورة بسبب تداعيات الأزمة الصحية”.
وتابع بأن الجزائر “لا تلتفت لأي محاولة لتعكير الجو بين الشعبين المغربي والجزائري الشقيقين” باعتبار أن الغاية الأسمى هي “حشد الطاقات وشحذ الهمم لبناء اتحاد مغاربي قوي نحمي فيه مصالحنا، وندافع عن وحدتنا”. وأضاف بأن هذا المسعى يتم في “ظل الاحترام التام للمواثيق الدولية وقرارات المجتمع الدولي، لحماية الشعوب وإعطاءها حقها في تقرير مصيرها” مثلما هو الحال بالنسبة للقضية الصحراوية.
نرفض الحل العسكري في ليبيا وتركيا بلد شريك
وبخصوص الملف الليبي، قال وزير الاتصال، بان القضية الليبية قضية تخص الليبيين وحدهم، واعتبر بأن أمن الليبيين من أمن الجزائر، مجددا الدعم لكل المساعي التي تجمع الليبيين على طاولة واحدة و توحد صفوفهم وتحافظ على وحدتهم الترابية، واعتبر وزير الاتصال أن عودة ليبيا إلى الساحة الدولية وتخلصها من آفة الإرهاب سيعطي دفعا مشروعا للاتحاد المغاربي، الذي هو من بين الأهداف المسطرة في بناء الجزائر الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وجدد الوزير بلحيمر، رفض الجزائر لأي تدخل خارجي أو عسكري ينسف كل الجهود السياسية المبذولة لأجل استرجاع ليبيا لليبيين، وقال بأن التنسيق الذي يجري بين الجزائر وتونس هدفه سد المنافذ أمام الجماعات الإرهابية، التي تحاول ضرب استقرار المنطقة على اعتبار أن البلدين من دول الجوار الليبي من جهتها الغربية.
أما عن حقيقة وجود تنسيق بين الجزائر وتركيا بشأن ليبيا, ذكر الوزير بلحيمر بأن تركيا, قبل كل شيء, بلد شريك للجزائر، خاصة من الناحية الاقتصادية، تربطها معه “علاقات قوية” لها جذورها في التاريخ، موضحا أن الجزائر “تسعى دائما إلى البحث عن حلول للأزمة بالتشاور مع جميع الدول التي يمكنها أن تقدم مقترحات في الاتجاه الإيجابي، من أجل انتشال ليبيا من نزيف الحرب والاقتتال الذي تعيشه”.
وبشأن النزاع القائم في المتوسط وإمكانية أن “تسمح الجزائر باستخدام أراضيها لصالح أطراف أجنبية”، أكد الوزير أن الجزائر، وانطلاقا من مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، “ترفض أي شكل من أشكال محاولات المساس بالسيادة الوطنية، واستعمال منطق القوة بالمنطقة تحت أي ذريعة من الذرائع”. وأضاف بأن الجزائر “لا تريد أن تكون طرفا في حرب مبنية على المصالح، تختبئ وراءها الأطماع لتفكيك دول المنطقة تحت غطاء محاربة الإرهاب، أو تتبع آثار الجماعات المسلحة”.
وعن ظاهرة تنامي الجماعات الإرهابية في الساحل والصحراء ومدى خطورتها على الأمن القومي للجزائر، لفت السيد بلحيمر إلى أن الجزائر تعد أول دولة واجهت الإرهاب سنوات التسعينات وهو ما جعلها تملك “خبرة واسعة في مكافحة هذه الظاهرة العابرة للأوطان والقارات”، بالإضافة إلى العمل الميداني لمختلف الأسلاك الأمنية وجهود الدبلوماسية من أجل محاصرة هذه الآفة عبر العالم.
العلاقات مع روسيا «متميزة»
وعن واقع العلاقات الثنائية مع روسيا, أوضح السيد بلحيمر أنها “علاقات متميزة جدا كانت ولازالت دوما تتسم بالتعاون المشترك” و بأنها “علاقات ودية، أخوية وإستراتيجية”. ولفت إلى أن الأزمة الصحية التي تعصف بالعالم منذ أشهر جراء جائحة كورونا كشفت عن “جودة ومتانة” العلاقات الجزائرية-الروسية من خلال المساعدات الطبية التي أرسلت للجزائر.
وبخصوص القضية الفلسطينية، ذكر الوزير مرة أخرى بأنها من “ثوابت السياسة الخارجية للجزائر” وبأن “الجزائر شعبا وحكومة مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”. و قال:” نحن مع كل موقف أو مبادرة تخدم السلطة الفلسطينية، وتحمي أرضها وحقوقها، ونجدد التزامنا بالدفاع عن القضية الفلسطينية في جميع المواقف والمناسبات”.
ع سمير