نجح سهرة أمس المنتخب الوطني في حجز مقعد في نهائي النسخة الحالية من كأس العرب، عقب تأهله على حساب منتخب البلد المضيف قطر، في قمة أثبت من خلالها «الخضر» علو كعبهم، بمواصلة فتوحاتهم بتقدير ممتاز في هذه التظاهرة، لأن موعد الأمس كان استثنائيا، كون كتيبة «الماجيك» واجهت بطل آسيا، الذي كان مدعما بجمهوره القياسي، لكن الفرديات الجزائرية كانت كافية لصنع الفارق، بعد «سيناريو» هيتشكوكي، بين بطلي القارتين إفريقيا وآسيا، وضرب المنتخب موعدا مع نظيره التونسي في نهائي مونديال العرب، في طبعته الرسمية الأولى تحت مظلة الفيفا، والمقرر عشية هذا السبت، في «ديربي» مغاربي خالص.
المباراة، والتي جرت بشبابيك مغلقة، أمام مدرجات مكتظة عن آخرها، شهدت إقدام الناخب الوطني بوقرة على القيام ببعض التغييرات على التشكيلة الأساسية مقارنة بتلك التي كانت في ربع النهائي، وذلك راجع بالأساس إلى خيارات تكتيكية، حيث راهن على خبرة بن العمري في المحور بدلا من توقاي، كما أقحم دراوي كأساسي خلفا لمريزق، فضلا عن عودة بونجاح إلى منصبه كرأس حربة، في الوقت الذي عمد فيه مدرب المنتخب القطري فيليكس سانشيز إلى الاحتفاظ بنفس التشكيلة التي كانت قد تأهلت على حساب منتخب الإمارات في ربع النهائي .
وأثبتت النخبة الوطنية حضورها الذهني القوي من خلال تعاملها بذكاء كبير مع مجريات اللعب، لأن المنتخب القطري حاول استغلال الدعم الجماهيري الكبير للوصول مبكرا إلى شباك مبولحي، وكان الاعتماد على الرواق الأيمن للثنائي إسماعيل والمعز علي مصدر الخطر، لكن بتسجيل فرصة وحيدة للتهديف، بمحاولة فردية من المعز علي في الدقيقة 13.
مع مرور الدقائق نجح "الخضر" في امتصاص الاندفاع العشوائي للقطريين صوب الهجوم، وذلك من خلال الاعتماد على التمريرات القصيرة، والاحتفاظ بالكرة أطول فترة ممكنة، مما أعطى النخبة الوطنية الكثير من الثقة في النفس والامكانيات، خاصة بعد النجاح في الاستحواذ كلية على منطقة وسط الميدان، وقد كانت المهارات الفردية من بين المفاتيح التي راهن عليها بوقرة بحثا عن هدف مباغت، وقد كاد بونجاح أن يصل إلى المبتغى في الدقيقة 21 بعد كرة عرضية من مزياني على الجهة اليمنى.
تحكم العناصر الوطنية في زمام الأمور أبطل مفعول الهجوم القطري، لكن الرقابة اللصيقة التي فرضها القطريون على بلايلي، براهيمي وبونجاح حالت دون ترجمة التفوق الجزائري، ولو أن براهيمي أهدر أخطر فرصة في هذا الشوط، وكانت في الدقيقة 31، حيث انتهت تسديدته بين أحضان الحارس سعد الشيب، في الوقت الذي قضى فيه مبولحي ثلثي هذه المرحلة في راحة، بدليل أن الركنية الوحيدة للقطريين في النصف الأول من عمر اللقاء كانت في الوقت بدل الضائع.
"فيزيونومية" اللعب مع بداية الشوط الثاني تواصلت بنفس الريتم، على وقع سيطرة مطلقة للنخبة الوطنية، التي طوقت المنافس في منطقته، وفرضت ضغطا مكثفا على مرمى الحارس سعد الشيب، وقد كانت أولى الفرص قد أتيحت لبونجاح في الدقيقة 51، بعد تلقيه تمريرة ذكية من شتي، قبل أن تكلل السيطرة الجزائرية بهدف السبق بعد سلسلة من الركنيات المتتالية، حيث أودع بن العمري الكرة في عمق الشباك القطرية برأسية، مغيرا مسار تسديدة قوية من بن عيادة، وكان ذلك عند الدقيقة 59.
هذا الهدف وإن جسد السيطرة الجزائرية على مدار ثلثي أطوار اللقاء فإنه أرغم القطريين على السعي للرد بسرعة، في محاولة للعودة في النتيجة، لكن بوقرة فضل تغيير خياراته، وذلك بتعزيز الخط الخلفي بتاهرات كمدافع محوري إضافي، مع إخراج بونجاح، لأن منتخب قطر كان يعتمد في محاولاته على الكرات العرضية الطويلة، سعيا منهم لتكرار "سيناريو" المنتخب المغربي، وقد كانت أخطر فرصة تلك التي صنعها بوعلام خوخي في الدقيقة 71، برأسية محكمة، أظهر من خلالها مبولحي كامل رشاقته لانقاذ مرماه من هدف محقق.
