قال المؤرخ محمد لحسن زغيدي إن على فرنسا أن تعترف وعليها أن تعتذر وأن تقوم بما يتطلبه منها القانون، فيما يتعلق بآثار الجرائم الاستعمارية، وأضاف أن التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر، ستبقى تحصد الأرواح وتسبب الأمراض في المجتمع و في المناطق التي زرعت وفجرت فيها هذه القنابل، وقال أن آثار هذا العمل اللاإنساني وهذه الجريمة لا تمحى على مدى ملايين السنين، مضيفا أن فرنسا تتهرب من الاعتراف بالجريمة، مؤكدا أن مسؤولية الجرم تقع على فرنسا الاستعمارية وأيضا تلحق بفرنسا الحالية.
وأوضح الدكتور محمد لحسن زغيدي في تصريح للنصر، أمس، بمناسبة الذكرى 61 للتفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر، أن الذاكرة لا تمحى والأفعال الإجرامية في حق الشعب والأرض الجزائرية، لا يمكن أن يتجاوزها الزمن، خاصة وأن مثل هذه الأفعال وهي التفجيرات النووية بقيت وستبقى تحصد الأرواح وتسبب الأمراض في وسط المجتمع الجزائري في المناطق التي زرعت وفجرت فيها هذه القنابل في الحمودية برقان وفي إينيكر بالآهقار، مضيفا أن سكان هذه المناطق عانوا و سيبقون يعانون جراء الإشعاعات النووية القاتلة والمدمرة للخلايا البشرية والمسببة لسرطانات متعددة ومتنوعة لدى الإنسان والمشوهة للخلقة البشرية والحيوانية، ولذلك فإن مسؤولية الجرم -كما قال-، تقع على فرنسا الاستعمارية وأيضا تلحق بفرنسا الحالية، لكونها لم تتبرأ ولم تقم بالواجب الإنساني بتقديم الإسعافات والعلاجات وتقديم الخرائط الإشعاعية لتمكين الأحياء على أن يتجاوزوا الأماكن المشعة .
و كذلك من الجرم الكبير- كما أضاف-، ترك الأواني والمعدات وأيضا الكثير من الأسلاك المعدنية التي استغلها سكان تلك المناطق عن جهل و تحويلها إلى صناعات متنوعة في مجال الصناعات التقليدية وهي مشعة.
و اعتبر المؤرخ، أن مسؤولية فرنسا هي مسؤولية دولة وليست مسؤولية عسكرية، وإنما هي مسؤولية مدنية عسكرية، لكونها كانت تحت رعاية الرئيس الفرنسي الجنرال شارل دوغول شخصيا في المتابعة وفي التفجير وفي كل ما تسبب في هذه العمل اللاإنساني، مذكرا أن هذه التفجيرات النووية ، لقيت استنكارا دوليا وأشار إلى أنها مست آلاف الكيلومترات، والتي وضحتها الخريطة المنشورة من قبل وزارة الدفاع الفرنسية في 2014 ، وبينت أن الإشعاع النووي وصل إلى غاية جنوب أوروبا؛ أي غطى حوض البحر المتوسط وجزءا كبيرا من المحيط الأطلسي وكذلك عددا كبيرا من الدول، سواء في وسط إفريقيا وفي كل الدول المجاورة للجزائر .
وبخصوص أرشيف هذه التجارب النووية الفرنسية في الجزائر ، أوضح المؤرخ، أن قضية الأرشيف بالنسبة للتفجيرات النووية تتعلق بمجال التحضيرات للتفجيرات وعدد الإمكانيات وكل هذه الأمور ، أما ما يتعلق بالتفجير -كما أضاف-، فالتفجير لا يحتاج إلى أرشيف، فهو في حد ذاته وقع جرم فوق الأرض ولا يحتاج للتدليل عليه، موضحا أن تثبيت الجرم على المجرم تثبته الوثائق المصورة والمثبتة والتصريحات الفرنسية في الصحافة الفرنسية وفي غيرها وتصريحات الجنرال ديغول إلى آخر مسؤول وصحفي فرنسي، ولذلك فكل أدلة الإثبات حول حقيقة هذا الجرم موجودة، لافتا إلى أن المساحات التي غطتها الإشعاعات النووية اتسعت رقعتها بمئات الأضعاف، عما كانت عليه في 13 فبراير 1960 وهذه التفجيرات تكررت ثلاث مرات خلال سنة 60 ، ثم مرة أخرى في أفريل 1961.
وأضاف أنه في مكان واحد كانت أربع تفجيرات سطحية بالإضافة إلى التفجيرات الباطنية، أكثر من 13 تفجير في إينيكر، فهذه التفجيرات لا تحتاج إلى ما يدللها من أرشيف.
وأوضح الباحث في التاريخ، أن فرنسا تتهرب من الاعتراف بالجريمة ، لأن اعترافها بجرم واحد في الجزائر يترتب عليها الاعتراف بكل الجرائم وذلك يترتب عليه أمور أخرى، قضائية وقانونية واقتصادية وأخلاقية وثقافية.
وتابع قائلا : أن آثار الجريمة لا تمحى على مدى ملايين السنين، ولذلك نقول لفرنسا أننا لا يمكننا أن ننسى مادامت جرائمها مثبتة على أجسادنا وعلى أجدادنا و أبنائنا و إخواننا وكذلك فإن آثارها الإجرامية قائمة لا تمحى ، وبالتالي عليها أن تعترف وعليها أن تعتذر وأن تقوم بما يتطلبه منها القانون، فيما يتعلق بمحو آثار فرنسا الاستعمارية.
وأضاف في السياق ذاته ، أن فرنسا المستقبلية يجب عليها أن تتخلص نهائيا من آثار فرنسا الاستعمارية، إن أرادت أن تكون فعلا فرنسا حقوق الإنسان وفرنسا الصديقة للشعوب
و الأمم.
مراد - ح