تنام قرابة 422 عائلة بحي العرايس القصديري ببلدية فلفة بولاية سكيكدة على قنبلة موقوتة تهدد حياتهم في أي لحظة بسبب تواجد محطة للغاز داخل الحي فهم يرقدون فوق أنابيب الغاز من الحجم الكبير جعلتهم يعشون في خوف دائم وهاجس يؤرق يومياتهم فضلا عن معاناة متعددة الأوجه في مختلف مناحي الحياة داخل أكواخ تنعدم لأبسط ضروريات العيش الكريم ورغم هذا فان الحي الذي يقع على مقربة من المدينة الجديدة بوزعرورة وعلى بعد مسافة قليلة من مقر البلدية يأخذ في التوسع من يوم لأخر ويبقى وجهة مفضلة خاصة بالنسبة للعرسان الجدد في مفارقة عجيبة بهذه المدينة الساحلية.
الحي قبلة لكل العرسان الذين يدخلون القفص الذهبي ممن لم يجدون مأوى أو الذين يعيشون في ضيق مع عائلاتهم هذا ما أكده لنا مواطني الحي .أكد مواطني الحي الذي تحدثنا إليهم أن الحي بدأ يتشكل من أزيد من 40 سنة و يأخذ في التزايد من عام لأخر وفي المدة الأخيرة يعرف انتشار رهيب خاصة من طرف العرسان فأي شاب تزوج ولم يجد مسكنا أو يعيش في ضيق مع أهله تكون وجهته مباشرة هذا الحي لتشييد كوخ قصديري.
لاحظنا أثناء تواجدنا بالحي أن العديد من العائلات قامت ببناء أكواخ قصديرية داخل الوادي غير مبالية بالأخطار التي تحدق بهم خاصة في فصل الشتاء. وأكدت العائلات بأنها لم تجد أماكن شاغرة فاضطرتها الحاجة إلى بناء أكواخ في هذا المكان أحسن من التشرد في الشارع أو العيش مع الأهل في الضيق وما يلحقها من مشاكل خاصة في ظل ارتفاع أسعار الكراء. وأثناء معاينتا للأكواخ صدمنا لهول ما رأينا من مظاهر الأوساخ والقاذورات والمياه القذرة التي تحيط بها تشعر وكأنك داخل قمامة عمومية وليست منازلة آهلة بالسكان حيث تنعدم بالحي شبكة للصرف الصحي وهي المشكلة التي تؤزم وتؤرق يوميات العائلات خاصة عند قضاء الحاجة البيولوجية مما أدى بهم إلى ابتكار طريقة تعوض قنوات الصرف الصحي وهي وضع خزانات من البلاستيك هي في الأصل لتخزين الماء ووضعها بالمراحيض وتغييرها عند امتلاءها، فيما لجأت عائلات إلى حفر خنادق صغيرة أمام الأكواخ حتى أصبح يفصل بين الكوخ والآخر حفرة من المياه المتعفنة التي تنبعث منها روائح كريهة ومقززة لا يمكن للزائر للحي أن يبقى ولو 5 دقائق. واصلنا سيرنا عبر أرجاء الحي رفقة مرشدينا ومجموعة من الأطفال الذين أبوا أن رافقونا في مهمتنا و في طريقنا ألح علينا مواطن على دخول كوخه فكانت دهشتنا كبيرة من القذارة التي يعيش فيها رفقة 5 من أولاده أثنين من بناته خصص لهن نفق أو بالأحرى دهليز يخيل لك بأنك في إسطبل للحيوانات ويفصل غرفته بستار من القماش فيما ينام الذكور في المطبخ ومواطن آخر وجدنا منهمك في تنظيف منزله قال بأن لبلدية احتالت عليه وقامت بمنح سكنه الريفي الذي استفاد منه رفقة 5 مواطنين من الحي إلى أشخاص آخرين رغم أنهم قاموا بدفع المستحقات، وقد وجدنا صعوبة بالغة في التنقل من ناحية إلى أخرى بسبب المياه القذرة التي تشكل ديكورا في غياب مسالك ومنافذ تؤدي إلى الجزء السفلي للحي بسبب تداخل الأكواخ فيما بينها وكذا التضاريس الرملية للمنطقة زادت من صعوبة السير علاوة على خطورة الأسلاك الكهربائية التي تشبه شبكة العنكبوت وأمام مشكلة عدم توفر الحي على الطاقة الكهربائية لجأت العائلات إلى التزود من الأحياء الحضرية بالعمارات قرب مقر البلدية على مسافات بعيدة وروى السكان حكايات لا تنتهي بخصوص هذه القضية فهناك من اشترى ألاف الأمتار لتوصيل الانارة وأخرون جلبوا أسلاك كهربائية من على بعد 10 كيلومتر وذكر مواطن بأنه ذخر من راتبه الشهري 5 ملايين سنتيم من أجل شراء كابل كهربائي وتزاد خطورة العملية في فصل الشتاء عند حدوث الشرارات الكهربائية، أما مشكلة الماء فقد خصصت لهم البلدية حسب السكان 4 حنفيات عمومية مخصصة للغسيل فقط تتزود منها العائلات بالأدوار وبالتناوب وتشهد طوابير طويلة كل مساء، أما المياه الصالحة للشرب فيشترونها من عند الخواص ب 800 دج للصهريج الواحد وتتفاقم ظروفهم أكثر حسب ما ذكروا في فصل الشتاء أين تتحول الأكواخ إلى بحيرات من الماء ولا يمكنها الصمود أمام الرياح التي تسبب في اقتلاع الأسقف والجدران والكثير من العائلات وجدت نفسها في العراء معدما تضررت أكواخها يعيشون ليال مرعبة طيلة هذا الفصل المشكلة من القصدير وغير بعيد عن الحنفيات تتواجد مزبلة فوضوية يقول السكان بأن شاحنة البلدية لا تمر لحملها مما أدى إلى تكدسها في غياب حاويات مخصصة لجمع القمامة وهذا ما زاد في انتشار الأوساخ والقاذورات التي تطوق الحي من كل ناحية.