الدقائق المتبقية من عمر اللقاء لم تشهد الشيء الكثير، لأن العناصر الوطنية عرفت كيف تتعامل مع الاندفاع العشوائي للقطريين صوب الهجوم، قبل أن يحتسب الحكم البولوني مارتشينياك 9 دقائق كوقت بدل ضائع، وهي المدة التي عرفت نجاح منتخب قطر في تعديل النتيجة في الدقيقة 95 عن طريق مونتاري بضربة رأسية، ولو أن الحكم تغاضى عن خطأ ارتكب على بن العمري داخل المنطقة في لقطة الهدف، وقد احتكم إلى تقنية "الفار"، لكنه أقر بشرعية الهدف القطري، قبل أن تشهد الأنفاس الأخيرة من المباراة "سيناريو" دراماتيكي، لأن الحكم احتسب ضربة جزاء شرعية للمنتخب الجزائري في الدقيقة 105، بعد العرقلة التي تعرض لها براهيمي، ليتولى بلايلي تنفيذ الضربة، وقد تصدى لها الحارس القطري الشيب في بادئ الأمر، إلا أن بلايلي استغل الكرة المرتدة ليودع الكرة في الشباك، مانحا تأشيرة التأهل للجزائر. ص / فرطــاس
يتّجه لتكـرار سيناريو بلمـــاضي
بوقـرة يرد على المنتقدين
ردّ المدرب مجيد بوقرة على منتقديه بطريقته الخاصة، عقب نجاحه في قيادة المنتخب الوطني لنهائي كأس العرب، ليصفع بذلك كل المشككين في مؤهلاته التدريبية، وهو الذي تعرض لحملة شرسة، قبيل التنقل إلى قطر، بسبب خياراته، عقب استبعاد بعض الأسماء، في سيناريو مشابه لما حدث مع مثله الأعلى جمال بلماضي، قبيل “كان” مصر 2019، أين انتقد مهندس النجمة الثانية بشدة، بحجة أن قائمته ضمت عناصر لا تستحق الدعوة في صورة قديورة، غير أن البطولة أبانت العكس، بعد ما قدمه لاعب شيفيلد الذي كان من أفضل لاعبي البطولة. «الماجيك»، تنقل رفقة كتيبته إلى قطر وسط تشكيك في كفاءته، ومقدرته على قيادة الخضر إلى النتائج المرجوة، خاصة مع افتقاده للخبرة، وخرجته الأخيرة باستبعاد غالبية الأسماء التي خاضت معه جل تربصات المنتخب المحلي، غير أنه كان في الموعد، ونجح رويدا رويدا في جعل الجماهير الجزائرية تلتف حوله وحول منتخبه، خاصة بعد الأداء المقدم أمام المنتخب المغربي في الدور ربع النهائي، حيث كان كلمة السر في التأهل بعد تفوقه في شوط المدربين على نظيره عموتة. وأكد بوقرة علو كعبه في لقاء المربع الذهبي، عقب تخطي عقبة البلد المنظم قطر، لينصب نفسه بذلك واحدا من أفضل المدربين في الدورة، في انتظار تفوقه في المباراة النهائية لدخول التاريخ من أوسع الأبواب، على اعتبار أنه سيكون أصغر مدرب جزائري يفوز بلقب من هذا النوع مع المنتخب الوطني أكابر، ولئن كان إنجاز بلماضي فريدا من نوعه، على اعتبار أنه حائز على الكان في سن 43. ومما لا شك فيه ستكون لنتائج البطولة العربية المبهرة، الأثر الإيجابي على مسيرة بوقرة التدريبية، حيث ستمنحه الثقة التي يبحث عنها، قبيل التحديات المقبلة، وفي مقدمتها دورة «الشان» المقررة بالجزائر، والمطالب بحصد لقبها، ولو أن «الماجيك» مرشح أيضا للتواجد رفقة بلماضي في نهائيات أمم إفريقيا المقبلة، وقد يستنجد بخدماته، كونه يدرك دوره وسط المجموعة كما فعل سابقا.
سمير. ك
مدرب الخضر بوقرة يصرح
لن نتنازل عن الكأس
أكد مدرب المنتخب الوطني مجيد بوقرة أنه توقع صعوبة المباراة، أمام منافس يمتلك أفضلية الأرض والجمهور، وقال” توقعت صعوبة المباراة أمام منافس يعتمد على الهجمات المرتدة، لكن أكثر ما أزعجني نوعا ما هو الأداء التحكيمي، وإضافة كل هذه الدقائق، لكن الحمد لله تمكنا من تحقيق التأهل وإسعاد الشعب الجزائري”.
وأضاف بوقرة في تصريحاته بعد نهاية اللقاء:” سنكون على موعد مع مباراة نهائية بطعم “ديربي”، وأعتقد أن المنتخب الوطني الوحيد الذي خاض عدة مواجهات قوية، ولعب 6 مواجهات في ظرف 17 يوما يرهق كثيرا اللاعبين من الناحية البدنية، لكن ثقتي كبيرة في المجموعة، وبفضل العزيمة والإرادة نجحنا في تحقيق الهدف المنشود، ولن نتنازل عن الكأس”. ح.س