الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

سمحت بمحاصرة انتشار الوباء وحماية الصحة العامة: التدابير الوقائية الاستباقية تجنب الجزائر خطر فيروس كورونا

 
لا يختلف اثنان على أن 2020 كانت سنة مكافحة وباء كورونا، الذي غير حياة البشرية، وقلب سياسات الدول فأصبح شغلها الشاغل التغلب على الفيروس، ورغم أن الوضعية الوبائية في الجزائر لم تكن كارثية، إلا أن جل التدابير المتخذة من الدولة كانت تتمحور حول حفظ صحة المواطن وضمان العلاج، في ظل استمرار نشاط القطاعات الحيوية من بينها التعليم.  
ويعود أول ظهور لفيروس كورونا في الجزائر إلى شهر ديسمبر  2019، غير أن انتشاره بشكل مقلق كان في سنة 2020 التي يمكن وصفها بعام التصدي لوباء كوفيد 19 من طرف السلطات العمومية، مما سمح بتجنب الكارثة والعودة التدريجية إلى الحياة العادية في ظل إجراءات وقائية صارمة، أضحت مع مرور الوقت جزءا أساسيا من يوميات الجزائريين.
لجنة خبراء لتتبع تطور وباء كورونا
وكانت أول قرار اتخذته الوزارة الأولى تطبيقا لتوصيات رئيس الجمهورية، استحداث اللجنة العلمية لرصد ومتابعة انتشار فيروس كورونا، بتاريخ 22 مارس الماضي، وتم تعيين الدكتور جمال فورار ناطقا رسميا لها، وسهرت هذه الهيئة منذ تنصيبها على تتبع  تطور الوضعية الوبائية واقتراح التدابير الوقائية، والتنسيق مع جميع القطاعات الوزارية لضبط البروتوكول الصحي الملائم لكل قطاع، ضمانا لاستمرار الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدماتية في ظل حماية الصحة العامة.
وتحولت الندوات الصحية التي تعقدها اللجنة يوميا بمقر وزارة الصحة لتقديم آخر الحصائل المتعلقة بتطور الوباء، إلى موعد هام ينتظره الجزائريون للاطلاع على الوضع، كما كانت الأرقام التي تقدمها اللجنة تتداول.
وأمام التطور المقلق لانتشار وباء كورونا، الذي اقتصر بداية على البليدة التي سجلت أول حالة إصابة وكان ذلك في 25 فيفري، عقب زيارة قام بها مغترب قدم من فرنسا إلى أقاربه  بالولاية، قبل أن تتوسع العدوى إلى ولايات مجاورة ثم بأغلب مناطق الوطن، ليتم اتخاذ قرار الحجر المنزلي الكلي على البليدة التي تحولت فيما بعد إلى بؤرة للوباء، وإلى منطقة منكوبة حظيت بدعم ومساندة من الحكومة ومن الخيريين من خلال المساعدات التي استفاد منها سكان المنطقة.
توسع الوباء يفرض تعليق الدراسة وغلق المساجد وفرض الحجر المنزلي
ولم تتأخر اللجنة العلمية في اقتراح التدابير اللازمة للتحكم في الوضع خلال المرحلة الأولية لانتشار الوباء، عبر رفع مقترح لرئيس الجمهورية بفرض حجر جزئي لتفادي الذروة، وكانت الحكومة قبل ذلك وتنفيذا لتعليمات الرئيس، أمرت بمنح إجازة مدفوعة الأجر ل 50 بالمائة من موظفي كل مؤسسة وإدارة عامة، واعتماد العمل عن بعد، مع منح الأولوية للنساء الحوامل والمرضى المزمنين واللواتي يربين أطفالا للاستفادة من الإجراء.
وبأمر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تقرر الغلق الفوري للمؤسسات التعليمية والجامعات ومعاهد التكوين المهنية تاريخ  12 مارس، إلى جانب مدارس التعليم القرآني والزوايا وأقسام محو الأمية ورياض الأطفال، والمؤسسات التعليمية الخاصة، للوقاية من انتشار الفيروس، كما تم خلال نفس الشهر حظر النقل الجماعي وما بين الولايات، لتتوقف حركة القطارات والتراموي والميترو وسيارات الأجرة، لمنع انتقال العدوى، إلى جانب تعليق النقل الجوي والبحري، اعتبارا من تاريخ 19 مارس.
