دعا مجلس أعيان عشائر وادي ميزاب بغرداية، الأجهزة الأمنية لتطبيق قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية بكل صرامة ضد المحرضين على ارتكاب جرائم الفتنة في منطقة واد ميزاب عن طريق شبكة الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي، وناشد مختلف وسائل الإعلام الابتعاد في تناول أحداث غرداية عن كل ما من شأنه صب الزيت على النار وتأجيج الأوضاع بترويج الأخبار الكاذبة والإشاعات والدعاوي المغرضة.
وطالبت الهيئة العليا لأعيان عشائر وادي ميزاب في بيان مطول تحصلت النصر، أمس على نسخة منه، و ‹› بشدة ‹› الأجهزة الأمنية بتفعيل قانون مكافحة الجريمة الالكترونية ،معربة عن ثقتها في الكفاءة العالية التي تمتلكها الأجهزة الأمنية ووسائلها المتطورة ‹› من أجل توقيف أشخاص ظلوا يحرضون علنا وبلا تردد على قتل الميزابيين الإباضيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي›› وذكرت ذات الهيئة ‹› لقد حرضوا جهارا نهارا على القتل والحرق، وخونوا وكفّروا، كما استباحوا أموالهم وأعراضهم بالاستناد إلى فتاوى تكفيرية ومنهم من تخفى وراء أسماء مستعارة في الفايسبوك وتويتر وصفحات على الانترنيت لنشر الكراهية والأحقاد تحمل مسميات ( مالكية نيوز، نيوز آشدي - ثينيا، أش دي - غرداية ) وغيرها، ملفتة إلى أن ثمة أرشيف كامل من التصريحات ومقاطع الفيديو والصفحات التي تدين هؤلاء المحرضين.
وشدّد المجلس ، بأن معاقبة المتسببين في أحداث غرداية ‹› التي كلفت إلى اليوم حياة 40 مواطنا إلى جانب مئات المعاقين والمصابين››، يُطمئن سكان غرداية بأن العدالة ستطال الجميع ولا يستثنى من العقاب كل من كانت له يد في الأحداث حتى لا يدفع – يضيف بيان المجلس - بعض الشباب المغرر بهم المعتقلين في السجون ضريبة قاسية بينما يفلت من العقاب كبار المحرضين الحقيقيين والمعروفين كذلك.
كما أدان المجلس بشدة ‹› ما يصدر عن من أسماهم ‹› أشباه بعض المؤلفين لكتب ومقالات تحمل شهادات ومقالات تحمل شهادات ووقائع تاريخية مزورة ومغالطات وتلفيقات تسيء لتاريخ ثورتنا المظفرة وهذا بالتشكيك في وطنية الميزابيين وتخوينهم متجاهلين بطولات مجاهدين أفذاذ، ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استقلال هذا الوطن الغالي››، وطالب المجلس بالمناسبة بضرورة استصدار قوانين صارمة تحمي تاريخ الذاكرة الوطنية.
من جهة أخرى، حذّر المجلس من استفحال الفكر التكفيري في الجزائر عموما وفي غرداية خاصة، وهو الفكر الذي كان – يضيف ذات البيان ـ ، ‹› عاملا قويا ساهم في تأجيج الأوضاع في ولاية غرداية والذي يأتينا من أبواق خارجية تستهدف وحدة الجزائر››، وأدان المجلس بذات المناسبة وبشدة ما وصفه بمسيرات عنصرية كالتي خرجت في متليلي يردد فيها أصحابها ‹› لا إله إلا الله والإباضي عدو الله››، وهو ما تم ترديده – حسب ذات المصدر - في الجنازة الأخيرة في سيتي اعباز، في عز شهر الرحمة والتسامح دون أن تتحرك أي جهة رسمية لإدانة مثل هذه الأفعال››.
وفي سياق ذي صلة، دعا مجلس الأعيان إلى ‹› مراجعة المقررات الدراسية والتربوية من خلال التوعية بضرورة احترام الاختلاف المذهبي ومحاربة الأفكار التضليلية والمذهبية التي تزرع في عقول الناشئة.
