يرى خبراء ومحللون، أنه من الضروري اليوم إعادة الحسابات اتجاه فرنسا ووضع استراتيجيات وخطط وسيناريوهات جديدة في حالة تعنت الموقف الفرنسي وذلك بإعادة تقييم العلاقات الجزائرية الفرنسية وفق قاعدة رابح رابح ، واعتبروا أن هناك خطوات سيادية جزائرية عديدة، تكون قد أزعجت فرنسا الرسمية ، وأكدوا أن استدعاء سفير الجزائر للتشاور، خطوة سياسية متقدمة جدا وموقف سياسي قوي جدا، وقد تذهب العلاقات إلى التصعيد في حال أصرت فرنسا على عدم تقديم توضيح حول التصريح الأخير للرئيس الفرنسي .
وأوضح الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية، الدكتور علي ربيج في تصريح للنصر، أمس، بخصوص العلاقات الجزائرية الفرنسية ، أن الذي يصنع الفعل السلبي والتهجمي دائما هو فرنسا، للتشويش على الجزائر وذلك لتغليط الرأي العام الجزائري والفرنسي ومحاولة الضغط على الجزائر لتمرير ملفات وتقديم تنازلات في ليبيا ومالي و المغرب والتطبيع مع الكيان الصهيوني وقضية الصحراء الغربية .
وحول توقيت التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي ، اعتبر الأكاديمي والباحث، أن هذه التصريحات، مرتبطة بالشأن الداخلي الفرنسي وهي الانتخابات الرئاسية ، وأوضح أن ماكرون يدرك تماما أن شعبيته في الحضيض والآن يريد أن يخطب ود الفرنسيين، من خلال استعطافهم بالتشويش على الجزائر وتذكير مجد فرنسا الاستعماري وأيضا خطب ود اليمين المتطرف.
وتابع أن الرئيس الفرنسي الآن أكثر يمينية ويهاجم الجزائر والجالية الجزائرية ويقلص من حصة التأشيرات التي تمنح للجزائريين ويريد أن يقدم نفسه، أنه أكثر عنصرية وأكثر تطرفا، لأنه يدرك تماما أنه على وشك الانتحار السياسي، موضحا أنه إذا لم يلق دعم من قبل الفرنسيين سينتهي نهائيا و لن يكون له أي مستقبل في المشهد السياسي الفرنسي.
وأضاف في السياق ذاته، أنه بات واضحا اليوم أن ماكرون يفقد البوصلة و يفقد السيطرة على نفسه كرجل سياسي ورئيس فرنسا ولا يعرف ولا يقدر حجم العلاقات بين البلدين ، ويرهن هذه العلاقات بمناسبة انتخابية وقد يهدد هذه العلاقات وتستمر حالة التوتر في حال إذا ما استمر في قصر الإيليزي.
ويرى الباحث، أن ماكرون لن يمر إلى العهدة الثانية وسيكون هناك رئيس فرنسي جديد ربما يتطلع إلى بناء علاقات مع الجزائر على غير ما وصلت إليه اليوم .
وأضاف أنه إذا أراد الشعب الفرنسي، أن يغير وأن يطبع علاقاته مع الجزائر، فعليه أن يختار المسؤولين بعناية والذين يصلون إلى صناعة القرار خاصة قصر الإيليزي.
وأكد الدكتور علي ربيج، أن تحرك الرئاسة باستدعاء سفير الجزائر لدى فرنسا للتشاور سابقة وردة فعل قوية.
واعتبر المحلل السياسي، أن ما يخيف فرنسا هو أنه أصبح لدينا اليوم شركاء أكثر صدقا في التعامل معنا حيث توجد الصين على رأس هذه الدول.
وقال إن المطلوب منا هو إعادة حساباتنا اتجاه فرنسا وأن نضع استراتيجيات وخطط وسيناريوهات جديدة في حالة تعنت الموقف الفرنسي وذلك بإعادة تقييم هذه العلاقات وفق قاعدة رابح رابح وليس قطعها.
و من جانبه ، قال المحلل السياسي والباحث في العلاقات الدولية الدكتور بشير شايب، في تصريح للنصر ، أمس، أن فرنسا دولة استعمارية ، ومازال لديها سلوك استعماري في الكثير من آدائها السياسي الخارجي، خاصة اتجاه مستعمراتها القديمة في شمال إفريقيا.
وأضاف أن الموقف الفرنسي، يدخل في اتجاه ابتزاز الجزائر في قضية المهاجرين وقضايا اقتصادية وسياسية أخرى خاصة موقفها من الوضع في ليبيا و في الساحل، معتبرا أن قرار فرنسا بتخفيض عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني دول المغرب العربي هو ابتزاز من أجل الاشتراط على هذه الدول قبول آلاف المهاجرين الذين عبروا إلى الضفة الأخرى وبالتالي تحويل هذه الدول إلى منطقة استقرار للمهاجرين بدل الضفة الأخرى للمتوسط .
واعتبر الباحث في العلاقات الدولية، تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة، أنها تدخل في إطار المزايدة السياسية وتدخل ضمن حملته الانتخابية للظفر بعهدة جديدة .
وقال أن هناك خطوات سيادية جزائرية عديدة، ربما أزعجت فرنسا الرسمية، على غرار قطع العلاقات مع المغرب وغلق المجال الجوي الجزائري على الطائرات المغربية وتجديد موقفها من قضية الصحراء الغربية والتعاون السياسي والنفوذ الاقتصادي في إفريقيا، خاصة خط الغاز العابر للصحراء وموقفها أيضا من الوضع في ليبيا وتونس ، موضحا أن الجزائر في الكثير من سلوكها السياسي، تسد الطريق على فرنسا وهناك تقاطعات وتشابكات بل حتى تصادم سياسي خاصة في مالي وليبيا وفي قضية الصحراء الغربية والعلاقات الجزائرية المغربية.
وأضاف في نفس السياق، أن تصريحات ماكرون، مزايدة بدون مقابل، مشيرا إلى أن إعادة كتابة التاريخ سيدين فرنسا أكثر ويكشف عن جرائم فرنسا أكثر، وإذا كانت الدعوة إلى كتابة التاريخ ، فالجزائريون هم من يكتبون تاريخهم ولا يكتبونه استجابة لهذا الطرف أو ذاك.
وأضاف أن الهدف من الدعوة إلى إعادة كتاب التاريخ هو محاولة طمس أمجاد الشعب الجزائري ورموز الشعب الجزائري والقفز على كل التضحيات التي قدمها عبر القرون.
وحول مستقبل العلاقات بين البلدين، أوضح الباحث أن استدعاء سفير الجزائر لدى الجمهورية الفرنسية للتشاور، يعتبر في العرف الدبلوماسي ، خطوة سياسية متقدمة جدا وموقف سياسي قوي جدا باللغة الدبلوماسية، وأضاف أن فرنسا مطالبة بتقديم توضيح حول تصريح الرئيس الفرنسي الأخير، سواء عبر القنوات الرسمية المباشرة والعلنية أو عبر قنوات أخرى.
وأضاف أن العلاقات بين البلدين متأزمة الآن، وقد تذهب إلى التصعيد في حال أصرت فرنسا على عدم توضيح خلفيات التصريح الفرنسي في هذا الوقت بالذات، وقد تصل إلى وقف التعاون في بعض الملفات وفي مجالات اقتصادية معينة وغيرها .
ويرى المحلل السياسي، أن العلاقات بين البلدين لن تذهب إلى حد القطيعة النهائية وأن الأمور ستحل ضمن الأطر الدبلوماسية المتعارف عليها.
مراد - ح