انتقد صحفيون فلسطينيون، الزيارة «غير المسبوقة» لوزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، بيني غاتس، إلى المغرب وتوقيع الطرفين اتفاقيات أمنية، خصوصا أنها تأتي من بلد عربي يمسك ملفا أساسيا في القضية الفلسطينية، وهو دعم القدس في وجه التهويد، معربين في حديثهم للنصر، عن تخوفات من أن تفتح هذه الخطوة «المخيبة» و ما سبقها من «هرولة» دول عربية إلى التطبيع، الباب أمام تحول العرب إلى سوق لتكنولوجيا السلاح الإسرائيلية الذي استُعمل في تقتيل الفلسطينيين لعقود.
سالي السكني مراسلة تلفزيون «فلسطين» من غزة
التاريخ لن يغفر للمغرب بعدما كان يتغنى بالقضية الفلسطينية
تتأسف سالي السكني، مراسلة تلفزيون «فلسطين» من قطاع غزة، لخطوة المغرب في استقبال وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، و قالت إن التاريخ لن يغفرها، مضيفة أن ما يحدث من تطبيع أمني مع الكيان الصهيوني، يعني أنه من غير المستبعد أن يُقتل الفلسطينيون بسلاح عربي يوما ما.
و تضيف السكني أنها وكغيرها من الفلسطينيين، سمعت بالاتفاق الجديد بين إسرائيل والمملكة المغربية و المزمع عقده خلال الفترة المقبلة، بعد الزيارة التمهيدية لوزير جيش الاحتلال بيني غانتس المرحب بها في دولة عاشت، تتابع محدثتنا، وهي تتغنى بالوحدة العربية و دعم القضية الفلسطينية، لكنها تُحضر له استقبالا حافلا تُوج بالحديث عن اتفاقية أمنية لبيع الأسلحة وتعزيز العلاقات الإسرائيلية المغربية، لتعلِّق قائلة «هنا أسهل ما يمكن على الفلسطينيين تخيله أنهم سيُقتَلون بسلاح عربي بِيع لإسرائيل يوما».
و تبرز المراسلة، أن الشعب الفلسطيني والصحفيين الفلسطينيين المطلعون على نشاط مؤسسات وهيئات مغربية في دعم فلسطين ورفض التطبيع، لا زالوا يكنون كل الحب للشعب المغربي الشقيق، «لكنهم لن ينسوا في المقابل موقف حكومته من تلك الخطوات التي لن يغفرها التاريخ و ستبقى محفورة بين صفحاته ليُرَّد الصاع صاعين وربما يكون الرد على يد إسرائيل».
وتردف محدثتنا بأن الكيان الصهيوني لطالما ادعى الظلم و الاضطهاد، و اليوم يمد العون للمغرب، بيد ملطخة بدماء الأبرياء من النساء و الأطفال والمدنيين العزل الفلسطينيين والعرب، لتضيف «لا مفر من انقلاب السحر على الساحر و ستعود إسرائيل لشعارها الذي تثبته بالأفعال كلما أتيح لها وهو أنا و من بعدي الطوفان».
و تُعرب الصحفية الفلسطينية عن أسفها لانتهاج دول عربية سياسة التطبيع مع المحتل و منها المغرب، وتقول «ربما في السابق كانت فكرة التطبيع مع إسرائيل كدولة احتلال فكرة تقشعر لها الأبدان، و لم يكن يتخيل الفلسطينيون يوما أو حتى إسرائيل نفسها أن السنوات ستمر و تسقط الشعارات و تنقلب موازين القوى بين الدول، لتصبح فكرة التطبيع ليست ممكنة وحسب، و إنما باتت مثار هرولة لدى بعض الحكومات العربية من أجل الشراكة وعقد الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها».
السكني تؤكد أن التطبيع العربي الإسرائيلي هو قضية خطيرة تشكل تهديداً حقيقياً للثوابت العربية الإسلامية، و تقول إن الشعوب الرافضة والمعارضة للتطبيع لا تستطيع إجبار حكوماتها على الانسحاب والتخلي عن تطبيعها مع إسرائيل، في حين أن الخطر الحقيقي ليس واقعاً على القضية الفلسطينية وحسب بل يمتد لما هو أبعد من ذلك بكثير، وفق تعبيرها.
و تحذر الصحفية الفلسطينية التي كانت شاهدة على جرائم ارتكبها الاحتلال في حروبه على غزة، أن الأمة الإسلامية هي المستهدَف الرئيسي من خلال إضعاف الاهتمام بالقضايا التي تهم المسلمين وتفكيك هويتها بثوابتها ومبادئها وعلى رأسها قضية القدس، مضيفة أن الخيانة باتت تتجلى في رؤية إسرائيل نموذجاً للدول الناجحة المتقدمة.
