بلغت قيمة الامتيازات الجبائية والتحفيزات الممنوحة لرجال الأعمال خلال الفترة بين 2016 و 2019 أزيد من 70 ألف مليار سنتيم، والتي منحت في شكل تخفيضات ضريبية في إطار الوكالة الوطنية لدعم وترقية الاستثمارت والتدابير الأخرى لتشجيع المستثمرين، ورغم ارتفاع مبلغ الإعفاءات و وجود انتقادات حول الجدوى الاقتصادية منها إلا أن وزير الصناعة أكد الإبقاء عليها في انتظار إدخال تغييرات على نظام الشباك الوحيد المنظم للاستثمارات.
وحسب الأرقام التي كشف عنها وزير الصناعة محمد باشا، الخميس بمجلس الأمة، فقد بلغ إجمالي الامتيازات الجبائية والضريبية والاعفاءات الممنوحة ما بين 2016 و 2019 مستويات كبيرة دون أن تحقق نتائج كبيرة. وأوضح الوزير, بأنه تم خلال 2020 إحصاء إجمالي المزايا والتخفيضات الممنوحة للمتعاملين وأصحاب المشاريع على المعدات المستورة، من قبل لجنة وزارية مشتركة نصبت على مستوى وزارة المالية للتدقيق في الأثر المالي لقيمة النفقات والاعفاءات الجبائية والتحفيزات الإجمالية خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2019
وبلغت قيمة الرسوم التي كان من المفروض تحصيلها خارج النظام الجبائي التفضيلي 714 مليار دينار أي ما يعادل 71400 مليار سنتيم، منها 265 مليار دينار تمثل قيمة الحقوق الجمركية التي لم يتم تحصيلها و 458 مليار دينار تمثل إيرادات الرسم على القيمة المضافة.
وقال الوزير في رده على تساؤلات أعضاء بالمجلس، بان تلك الامتيازات والاعفاءات منحت في إطار عمليات استيراد التجهيزات ومعدات إنتاجية واليات غير مصنعة بالجزائر، ولم يكشف الوزير بالمقابل عن حجم التضخيم في الفواتير الذي صاحب تلك العمليات. واستبعد الوزير إلغاء العمل بنظام الامتياز الجبائي والضريبي كما طالب بذلك سيناتور للحد من تحويل هذا النظام إلى مصدر لتهريب العملة لوقف نزيف العملة، وقال محمد باشا أن إلغاء النظام قد يعيق ترقية الاستثمار ويحد من جاذبية الجزائر للاستثمارات.
من جانب أخر اعترف وزير الصناعة، أن بعض المناطق الصناعية تعيش وضعية مزرية جدا وقال الوزير، أن العديد من المناطق الصناعية تفتقر لأبسط الأمور خاصة تلك الجديدة على غرار الطرقات الخاصة بالمرور، الكهرباء، الماء، الغاز، لدرجة لا يصح حتى إطلاق عليها اسم منطقة صناعية. وقال وزير الصناعة إن العقار الصناعي من الأسباب المعوقة للاستثمار في بلادنا. وتابع “انا وزير واعترف بذلك والذي ينكر هذا لا يعيش في الجزائر”. واقترح الوزير تنظيم يوم دراسي في البرلمان، لتبادل الأفكار مع المستثمرين، وإيجاد الحلول.
وبحسب الوزير سيتم الشروع في إعادة تأهيل 30 منطقة صناعية على المستوى الوطني منها 15 في مرحلة أولية و ذلك باللجوء إلى إمكانيات وطنية بحتة من مادة أولية و وسائل إنجاز بهدف تحسين مردودية الشركات المتواجدة ضمن هذه المناطق الصناعية، موضحا أنه تم إعطاء الأسبقية لـ 15 منطقة صناعية أولى موزعة على 39 ولاية استناد إلى عدة عوامل كأهمية المنطقة الصناعية وعدد المتعاملين الاقتصاديين المتواجدين بها و التي تتطلب غلافًا ماليًا يقارب 10 ملايير دينار على مدة سنة.
و تشمل الدفعة الثانية، يضيف الوزير، 15 منطقة صناعية أخرى في حالة “تدهور كبير” كما سيتم إدراج مرحلة ثالثة لترميم مناطق صناعية إضافية “لا تحتاج إلى ترميم كبير”. و حسبه، فإن مدة إنجاز هذه المبادرة متفاوتة بين المناطق من 5 إلى 16 شهر.
من جهة أخرى، ذكر باشا أنه تم ملاحظة عدم الاستغلال الأمثل لموارد العقار الصناعي الممنوحة لبعض المشاريع الاستثمارية و يرجع ذلك في بعض الحالات، يضيف، إلى العراقيل المتعلقة بعدم تهيئة بعض المناطق الصناعية و وجود العديد من الهياكل المسؤولة على إدارة العقار الصناعي”.
و لمعالجة هذه الوضعية، أوضح باشا أن وزارته قامت بإعداد مقاربة شاملة لإعادة إنعاش الصناعة، قائلا “قمنا على مستوى إدارتنا الوزارية باقتراح مشروع مرسوم تنفيذي لإنشاء هيئة وحيدة ذات بعد وطني للتكفل بالاشكالية المتعلقة بالعقار الصناعي من كل جوانبه و تسمى الديوان الوطني للعقار الصناعي”. و سيشكل هذا الديوان، حسب باشا، الأداة الرئيسية للدولة في تنفيذ السياسة الوطنية المتعلقة بالعقار الصناعي و التي سيتم تزويدها بهياكل على المستوى المحلي.
و ذكر بأن مساحات معتبرة ممنوحة لا تزال غير مستغلة و هو ما دفع إلى اقتراح مشروع لاسترجاع هذه الأراضي و توجيهها نحو المستثمرين الجادين الذين يمكنهم تجسيد مشاريع ذات قيمة مضافة و توفير مناصب الشغل.
ع سمير