قرّر المجلس الشعبي الوطني توسيع تشكيلة اللجنة البرلمانية الخاصة بصياغة مقترح قانون لتجريم الاستعمار لتشمل نواب العهدات التشريعية السابقة الذين بادروا بمقترحات مماثلة.
عقدت اللجنة البرلمانية الخاصة المكلفة بصياغة مقترح قانون لتجريم الاستعمار المنصبة بداية الأسبوع الجاري، أمس أولى اجتماعاتها برئاسة، إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس، وحضور مندوبي مقترحات القوانين السابقة المتعلقة بتجريم الاستعمار المقدمة خلال الفترات التشريعية الماضية.
و أفاد المجلس الشعبي الوطني في بيان له أنه وفي إطار الجهود المبذولة لترسيخ الذاكرة الوطنية ومواجهة محاولات طمس الحقائق التاريخية والتنكر لها، وبعد تنصيب اللجنة الخاصة المكلفة بصياغة مقترح قانون لتجريم الاستعمار تم دعوة نواب العهدات التشريعية السابقة الذين بادروا بمقترحات مماثلة، وقصد الاستئناس بتجربتهم تم تعيينهم أعضاء شرفيين في هذه اللجنة الخاصة تكريما لجهودهم وإسهاماتهم.
وأضاف بيان المجلس أن هذه المبادرة تأتي في إطار التزام المؤسسة التشريعية بالدفاع عن القضايا التاريخية العادلة، وتحقيق مطلب الاعتراف بجرائم الاستعمار التي كابدها الشعب الجزائري، بما يعزز السيادة الوطنية ويحصن الأجيال القادمة ضد النسيان.
و قد ثمن النواب السابقون هذه الالتفاتة من المجلس معتبرين أنها تشكل خطوة هامة نحو تعميق الوعي وتعزيز مسار كشف الحقيقة التاريخية، وأعربوا عن تطلعهم لدعمها وتثمينها كجزء من الجهد الوطني الهادف إلى استرجاع الحقوق المعنوية والتاريخية للشعب الجزائري، وتوحيد الجهود للمضي قدما في هذا المشروع وبلوغ كافة أهدافه بما يخدم المصلحة الوطنية ويحفظ أمانة الأجيال التي ناضلت من أجل الحرية والاستقلال.
وحسب مصدر من المجلس فقد قدم النواب السابقون مندوبي المقترحات المقدمة سابقا إحاطات عن المقترحات التي تقدموا بها في ذلك الوقت، وعبروا عن استعدادهم لتقديم كل الدعم والمساندة للجنة الحالية.
وكان نواب في الفترات التشريعية السابقة قد تقدموا بخمسة مقترحات قوانين لتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وذلك بداية من الفترة التشريعية الرابعة 1997-2002، حيث أودع النائب عن جبهة القوى الاشتراكية محمد أرزقي فراد بصفته مندوبا لمجموعة من النواب في 18 فبراير 2001 مقترح قانون يتعلق بإدانة جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر ما بين 1830-1962.
وفي 14 ديسمبر 2005 تقدم النائب عن حركة الإصلاح الوطني، عبد السلام كسال، بصفته مندوبا بمقترح قانون يتضمن تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر 1830- 1962، بعده وفي الفترة التشريعية السادسة تقدم النائب موسى العبدي، عن حزب جبهة التحرير الوطني في 13 جانفي 2010 باقتراح قانون يتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر من 1830 إلى سنة 1962، وقد جاء هذا المقترح ردا على القانون رقم 158-2005 لـ 23 فبراير 2005 الذي يمجد الاستعمار والذي صادقت عليه الجمعية الوطنية الفرنسية في ذلك الوقت، والذي صار يسمى “ قانون العار”.
كما تقدم النائب ، كمال بلعربي، عن جبهة التحرير الوطني في 28 جانفي 2020 بدوره بمقترح قانون يتعلق بتجريم أفعال الاستعمار الفرنسي في الجزائر من 1830 إلى 1962، أما المحاولة الخامسة والأخيرة فكانت في 31 أكتوبر 2021 عندما تقدم النائب عن حركة مجتمع السلم بلخير زكريا، بصفته مندوبا لمجموعة من النواب، باقتراح قانون يتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر والآثار القانونية المترتبة عنه.
و للأسف فإن كل هذه المقترحات الخمسة لم تحظ في ذلك الوقت بإجماع داخل الغرفة السفلى للبرلمان ولم يكتب لها النجاح وبالتالي لم يأخذ تجريم الاستعمار مجراه في تلك الفترة، لكن ظلت مسألة تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر ضمن الانشغالات الأساسية للكثير من النواب خلال الفترات التشريعية المتتالية على مستوى المجلس الشعبي الوطني، إلى أن ترجمت إلى واقع وحقيقة بداية الأسبوع الجاري مع تنصيب لجنة خاصة لصياغة مقترح قانون لتجريم الاستعمار من طرف رئيس المجلس إبراهيم بوغالي.
ويمكن للنواب السابقين الذين سبق لهم إعداد مقترحات قوانين لتجريم الاستعمار تقديم الكثير من الإفادة والتجربة للجنة الحالية بما أنه سبق لهم أن اشتغلوا على هذا الموضوع.
كما يمكن للجنة أيضا حسب تصريحات إبراهيم بوغالي، يوم التنصيب الاستعانة كذلك بمؤرخين و بخبراء قانونيين و في مجالات أخرى يرونها ضرورية من أجل صياغة مقترح قانون متكامل وجاد، وتحظى اللجنة بدعم كبير ومطلق من الطبقة السياسية.
وشكل تجريم الاستعمار مطلبا سياسيا وحزبيا وشعبيا منذ سنوات، وهو يندرج في إطار جهود الدولة الجزائرية ومؤسساتها الرسمية في الحفاظ على الذاكرة الوطنية وصيانتها، والرد على الأكاذيب ومحاولات التضليل التي تمارسها بعض الأطراف في فرنسا بخصوص ملف التاريخ والذاكرة، وهي الأطراف التي ما تزال تحن للماضي الاستعماري و التي لم تهضم أن الجزائر افتكت استقلالها بالقوة وبتضحيات جسام قدمها ملايين من الشهداء على مر الحقب التاريخية وأن الواجب يقتضي اليوم الحفاظ على ذاكرتهم. إلياس -ب