أعدت الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات المحلية الأخيرة دورات تكوينية لتأطير المنتخبين المحليين الجدد، لا سيما في مجال صرف الميزانية والصفقات العمومية، وكيفية تنسيق المهام مع الإدارة، على أن تشرف هيئات محلية على المرافقة المستمرة للمنتخبين لتحسين مستوى الأداء استجابة لتطلعات المواطنين.
تنتظر التشكيلات السياسية الفائزة بمجالس ولائية وبلدية إنهاء التحالفات والتنصيب الرسمي للمجالس المحلية التي أفرزتها الانتخابات المحلية، للشروع في تطبيق برامج تكوينية مكثفة لفائدة المنتخبين المحليين الجدد، لا سيما الذين لم يسبق لهم ممارسة عهدة انتخابية على مستوى هذه المجالس.
وتسعى الأحزاب التي حققت نتائج إيجابية في الاستحقاقات الأخيرة إلى تحقيق قفزة نوعية في التسيير المحلي، والرقي بأداء المنتخبين المحليين للنهوض بالتنمية المحلية استجابة لتطلعات المواطنين، وما تم التعهد به خلال الحملة الانتخابية، وكذا إحداث القطيعة مع ممارسات سابقة لتجديد ثقة المواطن بالمؤسسات المحلية.
وتعكف في هذا الصدد، قيادة حزب التجمع الوطني الديمقراطي على صياغة التعليمات التي سيتم توجيهها لمنتخبي الحزب، لا سيما رؤساء المجالس الولائية والبلدية، مع التحضير لدورات تكوينية في المجال القانوني وتسيير الميزانية والصفقات العمومية، إلى جانب تنظيم دروة تكوينية مباشرة بعد تقييم نتائج الانتخابات المحلية من قبل المجلس الوطني للحزب.
وسيستفيد المنتخبون الجدد حسب ما أكده «للنصر» الناطق الرسمي باسم الأرندي الصافي لعرابي، من تكوين شامل حول التسيير المحلي وكيفية تسهيل التواصل المستمر مع المواطنين والسماع لانشغالاتهم، موضحا بأن العجز المالي الذي تعاني منه حوالي 900 بلدية بسبب سوء تسيير الميزانية، جعل الحزب يركز اهتمامه على ترقية أداء المنتخبين تفاديا لأخطاء سابقة كانت سببا في وقف عجلة التنمية على المستوى المحلي.
وتتمحور الدورات التكوينية أيضا للتجمع الوطني الديمقراطي حول كيفية تسيق العمل مع الإدارة في مجال صرف الميزانية، بطريقة تحفظ صلاحيات الأميار وتحد من هيمنة الإدارة وفق المتحدث، فضلا عن توضيح مهام رؤساء المجالس البلدية في مجال صرف المال العام لتجنيبهم أخطاء التسيير التي أدخلت العديد من المنتخبين إلى أروقة العدالة.
ويجتهد بدوره حزب جبهة القوى الاشتراكية من أجل أن يحقق منتخبوه أحسن أداء على المستوى المحلي، من خلال التأطير الذي ستضمنه فيدراليات الحزب لفائدة منتخبي الحزب من المناضلين والمتعاطفين مع جبهة القوى الاشتراكية.
وبحسب الناطق باسم الأفافاس هشام زعنابي، فإن كافة المنتخبين الجدد التابعين للحزب على اطلاع واسع بخطه السياسي وبالأهداف المتوخاة من المشاركة في الاستحقاقات المحلية، موضحا بأن الماضي النضالي للفائزين في قوائم جبهة القوى الاشتراكية في إطار الحركات الجمعوية، مكنهم من اكتساب خبرة وتجربة في مجال التسيير، مما سيسهل عليهم الأمور بعد الانطلاق في ممارسة المهام.
ولا يخلو برنامج الأفافاس بدوره من الدورات التكوينية الدورية، من بينها اللقاء الوطني الذي يجمع سنويا كافة المنتخبين بقيادة الحزب، فضلا عن تنظيم ورشات لتقييم أداء المنتخبين، وتبادل التجارب والخبرات، والإنصات للانشغالات والمشاكل التي يثيرونها، بهدف تذليل الصعاب أمامهم. ويعد الميثاق الأخلاقي الذي وقع عليه المترشحون قبل انتخابهم، بمثابة التزام اتجاه المواطنين والحزب والقانون، على الفائزين في الانتخابات الأخيرة التقيد به، حسب تأكيد المتحدث.
ويرى من جهته عضو المكتب الوطني لحركة مجتمع السلم نعمان لعور بأن المنتخب المحلي يمارس في الأصل منصبا سياسيا وليس تقنية أو إدارية، لذلك لا يمكن الانتظار منه التمكن من التسيير الجيد والمثالي والتحكم في المجال القانوني والتسيير المالي، قائلا في تصريح «للنصر» بأن قيادة حمس أخذت هذا الجانب بالحسبان، من خلال العملية التكوينية التي تستهدف المنتخبين الجدد.
وبحسب المصدر فإن الكثير من المنتخبين تمكنوا من الفوز في الاستحقاقات الأخيرة بفضل الشعبية التي يحظون بها، وليس بسبب الكفاءة في مجال التسيير، موضحا بأن أمانة المنتخبين المحليين على مستوى الحركة ستتولى معالجة كافة النقائص، لرفع مستوى أداء المنتخبين الجدد، فضلا عن المنتخبين على مستوى المجالس الولائية. وستستمر المرافقة على مدى خمس سنوات، أي طيلة العهدة الانتخابية، بهدف تحقيق التنمية المحلية، فضلا عن تخصيص محور التكوين الأخلاقي تقيدا بمبادئ الحركة.
لطيفة بلحاج
