أكد المحلل السياسي الدكتور لزهر ماروك أمس، أن الجزائر تعمل اليوم بكل جهدها السياسي والدبلوماسي لتعزيز دورها الإفريقي وتعزيز عمق العلاقات الجزائرية الإفريقية وتنسيق التعاون و تعزيز دور الاتحاد الإفريقي في حل النزاعات الإفريقية، مبرزا أهمية الجولة الإفريقية التي أجراها وزير الخارجية صبري بوقدوم في كل من جنوب إفريقيا ومملكة لوزوتو وأنغولا وكينيا مؤخرا و قال إن هذه الزيارات تعكس أهمية كبيرة وتكرس الدور الإفريقي للجزائر مبرزا ضرورة تعزيز دور ومكانة الاتحاد الإفريقي في حل القضايا الإفريقية .
وأوضح المحلل السياسي الدكتور لزهر ماروك في تصريح للنصر، أمس، أن العودة القوية للجزائر إلى الساحة الإفريقية يأتي أولا لتدارك الغياب لسنوات طويلة في الفترة السابقة، حيث ترك هذا الغياب تحديات خطيرة على الجزائر في الساحة الإفريقية، وثانيا يأتي هذا التحرك في إطار تعزيز الدور المحوري والأساسي للجزائر كقطب إفريقي وتعزيز العلاقات الثنائية مع مختلف الدول الإفريقية، وكذلك البحث عن حلول إفريقية للتحديات والقضايا المطروحة على الساحة في القارة الإفريقية.
وأضاف أن هذا التحرك يعود أيضا إلى أن الجزائر تعطي كل الأولوية وأهمية إستراتيجية للدائرة الإفريقية والتي أصبحت الدائرة الأولى في اهتمامات السياسة الخارجية الجزائرية على اعتبار أن هناك مصالح حيوية جدا على مستوى القارة الإفريقية، سواء تعلق الأمر بالقضايا الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية .
وكذلك تعكس هذه العودة -كما قال- رغبة الجزائر في تفعيل دور الاتحاد الإفريقي كتنظيم قاري من أجل أن يلعب دوره كاملا في تعزيز التعاون الاقتصادي بين مختلف دول القارة وكذلك مواجهة التحديات الأمنية والمتغيرات الجيوسياسية وخاصة منها، حل القضايا والتوترات والصراعات في القارة الإفريقية بحلول إفريقية وأدوات وتصورات إفريقية ولصالح شعوب المنطقة ، بدلا من الاعتماد على أطراف أجنبية والتي تسعى إلى استخدام هذه الصراعات والتوترات من أجل تفتيت الصوت الإفريقي واستغلال الثروات الإفريقية.
وقال في السياق ذاته، إن دور الجزائر هو مطلب إفريقي ، فكل الدول الإفريقية تطالب الجزائر، أن تلعب دورها الإفريقي وترمي بكل ثقلها باعتبارها قطبا وقوة إفريقية في الجانب العسكري والأمني والوزن السياسي والجيوبوليتيكي وكتلة سكانية وموارد اقتصادية .
وأضاف أن الجزائر تعمل اليوم بكل جهدها السياسي والدبلوماسي في تعزيز دورها الإفريقي وتعزيز عمق العلاقات الجزائرية الإفريقية وتنسيق التعاون و آلية التشاور بين مختلف الدول والبحث عن تعزيز دور الاتحاد الإفريقي سواء في حل النزاعات الإفريقية أو كتكتل إقليمي، في ظل المتغيرات الدولية التي تعيشها اليوم دول العالم.
و في هذا الإطار، أشار المحلل السياسي، إلى الزيارة المهمة وذات الدلالات العميقة لوزير الخارجية صبري بوقدوم إلى جنوب إفريقيا والتي تعتبر دولة محورية وأساسية في القارة الإفريقية وقد لعبت دورا كبيرا في تعزيز التعاون والشراكة الإفريقية، مشيرا إلى العلاقات التاريخية العميقة مع هذا البلد وأوضح أن محور الجزائر جوهانسبورغ يعتبر هو المحور الأساسي والذي من شأنه أن يعزز من وحدة الأفارقة وأن يحقق مكاسب كبيرة جدا على كافة المستويات للشعوب الإفريقية ، فكلما تفاعل هذا المحور ، كلما كانت هناك مكاسب ونتائج جد إيجابية لمختلف شعوب القارة الإفريقية -كما أضاف-.
