يدرج مختصون في السلامة المرورية شهر رمضان ضمن فترات الذروة التي تشهد ارتفاعا مقلقا في عدد حوادث الطرقات، ويوعزون ذلك إلى عدم احترام قانون المرور، فضلا عن حالة التعب التي تعتري السائقين بسبب قلة النوم، إذ سجلت الحماية المدنية منذ بداية الشهر 10 وفيات و 620 جريحا.
كشف المكلف بالإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية الملازم الأول بن أمزال زهير « للنصر» عن تسجيل 10 وفيات و620 جريحا منذ بداية رمضان، كما قام أعوان الحماية المدنية ب 552 تدخلا منذ بداية الشهر الفضيل لإجلاء الضحايا، وأرجع المصدر هذه الأرقام المقلقة إلى عدم احترام قواعد السياقة والسرعة المفرطة، إلى جانب النعاس والتعب خاصة لدى سائقي المسافات الطويلة، فضلا عن عدم احترام مسافة الأمان، وكذا استعمال الدراجات النارية بشكل مفرط من قبل عديد الشباب.
وأكد الملازم الأول بالحماية المدنية بأن أكبر عدد من الحوادث سجلت ساعتين قبل الإفطار، بسبب السرعة المفرطة، وأضاف في ذات السياق الخبير في السلامة المرورية الدكتور امحمد كواش بأن رمضان أصبح مدرجا ضمن فترات الذروة التي تزداد فيها حوادث الطرقات، إذ تشهد الجزائر سنويا أربع ذروات، وهي شهر الصيام والدخول الاجتماعي والعطل السنوية وكذا التقلبات الجوية.
وأرجع الخبير في السلامة المرورية ارتفاع حصيلة ضحايا حوادث المرور خلال رمضان، إلى عدم انتباه السائق إلى إمكانياته الصحية والجسدية، ومدى قدرته على التحكم في المركبة، التي تتضاءل بفعل الصيام والسهر، مقابل احتفاظ المركبة بنفس طاقاتها وقدراتها، إذ تثبت الدراسات العلمية تأثير الصيام على مستوى التركيز، جراء اخفاض نسبة السكر في الدم، لا سيما مع دنو موعد الإفطار.
ويسبب تراجع مستوى السكر في الدم القلق والتوتر لدى السائق، وعدم القدرة على التركيز، كما يؤثر على الفعل وردة الفعل، لأن الدماغ في حالة الصيام يحرص على مد نسبة الطاقة والقوة المتوفرة للأعضاء الحيوية لضمان استمرار عملها، ويضيف الدكتور كواش بأن سوء برمجة السائقين لمواعيد الدخول والخروج اليومي ساهم بدوره في رفع عدد حوادث الطرقات، بسبب الضغط والازدحام الذي تشهده عديد المحاور مع اقتراب موعد الأذان.
كما أوعز المصدر حوادث الطرقات التي يسببها سائقو المسافات الطويلة إلى التعب وقلة النوم، فعدم النوم لأكثر من 48 ساعة يعد أمرا خطيرا، ويزيد من احتمال وقوع حوادث الطرقات، بفعل الاستمرار في السياقة لساعات طويلة دون مراعاة قدرة الجسم على تحمل التعب، أو الحرص على أخذ قسط من الراحة.
وبحسب الخبير في السلامة المرورية فإن السائقين المحترفين عادة ما يختارون الفترات الليلية لقطع المسافات الطويلة، لتفادي الزحام، لا سيما خلال شهر رمضان الذي يشهد انتعاشا في الحركة الاقتصادية، خاصة ما تعلق بنقل البضاعة والسلع ما بين مختلف مناطق الوطن، مما يؤدي مع مرور الوقت إلى الشعور بالتعب والإرهاق جراء عدم منح الجسم حقه من النوم والراحة.
وكشف الدكتور محمد كواش بأن التحاليل التي تجرى لسائقي المسافات الطويلة عقب وقوع الحادث، كثيرا ما تبين ارتفاع نسبة الكحول في الدم، وتظهر حالته الصحية وكأنها تشبه إلى حد ما الشخص الذي تناول كمية كبيرة من الكحول، تفوق أحيانا 2غ في اللتر الواحد للدم، وهي تتجاوز بكثير النسبة الممنوعة قانونا وهي 0.2 غ في اللتر الواحد.
وتأسف المتدخل لتزامن أغلب حوادث المرور مع اقتراب موعد الإفطار، أي حوالي ساعة قبل أذان المغرب، بسبب حالة القلق والتوتر والانفعال الشديد الذي يظهر على معظم السائقين، جراء الإرهاق والخشية من الالتحاق المتأخر بالبيت لتناول وجبة الإفطار وسط الأسرة، ما يتسبب يوميا في اختناقات مرورية وحالة من الهستيريا والجنوح إلى السلوك العنيف من قبل بعض السائقين، والتسابق والمناورات الخطيرة والسرعة الجنونية.
وتشهد بدورها مصالح الاستعجالات بمختلف المستشفيات ضغطا كبيرا خلال رمضان جراء ارتفاع عدد ضحايا حوادث الطرقات، بعضهم يصل في حالات حرجة، كما يعرف هذا الشهر أيضا ارتفاعا في عدد الأطفال الذين يتعرضون إلى حوادث السيارات، لا سيما بالأحياء الشعبية والمكتظة، لأن الكثير من الأسر تسمح لأبنائها باللعب خارج البيت خلال السهرة، ما يؤدي أحيانا إلى نتائج لا تحمد عقباها، وفق المتحدث.
لطيفة بلحاج