أكد المحلل السياسي الدكتور لزهر ماروك، أمس، أن زيارة الرئيس المالي باه انداو، إلى الجزائر جاءت في وقتها وتكتسي أهمية و أبعادا استراتيجية كبيرة جدا، مبرزا دور الجزائر في حل الأزمة المالية وحرصها على استقرار مالي، وأضاف أن الجزائر من خلال علاقاتها مع مالي والنيجر وموريتانيا وكل الدول الإفريقية الأخرى، تعود بقوة كطرف مؤثر وفاعل في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في القارة الإفريقية.
وأوضح الدكتور لزهر ماروك في تصريح للنصر، أمس، أن زيارة الرئيس المالي، إلى الجزائر تكتسي أهمية وذات أبعاد استراتيجية كبيرة جدا، أولا أنها تعزز وتوثق العلاقات بين البلدين، وقال إن العلاقات الأخوية الجزائرية مع دولة مالي، لها عمق تاريخي مهم جدا ولا ننسى أبدا العامل التاريخي في هذه العلاقات، حيث وقفت مالي إلى جانب الشعب الجزائري، إبان ثورة التحرير.
وأكد الدكتور لزهر ماروك في هذا الإطار، أن الدور الإيجابي لمالي، خلال الثورة، يحتم علينا أن تكون علاقاتنا دائما جيدة مع هذا البلد وأن نحافظ على العلاقات معه ونقدم له كل المساعدات ونساعده في حل كل الأزمات وأن تكون الجزائر ومالي جبهة واحدة في مواجهة التحديات، معتبرا أن الحدود المشتركة بين الجزائر ومالي، تعد نقطة ارتكاز في تعزيز العلاقات بين البلدين، وإعطائها أبعادا سياسية وأمنية، وبالأخص اقتصادية بالنظر إلى وجود قبائل على الحدود بين البلدين وهذه القبائل من أصل واحد وتتبادل فيما بينها الزيارات والتجارة والمقايضة.
من جهة أخرى، أشار المحلل السياسي، إلى التحديات الأمنية الخطيرة التي تستهدف وحدة التراب المالي والجزائري ، موضحا أن هناك قوى تريد استهداف مالي، كمنصة لزعزعة حدود الجزائر، كما أنها تريد تغيير الحدود السياسية لكل منطقة الساحل، وأضاف في السياق ذاته، أن هذا المخطط خطير جدا، يستهدف وحدة الشعوب وإسقاط الدول الوطنية ونشر الجماعات المسلحة الإرهابية وتحويل المنطقة كلها إلى مرتع للإجرام والمخدرات والسلاح والفوضى، وهكذا يسهل استغلال ثروات هذه المنطقة.
و أبرز المحلل السياسي، الدور الكبير الذي لعبته الجزائر والتي وقفت إلى جانب مالي في الأزمة التي مرت بها ، وأشار في هذا الصدد، إلى الزيارات المتعددة التي قام بها وزير الشؤون الخارجية صبري بوقدوم إلى مالي، وذلك يدل على وقوف الجزائر وحرصها على استقرار البلد الجار ، وأضاف قائلا: أن أمن مالي من أمن الجزائر، فهناك أمن قومي مشترك بين البلدين وقد استخدمت الجزائر كل الوسائل الناعمة من أجل اتفاق الماليين على مخرج سلمي للأزمة .
وأكد في نفس السياق، أن دور الجزائر كان مهما وأساسيا في حل الأزمة المالية والدليل على ذلك هو إجماع الأطراف المالية على الدور الإيجابي للجزائر، وأوضح أن الجزائر كانت ضد التدخل الأجنبي في شؤون مالي، وكانت ضد فرض عقوبات على الشعب المالي وكانت تريد تكريس خيار الشعب في الانتقال السلس للسلطة وتحقيق الديمقراطية.
وقال إن هذه الزيارة جاءت في وقتها، وستكون لها نتائج جد إيجابية، وستعزز من التعاون في كافة المجالات، السياسية و الاقتصادية، حيث تتحوّل الحدود بين البلدين إلى حدود خضراء، بها مشاريع التنمية والتبادل التجاري بين الجانبين، وستكون هناك رؤية مشتركة بخصوص التحديات الأمنية و القضايا السياسية والاقتصادية، و ستقف الجزائر إلى جانب الشعب المالي بكل ما تملكه من إمكانات خاصة في ظل وجود الإرادة السياسية.
واعتبر الدكتور لزهر ماروك، أن التحديات الأمنية ستكون هي النقطة الأساسية في أجندة التعاون بين البلدين على اعتبار أن هذه التحديات تشكل خطرا على وحدة التراب المالي و الجزائر وكل دول الجوار، وبالتالي سيتعاون البلدان على أعلى المستويات من أجل مواجهة التحديات، مضيفا أنه سيكون هناك تعاون وثيق بين الجزائر مالي وربما سيشمل هذا التعاون دول أخرى، النيجر والتشاد وموريتانيا من أجل تحقيق الاستقرار السياسي و الأمني وتحقيق التنمية الاقتصادية، وستكون العلاقات الجزائرية المالية، نموذجا للتعاون بين دول المنطقة من أجل تحقيق الأهداف التي تخدم الشعوب وتضمن أمن واستقرار الدول -كما قال-.
وأكد أنه من خلال موقف الجزائر من الأزمة في مالي وزيارات وزير الخارجية إلى مالي، فإن الجزائر ترمي بكل ثقلها الدبلوماسي من أجل تكريس دورها الطبيعي والتاريخي والدبلوماسي السياسي، على اعتبار أن الجزائر قطب إفريقي مهم يمتلك أدوات التأثير ومكانة ووزن وأهمية ، كما أن الجزائر هي بلد السلم وهي لا تستخدم القوة العسكرية في حل النزاعات وتدعو إلى حل كل النزاعات بالطرق السلمية وأن الجزائر تطالب بتفعيل دور الاتحاد الإفريقي في حل هذه الأزمات، مضيفا أن الجزائر من الدول الرائدة في إفريقيا التي ترفض تدخلات القوى الأجنبية في إفريقيا و ترفض استغلال ثروات الشعوب الإفريقية وتأجيج النزاعات من أجل استغلال هذه الثروات، كما أن الجزائر من الدول التي ترفع شعار ثابت ودائم في سياستها الخارجية وفي بعدها الإفريقي وهو أن إفريقيا للإفريقيين وأن الأزمات الإفريقية، لابد أن تكون بحلول إفريقية وبأيدي إفريقية وبعقول إفريقية، فالجزائر من خلال علاقاتها مع مالي والنيجر وموريتانيا وكل الدول الإفريقية الأخرى -كما أضاف-، تعود بقوة كطرف مؤثر وفاعل في تحقيق الأمن والاستقرار وفي تحقيق التنمية في القارة الافريقية، وقال إن الجزائر هي صوت الحكمة في إفريقيا وهي تريد إفريقيا خالية من النزاعات والحروب وتريد للشعوب الإفريقية أن تكون موحدة لمواجهة التحديات وأطماع القوى الكبرى.
مراد -ح