اضطر ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، سكان عدة قرى في ولاية تيزي وزو إلى مغادرة منازلهم بسبب الحرائق التي حاصرتهم، حيث اجتاحت ألسنة اللهب التي اندلعت في وقت واحد، مرتفعات جرجرة وأتت على الأخضر واليابس ومسّت المنازل كما خلفت خسائر في الأرواح والممتلكات، ودمرت عدة قرى و حولتها إلى رماد.
عاش سكان ولاية تيزي وزو ليلة الاثنين إلى الثلاثاء ساعات من الخوف والرعب نتيجة الحرائق التي التهمت مساحات واسعة من الثروة الغابية والحيوانية والبساتين، وزحفت إلى منازلهم بسرعة، حيث اضطررت العائلات إلى إخلاء بيوتها بشكل عاجل والفرار من الخطر.
وتضررت عدة بلديات من الحرائق التي حوّلت بعض القرى إلى رماد في بضع دقائق من بينها قرى بني دوالة والأربعاء ناث إيراثن وعزازقة وعين الحمام وفريحة وآث يني وواسيف وتيقزيرت وذراع الميزان وغيرها، بينما سارع السكان في هبة تضامنية كبرى لإخماد النيران وحاولوا منع زحفها إلى سكناتهم، حيث واجهوا ألسنة اللهب التي كانت تنتشر بسرعة كبيرة واستنجدوا بسكان القرى المجاورة لتزويدهم بصهاريج المياه بعدما جفت حنفياتهم من الماء.
كما قاموا بإجلاء العائلات التي حاصرتها النيران في بيوتها لعدة ساعات، وتدخل أفراد الجيش الوطني الشعبي لإخماد النيران التي اندلعت على مستوى بلدية إيجر، إلاّ أن الرياح القوية ساهمت في انتشار النيران واتسعت رقعتها بشكل سريع ما جعل التحكم فيها صعبا للغاية، كما تدخل أعوان الحماية المدنية ومحافظة الغابات منذ الساعات الأولى من نهار أول أمس.
وحسب مدير الحماية المدنية بالولاية شابور عبد الحكيم، فقد تم تسخير 596 عون حماية مدنية و90 شاحنة تدخل بالإضافة إلى الرتل المتنقل و60 شاحنة إمداد بالمياه، ووصلت تعزيزات للحماية المدنية من تسع ولايات مجاورة على غرار البويرة والجزائر العاصمة وبومرداس والمدية وغيرها، و من بين وسائل الإطفاء التي تعززت بها طائرتان مروحيتيان استخدمتا في هذه العملية، كما تنقل والي تيزي وزو محمود جامع إلى المناطق التي مستها الحرائق برفقة أعضاء اللجنة الأمنية بالولاية ومدير الحماية المدنية والغابات و رئيس المجلس الشعبي الولائي يوسف أوشيش للوقوف على حجم الأضرار.
وحسب محافظ الغابات لولاية تيزي وزو يوسف ولد محند، فإن أربعة حرائق عادية اندلعت صبيحة الاثنين تم التحكم فيها بفضل تجند مصالحه بالتنسيق مع أعوان مديرية الحماية المدنية، وتم تسجيل أوّل حريق قبل العاشرة صباحا على مستوى منطقة آيت مسلاين في بلدية أقبيل بدائرة عين الحمام ، وحريق آخر في منطقة ثخليجث ببلدية أبي يوسف التابعة أيضا لدائرة عين الحمام، وبعد لحظات قليلة اندلعت حرائق ضخمة على مستوى منطقة آث تودرت بدائرة واسيف، وتم تعبئة جميع الموارد البشرية والمادية للسيطرة عليها، كما انظم المواطنون إلى رجال الإطفاء لمد يد العون، وأشار المتحدث أنه بعد ظهيرة الاثنين بدأ عدد الحرائق يرتفع بسرعة إلى أن وصل إلى 58 حريقا، 34 منها تم السيطرة عليها وإخمادها دون أن تسبب أية خسائر، فيما بقي 24 حريقا آخر مسّ 19 بلدية مشتعلا، وقال أن الخطر الأكبر كان في القرى لأن النيران كانت تزحف إلى سكنات المواطنين ، ورغم الجهود المبذولة للسيطرة عليها وإنقاذ الأرواح إلا انه تم تسجيل وفيات في قرية آث لحسن ببلدية آث يني وعزازقة وإيعكوران، كما أسفرت الحرائق عن إصابة عدة أشخاص بجروح من بينهم أعوان مصالح الغابات تم إجلاؤهم إلى مختلف المراكز الصحية والمستشفيات للعلاج.
