أكد المحلّل الاقتصادي الدكتور عبد القادر بريش، أمس أن مشروع تعديل الدستور، المعروض على الاستفتاء في الفاتح نوفمبر القادم، يكرّس ويعزّز آليات الحوكمة الاقتصادية ومحاربة الفساد فضلا عن المساهمة في أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية.
وقال الأستاذ بريش في حديث للنصر إن تعزيز آليات الحوكمة الاقتصادية تتجلى من خلال دسترة عدة أقضايا متعلقة بالشق الاقتصادي، بدءا بتبني النظام الاقتصاد الحر، أو اقتصاد السوق، و ضمان حرية الاستثمار والتجارة والمقاولة، إلى جانب تحرير المبادرة الخاصة في الفعل الاقتصادي، وإبقاء التكفل بجوانب الرعاية الاجتماعية على عاتق الدولة كعامل مشجع.
وثمن المتحدث بالمناسبة، "حرص مشروع التعديل الدستوري، على عدم التفرقة بين القطاعين الاقتصاديين العمومي و الخاص، و إعطاء أهمية خاصة للتنمية المستدامة، وتوفير ميكانيزمات تسمح بالاستغلال الأمثل للموارد المائية وموارد الطاقة التقليدية والطاقات المتجددة، مع الحرص على استدامتها بما في ذلك الطاقات المتجددة، لتغيير واقع الأجيال القادمة للأفضل، مع التأكيد على ضرورة الحرص على المحافظة على البيئة".
كما ثمن الدكتور بريش، ما ورد في مشروع تعديل الدستور سيما "تحديد وبوضوح دور الدولة في تنظيم التجارة الخارجية، وتنظيم الأسواق و المنافسة وسلطات ضبط الاقتصاد"، مشيرا إلى الأهمية القصوى لتحديد المشروع بأن ملكية الأراضي الفلاحية، تبقى للدولة.
وبخصوص موضوع الحوكمة ودورها في محاربة الفساد، أبرز الأهمية الكبرى التي أعطاها الدستور المعدل المعروض على الاستفتاء لمجلس المحاسبة باعتباره هيئة دستورية رقابية يسهر على رقابة صرف المال العام وآلية هامة من آليات الحكومة الاقتصادية، خاصة وأن مجلس المحاسبة المنصوص عليه في المادة 199 من الوثيقة المعدلة – يضيف - هو، مؤسسة عليا مستقلة للرقابة على الممتلكات و الأموال العمومية، والمكلف بالرقابة البعدية على أموال الدولة والجماعات الإقليميّة والمرافق العمومية، وكذلك رؤوس الأموال التجارية التابعة للدولة.
كما تكمن أهمية هذا المجلس – يضيف الدكتور بريش، في كونه يساهم في ترقية الحكم الراشد والشفافية في تسيير الأموال العمومية وإيداع الحسابات.
من جهة أخرى أبرز الأستاذ عبد القادر بريش الأهمية الكبرى أيضا في دسترة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، كمؤسسة مستقلة والواردة في نص المادة 204 من مشروع التعديل، كونها تتولى مهام في غاية الأهمية وهي " وضع إستراتيجية وطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته والسهر على تنفيذها ومتابعاتها، وجمع ومعالجة وتبليغ المعلومات المرتبطة بمجال اختصاصها ووضعها في متناول الأجهزة المختصة، فضلا عن مهمة إخطار مجلس المحاسبة والسلطة القضائية المختصة كلما عاينت وجود مخالفات، وإصدار أوامر عند الاقتضاء للمؤسسات و الأجهزة المعنية".
وتبرز أهمية هذه السلطة يضيف المتحدث لكونها تساهم في تدعيم قدرات المجتمع المدني والفاعلين الآخرين في مجال مكافحة الفساد فضلا على "متابعة وتنفيذ ونشر ثقافة الشفافية والوقاية ومكافحة الفساد" وكذا " إبداء الرأي حول النصوص القانونية ذات الصلة بمجال اختصاصها، والمساهمة في أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية، الحكم الراشد والوقاية ومكافحة الفساد، وهو ما يعتبره المتحدث من أهم آليات الحوكمة والحد من الفساد المالي والإداري.
وفي سياق ذي صلة أشار المتحدث أيضا إلى أهمية دسترة إحدى الآليات الهامة والمتمثلة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي باعتباره هيئة استشارية ترافق الحكومة والسلطات العمومية في تقييم السياسات العمومية وباعتباره آلية للحوار والتشاور لكافة الفاعلين في الحقل الاقتصادي و الاجتماعي وفعاليات المجتمع المدني وانخراطهم في الفعل التنموي سواء على المستوى الاقتصادي الوطني أو على مستوى التنمية المحلية من خلال الحرص على تنمية وتعزيز آلية الحكامة المحلية المبنية على المقاربة التشاركية.
ع.أسابع