يبدي السكان قلقا شديدا جراء انتشار الزواحف بأرجاء الحي إلى درجة أن الفئران أصبحت تؤانسهم في المنازل وذكر مواطن أن أبنائه نجوا من موت أكيد بعدما تسلل ثعبان إلى الكوخ وكاد أن يلسع أطفاله مما جعله يتدخل لانقادهم وأكد بأن معظم العائلات أنه اضطرت أمام هذه المشكلة إلى تحويل أبنائها للإقامة عند الأهل والأقارب خوفا من لسعات الثعابين والعقارب التي تنتشر بكثرة بحكم أن التربة رملية، فيما قال آخرون بأنهم لا يعرفون طعم النوم ويقضون الليل في حراسة الأكواخ لحماية أبنائهم من خطر هذه الزواحف.
محطة الغاز قنبلة موقوتة تهدد بنسف حياة سكان بأكملهم
زيارتنا للحي كشفت عن خطر كبير يداهم السكان والمتمثل في تواجد محطة لقنوات نقل الغاز حيث لاحظنا بأن القنوات تمر مباشرة تحت الأكواخ وآخرين يجاورونها ببضعة أمتار في هذا الإطار أكد السكان بأن المحطة بنيت بتواجدهم وبالتحديد في 2007 وقد اتخذت السلطات المحلية آنذاك عدة إجراءات لترحيل العائلات المقيمة بجوار المحطة وتهديم الأكواخ لكن تلك الوعود بقيت حسبهم حبرا على ورق بل وجهوا أصابع الاتهام إلى السلطات المحلية التي تحايلت عليهم بعد أن ذهبت السكنات التي كانت مخصصة لهم إلى أشخاص غرباء. وأشاروا إلى الحي استفاد مسكن فقط مند تاريخ نشأته لكن لحد الآن لايزال أزيد قرابة 422 عائلة تعيش الجحيم في أكواخ لا تتوفر على أدنى شروط الحياة وحياتهم مهددة في أية لحظة علاوة على خطر قنوات يعاني السكان من الرائحة الكريهة التي تنبعث من هذه القنوات خاصة عند تفريغ مادة كيمائية خاصة بالغاز كثيرا ما سببت لهم حالات اختناق وربو جراء استنشاقهم لهذه المادة وكثيرا ما يستدعي الأمر تحويل أبنائهم إلى المستشفى خاصة وأن محيط المحطة يتخذه الأطفال فضاء للعب واللهو والظاهرة تحدث دائما في الفترة المسائية والوضع يندر بعواقب وخيمة وسط السكان إن لم تسارع الجهات المعنية في التعجيل بترحيلهم.
أكد سكان الحي انتشار ظاهرة “البزنسة” بالأكواخ القصديرية داخل هذا الحي لكنهم لا يعرفون بالتحديد الأشخاص الذي يقومون بممارسة هذه المهمة ورغم محاولتنا البحث عمن يقودنا لهؤلاء السماسرة لكن تعذر علينا معرف الوجهة والكل يتهرب من سؤالنا رغم تأكيدهم بوجود الظاهرة خاصة بعد ترحيل عدد من العائلات في سنة 2007 حيث بيع الكوخ ب 17 مليون سنتيم.
وعن إلصاق تهمة انتشار الرذيلة والفسق بالحي كما يزعم الكثير أكد السكان بأنها تهمة لا أساس لها من الصحة فكل العائلات المتواجدة بالحي عائلات شريفة جاءت من مختلف أحياء ومناطق مدينة سكيكدة وفلفلة ولم يسبق لهم أن تلقوا أو سمعوا عن أخبار وقضايا في هذا النوع من المشاكل وهي تهمة تريد أطراف الصقها بسكان الحي لأغراض شخصية.
وقد ألح علينا بعض مواطني الحي الدخول إلى الأكواخ للوقوف على معاناتهم ،وتفاجئنا حقيقة لاما لاحظناه من ظروف قاسية لا يحتمل لأي شخص العيش فيها بسبب انتشار المفظع للأوساخ والقاذورات بمحيط الأكواخ.
السلطات المحلية تجاهلت مطالبنا ورئيس الدائرة طردنا من المكتب
أكد السكان في حديثهم لنا بأنهم يعانون من الإقصاء والتهميش من طرف السلطات المحلية التي تجاهلت مشاكلهم وفي كل مرة تعطيهم وعود بالترحيل لكنها تبقى مجرد وعود وكل الأبواب تبقى موصدة في وجوههم مما اضطر بممثلين عنهم إلى نقل الانشغال إلى والي الولاية الذي أستمع إلى مشاكل الحي قبل أن يعطي تعليمات إلى رئيس الدائرة بالنظر فيها لكن هذا الأخير لم يعر أي اهتمام لتوجيهات الوالي وقام بطردنا من مكتبه وعليه يناشدون وزير السكن التدخل لترحيلهم وتخليصهم من الجحيم قبل وقوع الكارثة. و قد حاولنا الاتصال بكل من رئيس الدائرة والبلدية لأخذ موقفهما من انشغالات سكان الحي، لكننا لم نتمكن وكررنا المحاولة بدون جدوى.
كمال واسطة