كما أشار أيضا إلى زيارة وزير الخارجية إلى مملكة لوزوتو و انغولا وكينيا وهذه الدول لدينا معها علاقات تاريخية، باعتبار أن الجزائر بلد لعب دورا كبيرا في تحرير الشعوب الإفريقية وفي تكريس الاستقلال لدول القارة الإفريقية .
واعتبر الدكتور لزهر ماروك، أنه من خلال هذه الزيارات تبين بأن الجزائر وهذه الدول التي زارها وزير الخارجية، أن هناك إجماعا إفريقيا على ضرورة أن يلعب الاتحاد الإفريقي دورا ملموسا ومهما في حل الصراعات الإفريقية وأن لا يترك المجال لقوى وأطراف أجنبية تعبث بالشعوب الإفريقية وتستخدم هذه الصراعات كأدوات لتعميق الخلافات الإفريقية وخلق بؤر توتر وانتشار الجماعات الإرهابية وزعزعة استقرار الدول الإفريقية .
وبالتالي من مكاسب هذه الزيارات- كما أضاف- ضرورة تعزيز دور ووزن ومكانة الاتحاد الإفريقي في حل القضايا الإفريقية أولا ثم في التعبير عن صوت إفريقيا في المحافل الدولية كصوت واحد وهو أن الدول الإفريقية تتمتع بما يسمح لها بحل مشاكلها بنفسها دون الحاجة إلى تدخل الأطراف الأجنبية.
وأكد الدكتور لزهر ماروك، أن هذه الزيارات تعكس أهمية كبيرة وتكرس الدور الإفريقي للجزائر في انتظار المزيد من الزيارات إلى دول أخرى، مضيفا أن الزيارات تطرقت إلى حل كل القضايا المطروحة على الساحة الإفريقية بما فيها ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء الغربية وكل مناطق التوتر، حيث لوحظ في مسار هذه الصراعات غياب الدور الفعال للاتحاد الإفريقي والذي هو متردد وفي وضعية ضعيفة ولم يلعب دوره كما ينبغي مثلا في ليبيا أو في الصحراء الغربية -كما قال-ـ حيث أن الاتحاد الإفريقي غائب وغير مؤثر وترك المجال والفراغ لقوى أخرى تعبث بالأمن والاستقرار في القارة الإفريقية وهذا ما يشكل تهديدا خطيرا لمصالح الشعوب في القارة الإفريقية، لهذا لابد من عودة الاتحاد الإفريقي أن يلعب دورا فعالا ومؤثرا في حل هذه القضايا بحيث تكون الحلول إفريقية ولصالح الشعوب الإفريقية.
و أوضح المحلل السياسي، أن هناك قوى دولية تريد تهميش دور الاتحاد الإفريقي حتى تبقى تهيمن على القرار الإفريقي كما أن هناك بعض الدول الإفريقية تسير في ركب القوى الاستعمارية التقليدية ، وأضاف في هذا السياق أن هناك بعض الدول مازالت رهينة سياسات التبعية للمراكز الاستعمارية التقليدية وهذه الدول تعرقل دور الاتحاد الإفريقي وبالتالي لابد من توحيد الصف بقوة وعودة الاتحاد الإفريقي بقوة إلى الساحة الإفريقية وحل كل القضايا المطروحة على الساحة الإفريقية.
كما أكد الدكتور لزهر ماروك، أنه من الأدوات السياسية التي ستستخدمها الجزائر في تكريس دورها على الساحة الإفريقية هي الأداة الاقتصادية، من خلال تعزيز التبادلات التجارية وتعزيز صادرات الجزائر إلى مختلف الأسواق الإفريقية وخاصة في ما يتعلق بمنطقة التجارة الحرة الإفريقية التي تعطي فرصة لتعزيز التبادل البيني بين الدول الإفريقية وأوضح أن الجزائر تمتلك إمكانيات ضخمة للتحول إلى قاطرة اقتصادية في قارة إفريقيا، من خلال تعزيز الصادرات الجزائرية وتعزيز الاستثمارات، مؤكدا على ضرورة أن تقوم الجزائر باستثمارات مباشرة في الكثير من القطاعات في الدول الإفريقية .
مراد - ح