اعتبر أستاذ القانون الدستوري بجامعة الجزائر 1 الدكتور رشيد لوراري، أمس، أن نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية التي جرت، أول أمس، حقيقية وواقعية ، معتبرا أن هذه الانتخابات ، من خلال النسبة التي تم تسجيلها تعتبر تأسيسا للديموقراطية الانتخابية الحقيقية في الجزائر، وأضاف أن الكرة الآن في مرمى هؤلاء المنتخبين و الذين عليهم أن يكونوا في مستوى الثقة التي وضعت فيهم من قبل الناخبين، و أن يكونوا في مستوى العهود الانتخابية التي قطعوها على أنفسهم.
وأوضح الدكتور رشيد لوراري في تصريح للنصر، أمس، أن نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية و التي بلغت 35.97 بالمئة بالنسبة للمجالس البلدية و 34.39 بالمائة بالنسبة لانتخاب أعضاء المجالس الولائية، هي نسبة حقيقية وواقعية وهي تعبر عن رأي أو توجهات الهيئة الناخبة في عملية تجديد المجالس المحلية، حيث اعتبرها أنها جد إيجابية من منطلق أنها تشكل انطلاقة أو أرضية لاسترجاع الناخب لثقته في الفعل الانتخابي مقارنة، خاصة بالمواعيد الانتخابية السابقة.
وأضاف في السياق ذاته، أنه زيادة على أنها أدت إلى إفراز مجالس منتخبة، فعلا تمثيلية حقيقية للشعب من منطلق أن السيادة ملك الشعب يمارسها من خلال مجموعة من العمليات في مقدمتها الانتخابات، هي تؤسس لمرحلة مستقبلية بالنسبة للفعل الانتخابي، و تشكل بداية أو انطلاقة لاسترجاع ثقة الناخب في المنتخب، وبالتالي تجاوز إلى حد ما يسمى بالعزوف الانتخابي مستقبلا، من منطلق أن ظاهرة العزوف هي ظاهرة عالمية ولا تقتصر فقط على الجزائر ولذلك لا يمكننا إلا أن نسجل بكل ارتياح هذه النتيجة، لأنها النتيجة الحقيقية والواقعية والأقرب إلى توجه هيئة الناخب في الجزائر- كما أضاف-.
وحول ظروف و سير الاقتراع ، أوضح الدكتور رشيد لوراري ، أنه إذا ما استثنيا بعض الحوادث المعزولة والفردية أو الشخصية التي وقعت على مستوى بعض الدوائر الانتخابية ، فإن العملية قد سارت بطريقة أقل ما يقال عنها أنها عادية جدا، مضيفا أنه حتى بالنسبة لبعض المناطق التي كان يراهن العديد من المعارضين على عدم مشاركتها ، فإنها قد أثبتت ومن خلال النسب التي قدمها رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بأن هذه المناطق متمسكة بالوحدة الوطنية وبالعملية الانتخابية كأداة دستورية وديموقراطية وحيدة للوصول إلى السلطة بغض النظر عن النسبة الضعيفة التي سجلت على مستوى هذه الدوائر الانتخابية ، وهذا شيء طبيعي وفعلي وهذه هي الديموقراطية وأكد في نفس السياق، أنه لا وجود لطريق للوصول إلى السلطة، إلا من خلال الانتخابات، التي اعتبرها المؤسس الدستوري، بمثابة حق و معناه أن الفرد أو المواطن هو حر في ممارسة هذا الحق أو الامتناع عن ممارسته، ولذلك فما جرى بالنسبة لبعض الدوائر الانتخابية في هذا المجال من مشاركة تعتبر إلى حد ما متدنية، فهذا يدخل في هذا الاطار، لأنه لا يمكننا أن نفرض على المواطن القيام بممارسة هذا الحق .
واعتبر أستاذ القانون الدستوري بجامعة الجزائر 1، أن هذه الانتخابات، من خلال النسبة العامة الوطنية التي تم تسجيلها تعتبر تأسيسا للديموقراطية الانتخابية الحقيقية في الجزائر، مضيفا أن الانتخابات المحلية هي آخر حلقة من حلقات إعادة بناء مؤسسات الجزائر الجديدة ، كما وعد بذلك رئيس الجمهورية أثناء حملته الانتخابية، لافتا إلى أن الكرة الآن في مرمى هؤلاء المنتخبين و الذين عليهم أن يشمروا على سواعدهم، لأن يكونوا في مستوى الثقة التي وضعت فيهم من قبل الناخبين، ومن جهة أخرى عليهم أن يكونوا في مستوى العهود الانتخابية التي قطعوها على أنفسهم أمام المواطن، الذي سيبقى يلاحظ ويتابع بكل اهتمام ودقة مدى التزام هؤلاء المنتخبين بتنفيذ وتجسيد برامجهم الانتخابية والوعود التي قدموها للناخبين .
وأشار الدكتور رشيد لوراري، إلى الدور المنتظر من قبل هذه المجالس في إحداث عملية التنمية والتغيير المنتظرين مستقبلا ، بالرغم من الصلاحيات المحدودة، لكن نعلق آمالا كبيرة -كما قال-على مراجعة قانوني البلدية والولاية و إعادة النظر في الصلاحيات ومنح صلاحيات واسعة خاصة، فيما يتعلق بالبحث عن موارد مالية لتمويل نشاطات وبرامج هذه الهيئات المحلية وأن لا يبقى دورها مقتصرا على تسيير المرفق العمومي البلدي من خلال تقديم بعض الخدمات للمواطن والعمل على صرف الميزانية التي تتحصل عليها من الخزينة العمومية .
وأكد أنه يتعين في هذا الإطار، أن تصبح هذه الهيئات المحلية مستقبلا بمثابة أداة للتنمية المحلية، من خلال البحث عن برامج استثمارية، سواء كانت عامة أو خاصة ومن خلال البحث عن موارد أخرى مالية ، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال انفراد هذه الهيئات بقراراتها ، بل قراراتها يجب أن تبقى دائما في إطار الصلاحيات المخولة لها قانونيا مستقبلا وأيضا تكون خاضعة لمجموعة من الآليات الرقابية والتي سيتم تحديدها بكل دقة ووضوح في قانوني البلدية والولاية مستقبلا.
مراد -ح