وتتابع محدثنا أن التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، أضعف كذلك موقف القضية الفلسطينية وسط تخلي أكثر الدول العربية تأثيراً في المنطقة عن دعمها لفلسطين، وانتقال دعمها لإسرائيل نفسها، بما يعني إضعاف موقف القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية مع استمرار سنوات الانقسام السياسي الداخلي، الذي يساعد، برأيها، في المزيد من التخبط في الموقف الفلسطيني في المنطقة العربية.
و تردف محدثتنا بالقول «لا نغفل أيضا دور التطبيع العربي في إنجاح صفقة القرن، والمخطط الإسرائيلي لضم مناطق من الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية، لنصبح اليوم أمام كارثة حقيقية خططت لها إسرائيل وتنفذها الحكومات العربية بحذافيرها، لتعيد إلى الأذهان النكبة الفلسطينية عام 1948 والتي كانت بعض الحكومات العربية حينها هي السبب الرئيسي في وقوعها.
وسام أبو زيد مراسل التلفزيون الجزائري من غزة
كان يُفترَض استقبال بيني غانتس بالأغلال
يرى وسام أبو زيد مراسل التلفزيون في قطاع عزة، أن استقبال المغرب لوزير الحرب الإسرائيلي، سيزيد من غطرسة الاحتلال و يشجعه على ارتكاب مزيد من الجرائم في حق الفلسطينيين، نافيا ما يروج له البعض بأن التطبيع مع الكيان الصهيوني سيعود بالنفع على الشعب الفلسطيني.
و علّق الإعلامي على زيارة وزير حرب الكيان الصهيوني للمغرب، قائلا «من المفروض أن يُستقبل مجرم الحرب بالأغلال و القيود، و أن يُزج به في السجون تحقيقا للعدالة الإنسانية، أما استقباله من المغرب بشكل رسمي و علني فاضح، سيجعله يتمادى و يُمعن في قتل الشعب الفلسطيني و سرقة أرضه و هي خطوة تعدِّ تجعل المغرب مسؤولة يوما عما يحدث من إرهاب إسرائيلي على الأرض الفلسطينية».
و يرى أبو زيد، أن التطبيع الذي بدأته عدد من الدول العربية هو، مثلما وصفه، خنجر في خاصرة الشعب الفلسطيني الذي ما يزال يعاني ويلات الاحتلال منذ أكثر من سبعين عاما و تصادَر كل حقوقه المشروعة التي تكفلها كل القوانين الدولية.
و يتابع الصحفي الفلسطيني بالقول «التطبيع بمعناه اللغوي هو أن تتطبع شعوب أو مجتمعات بطبع دول أخرى و حتى بعاداتها و تقاليدها، لكن بمعناه السياسي المليء بالمصالح على حساب المبادئ أو تطلعات الشعوب، فهو يهدف إلى تبادل أمني و عسكري بالدرجة الأولى، ليزيد الاحتلال التوتر بين الأمة الواحدة و يغرق الدولة التي طبعت معه بوحل الفرقة و البغضاء فتبقى دائما بحاجة إلى الاحتلال الإسرائيلي أو حتى التحالف مع الشيطان نفسه».
و يبرز أبو زيد في حديثه للنصر، أن ما قامت به المغرب يزيد من تشوه صورة الترابط الديني و الإسلامي و الأخلاقي و الاجتماعي، و يلعب على التناقضات لأهداف «غير شريفة»، مؤكدا أن التطبيع ليست له أية فوائد على القضية الفلسطينية، على عكس ما يتم الترويج له، بل إنه «يزيد الاحتلال من غطرسته و سلبه الأرض و قتل الإنسان».
فراس الطويل الصحفي الفلسطيني من الضفة الغربية
الزيارة كانت مخيبة من بلد يرأس «لجنة القدس»
ذكر فراس الطويل، وهو صحفي فلسطيني في الضفة الغربية، أن زيارة وزير جيش الاحتلال إلى المغرب و توقيع اتفاقيات أمنية عسكرية، كانت مخيبة بالنسبة للفلسطينيين، خصوصا أنها أتت من بلد عربي يُفترض أنه يرأس «لجنة القدس».
