دعا المشاركون في الملتقى الثاني عشر للرئيس الراحل هواري بومدين المنعقد بقالمة أمس الاثنين إلى أخذ العبر و المآثر من مسيرة الرجل الذي عاش من أجل وطنه، متحديا كل المصاعب التي واجهته منذ طفولته، و إلى غاية أيامه الأخيرة عندما كان على رأس الدولة الجزائرية الفتية المتوجهة إلى بناء الفرد و الاقتصاد و المجتمع، المتخندقة مع المظلومين و حركات التحرر العالمية.
و قد شارك في الملتقى مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالحركة الجمعوية و 4 من أعضاء الحكومة و هم وزير التربية الوطنية، وزير السكن، وزير العمل و وزير المجاهدين الذي ألقى كلمة بالقاعة الرياضية لبلدية هواري التي تحتضن الملتقى على مدى 12 عاما، قال فيها بأن الجزائر أنجبت رجالا سيبقون معالم و أعلام و منارات و سيضلون ذكرى و قدوة عبر الأزمنة و العصور، و من بينهم الرئيس المجاهد العقيد محمد بوخروبة المدعو هواري بومدين، سليل هذه الأرض المجاهدة الذي رحل في مثل هذا اليوم من سنة 1978 متسلقا معارج الخلود، إن هذا الرجل الوطني المخلص الذي نحي ذكراه اليوم كان و سيظل حيا في ذاكرة الشعب الجزائري كشخصية ثورية، و تاريخية من الرعيل الأول و كأحد صانعي مجد الجزائر الذين بايعوا الوطن بالحق قولا و فعلا، إنه رجل من طينة المخلصين الذين كرسوا حياتهم للأمة و للوطن و وجها مشرقا في العمل الوطني، كان السياسي الرصين العسكري الحكيم القائد المنظم و المفكر المخطط الذي عاش للكفاح روحا و بدنا و ما غير و ما بدل تبديلا.
و أضاف وزير المجاهدين أمام الملتقى الذي تنظمه جمعية الوئام لترقية نشاطات الشباب لبلدية هواري بومدين بأن الرئيس الراحل كان من الذين أرسوا الأسس المتينة للثورة التحريرية و وضع هياكلها التنظيمية، التي دحرت الاستعمار و حققت الحرية و استقلال البلاد، و كان لهذا التنظيم المحكم دورا رياديا في تكوين إطارات الجزائر الفتية، الذين تولوا مهمة بناء الدولة الوطنية المستقلة و تشييد صرحها و حمايتها و الدفاع عنها، و تحملوا عبء سنوات الاستقلال الأولى للجزائر التي صارت محجا للثوار و الأحرار حول العالم.
و شدد وزير المجاهدين على أنه بالعمل وحده تحررت البلاد، و بالعمل تم بناء مؤسسات الدولة، و علينا أن نعمل بجد حتى تستمر الدولة، داعيا أجيال اليوم إلى الاقتداء بالمجاهدين الذين حرروا البلاد و قادة الأمة الذين تركوا بصمات خالدة في تاريخ الجزائر الحافل بالإنجازات و الأحداث و التحديات. و في مداخلة له تحت عنوان بومدين في عيون الآخرين قال الإعلامي محمد بوعزارة، بأن الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان كان من ألد أعداء بومدين لكنه قال قولة كبيرة في حقه عندما وافاه الأجل زاعما بأن الجزائر لن تكون قادرة على تعويضه و الإتيان برئيس آخر من نفس وزنه، لكننا نقول لجيسكار ديستان و لكل الفرنسيين بأن الجزائر لن تعقر و ستبقى ولادة منجبة للقادة و الزعماء.
و تطرق المحاضر إلى مساهمة الرئيس الراحل هواري بومدين في إرساء دعائم النظام الاقتصادي الدولي الجديد خلال مؤتمر دول عدم الانحياز الذي عقد بالجزائر في سبتمبر 1973، و في مؤتمر القمة الإسلامي في أفريل 1974 و في خطابه الشهير في الجمعية العامة للأمم المتحدة من نفس العام، مؤكدا بأن مواقف الرجل خلال حرب 1967 مع إسرائيل و دعمه للجيش المصري و رفضه الانصياع للضغوط الأمريكية آنذاك ستبقى خالدة في تاريخ و ذاكرة الأمة العربية و أحرار العالم.
و من جهته أوضح اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد مدير معهد الدراسات الاستراتيجية بأنه يحوز على وصية بخط الرئيس الراحل هواري بومدين كتبها في 19 مارس 1962 يوم وقف إطلاق النار، يؤكد فيها على ضرورة احترام المجاهدين محذرا بشدة من مغبة إنكار تضحيات هؤلاء الأبطال، متوقعا صعوبات كبيرة بعد الاستقلال، و دعا في وصيته إلى اليقظة و الحذر لتجاوز تلك المرحلة الصعبة من تاريخ الجزائر المستقلة، و خلص المتحدث إلى القول بأنه سلم هذه الوصية إلى والي ولاية قالمة لتبقى شاهدا على صواب الرجل و نظرته الثاقبة إلى المستقبل.
و قبل انطلاق فعاليات الملتقى زار المشاركون و في مقدمتهم أعضاء الحكومة منزل الرئيس الراحل هواري بومدين بمنطقة بني عدي ببلدية مجاز، و وضعوا إكليلا من الورود على النصب التذكاري المقام هناك، قرب المنزل الريفي المتواضع الذي ولد فيه أحد أبرز قادة الثورة و الجزائر المستقلة.
فريد.غ