وفي إطار نفس الإجراءات الوقائية أعلنت وزارة الشؤون الدينية عن غلق المساجد ودور العبادة مع الحفاظ على شعيرة الآذان، وكان ذلك يوم 17 مارس، ليتقرر يوم 27 من نفس الشهر توسيع الحجر الجزئي إلى 11 ولاية إلى جانب البليدة بناء على مقترحات اللجنة العلمية، مع الإعلان عن إجراءات عقابية صارمة ضد المخالفين لقواعد الحجر المنزلي، ومن يرفض الامتثال لوصفات العلاج الصحي الطبي، وتمثلت في عقوبة الحبس من شهرين إلى ستة أشهر، وتسديد غرامة مالية ما بين 20 ألف و100 ألف دج.
ولم يمنع الظرف الصحي الصعب الذي عاشته البليدة الوزير الأول عبد العزيز جراد من القيام بزيارة ميدانية للمنطقة للاطلاع على أوضاع المواطنين وظروف التكفل بالمصابين، وكان ذلك يوم 30 مارس، وقال حينها «إننا لن نتخلى عن أي أسرة جزائرية»، ما بعث الطمأنينة في نفوس سكان الولاية، لا سيما بعد أن توالت القوافل التضامنية محملة بشتى أنواع المؤونة للتخفيف من تداعيات الحجر الصحي، الذي تم توسيعه في الفاتح من أفريل إلى 15 ولاية، من الساعة السابعة مساء إلى السابعة صباحا.
ودعت الوزارة الأولى الولاة إلى تسخير التجار لضمان التموين المستمر بالمواد الغذائية، مع توفير ظروف نقل المستخدمين للحفاظ على استمرار النشاط الاقتصادي والخدماتي والإدارات، في إطار الإجراءات الوقائية المنصوص عليها، إلى جانب منح تراخيص استثنائية للتنقل في أوقات الحجر لضمان استمرار نشاط نقل البضائع والسلع.
واستمرت إجراءات تمديد الحجر الصحي الجزئي بناء على التقارير التي كانت ترفعها اللجنة العلمية بانتظام إلى السلطات العليا، وكان لذلك تأثير جد إيجابي على الوضع الصحي العام، من خلال استقرار الوضعية الوبائية وتراجع الإصابات، وضمانا للتباعد الاجتماعي، كانت الوزارة الأولى قد أصدرت بداية شهر ماي قرارا بالغلق المؤقت لقائمة من الأنشطة التجارية، كالمقاهي وقاعات الحلاقة، والمطاعم ومحلات الأكل السريع، وكذا الأسواق والفضاءات التجارية الكبرى، وتزامن ذلك مع الاستعداد للاحتفال بمناسبة عيد الفطر، الذي شهد منعا تاما لمختلف وسائل النقل الخاصة والعامة، مع حظر تام للتجمعات العائلية وزيارة المقابر، واستمرت أغلب هذه الإجراءات إلى غاية بداية شهر جوان.
وأمام استحالة استكمال الموسم الدراسي والجامعي وكذا الخاص بقطاع التكوين المهني، قررت الوزارات المعنية اختتام السنة وتأجيل إتمام ما تبقى من البرامج إلى شهر سبتمبر، كما قررت وزارة التربية إلغاء شهادة التعليم الابتدائي وتأجيل امتحانات شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا.
أولى قرارات الخروج التدريجي من الحجر الصحي
 في اجتماع للحكومة المنعقد يوم 4 جوان تقرر رفع الحجر جزئيا على قائمة من الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخدماتية ابتداء من 14 من نفس الشهر، وتزامن الإجراء الذي لقى ترحيبا واسعا من المواطن مع حلول الصيف، وتحسن واضح للوضع الصحي، الذي كان يحظى دائما بمتابعة يومية من قبل السلطات العليا للبلاد وكذا اللجنة العلمية، التي اقترحت أيضا تخفيف توقيت الحجر الصحي على 29 ولاية، ورفعه تماما عن 19 ولاية أخرى، إلى جانب رفع العمل بالعطلة الاستثنائية لفائدة 50 بالمائة من مستخدمي القطاعين العمومي والخاص، ومستخدمي الإدارات والمؤسسات العامة، مع الحفاظ على نفس الإجراءات الوقائية الصارمة، سيما ما تعلق بارتداء الكمامة واحترام مسافة التباعد الاجتماعي. وخشية استغلال المواطنين للإجراءات التخفيفية في تنظيم الحفلات والمناسبات العائلية، أمرت الحكومة المجالس البلدية ومصالح الأحوال المدنية بتجميد تسجيل عقود الزواج، لمنع إقامة الأعراس والولائم وكان ذلك يوم 6 جويلية، بعد أن وقفت اللجنة العلمية على عودة منحنى الوباء إلى الارتفاع بسبب التجاوزات والخروقات التي طالت إجراءات الحجر وكذا البروتوكول الصحي.