وقال المتحدث، أن بعض المناطق التي احترقت أمس بالولاية، لم تمسها ألسنة النيران منذ أكثر من عشرة أعوام، من بينها غابات آث لحسن في آث يني وكذا آث تودرت بدائرة واسيف، مؤكدا أن اندلاع 66 حريقا في نفس التوقيت هو فعل إجرامي وليس بسبب درجات الحرارة المرتفعة.
ومن أجل متابعة الوضعية عن قرب، تم تنصيب خلية أزمة من طرف والي تيزي وزو محمود جامع تضم مختلف المديريات والقطاعات.
وفي ذات الصدد، أكد الوالي على متابعة الوضعية عن كثب من خلال خلية الأزمة ، مشيرا إلى أنه طالب من وزير الداخلية والجماعات المحلية دعم رجال الإطفاء بالولاية بطائرات مروحية للتحكم في الحرائق بعدما خرج الوضع عن السيطرة وانتشرت الحرائق إلى عزازقة وعين الحمام والأربعاء ناث ايراثن وأصبحت تشكل تهديدا للسكان، مؤكدا أن عدة مناطق لا تزال متضررة والنيران مشتعلة لا سيما في بني دوالة وعين الحمام والأربعاء ناث ايراثن.
وأصدرت مساء أمس، خلية الأزمة بالولاية بيانا تدعو المواطنين إلى التحلي باليقظة والحذر، وأشار البيان إلى أنه نظرا للوضعية السائدة بالولاية منذ يوم الاثنين و التي شهدت اندلاع عدة حرائق على مستوى عدة بلديات خلفت أضرارا جسيمة في الأرواح والممتلكات، ونظرا لتواصل موجة الحرارة، تدعو خلية الأزمة المنصبة على مستوى الولاية جميع المواطنين التحلي باليقظة و الحذر، كما تدعو أيضا إلى إجلاء المواطنين القاطنين في القرى الأكثر تضررا أو المهددة بالحرائق والالتحاق بالمؤسسات و الهياكل التي فتحت من أجل حمايتهم، وأضاف البيان، أن عملية الإمداد بالوسائل المادية من مختلف الولايات المجاورة لا تزال متواصلة.
و جاء في بيان ثان، أنه في إطار دعم الأسر المتضررة من الحرائق، اتخذ الوالي محمود جامع قرارا باستغلال ثلاث إقامات جامعية لإيواء هذه العائلات ويتعلق الأمر بالإقامة الجامعية للبنات بواد عيسي التي تضم 2500 سرير ، وإقامة تامدا «3» التي تضم 2000 سرير بالإضافة إلى تمدا «4» التي تتوفر على 2000 سرير .
خواص يتكفلون بإيواء العائلات الهاربة من ألسنة النيران
منذ الساعات الأولى من نشوب الحرائق، سارع العديد من الخواص إلى إيواء والتكفل بالعائلات الهاربة من ألسنة النيران التي دمرت منازلها، حيث فتح هؤلاء فنادقهم إضافة إلى قاعات الحفلات التي كانت مغلقة منذ بداية جائحة كورونا لإنقاذ هذه العائلات التي تركت ممتلكاتها وراءها وفرت من الحرائق، كما تضامن مواطنون من مختلف قرى ولاية تيزي وزو التي نجت من النيران مع هذه العائلات المنكوبة، حيث أطلق السكان نداء عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للتكفل بالأسر المتضررة واستقبالهم في البيوت.
كما تجنّدت لجان القرى من بينها تيرمتين وبترونة وغيرها من أجل تزويد العائلات المتضررة بالمؤونة إضافة إلى الماء الشروب ووسائل الحماية من فيروس كورونا كالأقنعة الواقية ومعقمات اليدين وغيرها، فيما لا تزال جهود مصالح الحماية المدنية وأعوان الغابات إلى جانب المواطنين متواصلة لإخماد النيران التي لا تزال مشتعلة في عدة مناطق.
سامية إخليف