و في حديثه للنصر، أبرز الطويل أن موقف الفلسطينيين من هذه الزيارة على الصعيد الرسمي، كان بإدانتها من طرف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، و دعوتها المغرب إلى التراجع عن الاتفاقات الأمنية العسكرية بين الطرفين، كما قالت إن مثل هذه الاتفاقيات تشكل ضربة للقضية الفلسطينية خصوصا من بلد يرأس لجنة القدس، كما أنها تعزز من وجود الاحتلال و تعد بمثابة مكافأة له في ظل ممارساته العنصرية ضد الشعب الفلسطيني.
و أضاف الإعلامي الفلسطيني الذي عمل في مجال الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون، أن حركة حماس أدانت هي الأخرى الاتفاق الأمني العسكري بين البلدين ودعت مباشرة إلى التراجع عنه، كما أدانت على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري، الزيارة، واعتبرت أنها أيضا مكافأة للاحتلال و ستعزز من وجود إسرائيل في المنطقة ومن اختراقها لشعوب القارة الأفريقية.
أما على الصعيد الشعبي، يتابع الصحفي، فقد كانت هنالك مجموعة من الردود الرافضة والمستنكرة لهذه الزيارة وتوقيع الاتفاقيات بين الطرفين، خصوصا أنها جاءت قبيل أيام من اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني و من بلد يرأس لجنة القدس، كما أن «حركة مقاطعة إسرائيل» المعروفة عالميا بـ «بي دي أس»، استنكرت الزيارة واعتبرت أنها إمعان في التطبيع و دعت إلى التراجع عن اتفاقيات التطبيع بين الدول العربية و إسرائيل.
و يتابع الصحفي بالقول «بالمجمل الزيارة كانت مخيبة. كانت هناك دعوات للتراجع عن مثل هذه العلاقات و أيضا حث الدول العربية على عدم توقيع اتفاقيات تطبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي»، و يردف محدثنا بأن محللين فلسطينيين يرون أن مثل هذه الاتفاقيات بين الرباط وتل أبيب تهدد استقرار المنطقة، و تؤدي بالنتيجة، إلى جعل إسرائيل قوة كبرى بعد تعزيز مكانتها الأمنية والعسكرية في الشرق الأوسط.
ميرفت صادق الصحفية الفلسطينية بالضفة الغربية
خطوة تحمل مخاطر كبرى ونخشى تحوُّل العرب إلى سوق للسلاح الإسرائيلي
تؤكد الصحفية الفلسطينية بالضفة الغربية، ميرفت صادق، بأن زيارة وزير الجيش الإسرائيلي إلى المغرب، باتت متوقعة بعد إعلان الأخير عن اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني، محذرة بأن هذه الخطوة تحمل مخاطر كبيرة.
و تبرز المتحدثة، أنه وعلى الصعيد السياسي، تترأس المغرب لجنة القدس في منظمة التعاون الإسلامي، أي أنها تمسك ملفا أساسيا في القضية الفلسطينية، وهو دعم القدس في وجه التهويد الإسرائيلي، في حين أن اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال ستحدّ من نشاط هذه اللجنة وفعاليتها و قدرتها على تجنيد الدعم السياسي والمالي للقدس.
أما على الصعيد الأمني والعسكري، تردف الصحفية في حديثها للنصر، أن توقيع المغرب اتفاقيات تعاون أمنية تتضمن مدّه بتكنولوجيات أمنية متقدمة من صنع إسرائيل، بما يشكل ضربة للنضال الفلسطيني، خاصة أن الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني تتحول شيئا فشيئا إلى سوق للسلاح والتكنولوجيات الأمنية الإسرائيلية التي جرّبها الاحتلال ويجربها على الفلسطينيين وأطفالهم وعلى الأسرى في السجون.
و تتابع الصحفية «على الصعيد العربي، ليس خافيا على أحد أن المساعي الإسرائيلية المتسارعة للتطبيع مع دول أفريقيا خاصة، هدفها السيطرة على موارد ومناطق استراتيجية مهمة في العالم، ويأتي التطبيع مع المغرب بعد نشاط كبير لإسرائيل في القرن الأفريقي وخاصة في إثيوبيا وجنوب السودان والسودان وغيرها».
وتتخوف المتحدثة من محاولة محاصرة الجزائر سياسيا وعزلها بسبب موقفها التاريخي من القضية الفلسطينية، وذلك، بحسبها، بعد اتفاق التطبيع مع المغرب من جهة، والتصريحات والزيارات بين بعض مرشحي الرئاسة في ليبيا وبين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والوعود بالتطبيع معها بعد الانتخابات الليبية، من جهة أخرى.
ياسمين بوالجدري