فتح المساجد والشواطئ وفضاءات التسلية بشروط
وشكل إعادة فتح المساجد حدثا بارزا بالنسبة لعامة الجزائريين، وأصبح 15 من أوت تاريخ لا ينسى خلال سنة 2020، رغم أن الإجراء اقتصر بداية على المساجد التي تستوعب 1000 مصل، كما تم أيضا اتخاذ قرار فتح الشواطئ ابتداء من نفس التاريخ وكذا فضاءات التسلية والترفيه، ورفع الحجر المنزلي الجزئي عن 19 ولاية، الذي بلغت فيه الإصابات مستويات جد متدنية، مع تقليص عدد الولايات المعنية بالحجر الجزئي من 29 إلى 18 ولاية فقط.
وبموجب التقارير اليومية التي كانت ترفعها اللجنة العلمية للحكومة، تم تكييف إجراءات الحجر الصحي بحسب تطور الوضعية الوبائية في كل ولاية، عبر إعادة النظر في ساعات الحجر، وقائمة الأنشطة المسموح بممارستها، من بينها النقل الجماعي الحضري الذي تم منعه أيام العطل الأسبوعية للحد من حركة التنقل والتجمعات العائلية.
عودة منحنى الإصابات إلى الارتفاع ...وتشديد آخر في التدابير الاحترازية
في نهاية شهر جويلية، وبسبب التراخي ولا مبالاة المواطنين عاد عدد الإصابات اليومية للارتفاع، وجابهت الوزارة الأولى الوضع بحزم فقررت غلق المنافذ المؤدية إلى العاصمة وبومرداس مع تمديد الحجر المنزلي على 29 ولاية، ومع بداية شهر أوت تم تعديل توقيت الحجر الصحي بالولايات المعنية من الساعة 11 ليلا إلى 6 صباحا.
 وتزامن القرار مع التحضير لانطلاق الامتحانات الرسمية، أي شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط التي تم تنظيمها شهر سبتمبر المنصرم تحت إجراءات مشددة، وكان ذلك بمثابة تحدي بالنسبة لوزارة التربية التي نجحت في تنظيم الموعدين دون تسجيل مشاكل أو بؤر جديدة للوباء، وكانت نسبة النجاح في الشهادتين جد مرضية مقارنة بالظروف الصحية الاستثنائية.
استئناف الدراسة وإعادة فتح الجامعات وترخيص بعودة الرحلات الجوية الداخلية
واعتبر النجاح في تنظيم الامتحانات الرسمية مؤشرات إيجابيا على إمكانية عودة التلاميذ والطلبة إلى مقاعد الدراسة وهو ما تم بالفعل، رغم ارتفاع اصوات المعارضين والمشككين، التي أحبطتها التدابير الوقائية المحكمة، من بينها تفويج الاقسام والدراسة بالتناوب، واعتماد التعليم عن بعد، مما ضمن عودة آمنة لأزيد من 9 ملايين تلميذ وأكثر من 1.5 مليون طالب جامعي.
وبناء على تقارير اللجنة العلمية، وتزامنا مع فتح المؤسسات الجامعية، قررت الوزارة الأولى استئناف الرحلات الجوية الداخلية، للسماح بتنقل طلبة الجنوب، وكان ذلك بداية شهر ديسمبر، الذي شهد أيضا الإعلان عن قرار رئيس الجمهورية بتسريع اقتناء اللقاح المضاد لفيروس كورونا من قبل الوزارة الأولى، التي عقدت لقاء طارئا يوم 21 من ديسمبر الجاري، المعنية لتحديد الجهة الممونة، ووضع استراتيجية التلقيح المزمع انطلاقها قريبا.
                                             لطيفة بلحاج

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com