من جانب آخر، حرص المجلس ذاته على توجيه الشكر والامتنان لكل الأسلاك الأمنية والجيش الوطني الشعبي والدرك الوطني والشرطة، على كل المجهودات التي بذلوها أثناء أداء مهمتهم في غرداية من أجل حماية الأرواح والممتلكات وإعادة الأمن والاستقرار إلى كل ربوع الولاية رغم صعوبة المهمة والظروف القاسية.
كما تمت المطالبة بالكشف للرأي العام عن نتائج التحقيقات التي باشرتها قيادة الدرك الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني بشأن ما أثير من تجاوزات لبعض عناصر حفظ النظام العام خلال العامين الماضيين ومعاقبة المتورطين منهم.
وحذّر البيان من أنه من الأسباب التي ساهمت في تعفين الأوضاع في غرداية، محاولة إعطائها أبعادا كبيرة وتوسيع رقعة الصراع والخلاف من خلال المصطلحات التي استعملت ومازالت تستعمل في وصف الفتنة والخلاف والصراع الدائر في المنطقة.
ومن بين المصطلحات التي ذكرها البيان في هذا الصدد هو تسمية ما يحدث في غرداية تارة بـ ‹› صراع دائر بين أتباع المذهب المالكي والإباضي ‹› لاستعطاف المالكيين في القطر الوطني وإدخالهم في الصراع وتارة أخرى هو ‹› صراع الميزابيين الأمازيغ وبعض عروش العرب ‹› لاستمالة الأمازيغ في الجزائر وخارجها، نظرا لحساسية ملف الهوية الأمازيغية في الجزائر، كما نبه البيان إلى أنه في»أحيان كثيرة نلاحظ استعمال مصطلح الأقلية الأمازيغية سعيا لتدويل القضية››، ونبه البيان إلى أن أصل الخلاف والصراع صنعه أعداء الحضارة والنجاح وأعداء تقدم الجزائر وازدهارها، بالنفخ في النعرات بين المتساكنين في الولاية الواحدة.
وفي هذا الصدد طالب المجلس ، الإعلاميين الجزائريين بالابتعاد في تناول أحداث غرداية عن كل ما من شأنه صبّ الزيت على النار وتأجيج الأوضاع في هذه المنطقة العزيزة من الجزائر وقال ‹› إن السبق الصحفي لا يكون بالكذب والإشاعات والدعاوي المغرضة ‹› ،مشددا على أن ‹› المصداقية في الخبر تتطلب استقاءها من المصادر الرسمية›› وأن ‹› الشفافية والنزاهة في الإعلام تقتضي مراعاة المصلحة العليا للوطن.
كما أهاب أيضا بوسائل الإعلام المحلية، كي تلتزم بأخلاقيات المهنة وتغلّب الضمير الوطني والإنساني أولا وقبل كل شيء وتفادي الكتابات التي تساهم في إذكاء نار الفتنة ‹› وأضاف، ‹› إننا لا نطلب إعلاما مواليا لطرف وإنما نطالب بإعلام موضوعي يتحرى الصدق في نقل الحقائق من مصدرها ويسعى إلى التهدئة وتغليب المصلحة العليا للوطن في السبق الصحفي ‹›، فيما تمت دعوة مسؤولي الصحف والقنوات التلفزيونية إلى المتابعة الدقيقة للتقارير الصحفية التي يكتبها بعض المراسلين من غرداية الذين جانبوا الحقيقة في الكثير من المرات وغلبوا ميولاتهم العاطفية في تغطية الأزمة فلفقوا الاتهامات وأمعنوا في تزوير الحقائق وهناك أرشيف كامل لخروقات مهنية يمكن الاستدلال به أمام القضاء››.
وجدّد المجلس دعوته لأهالي ميزاب وغرداية عموما بالجنوح إلى التهدئة وضبط النفس وتغليب العقل ولغة الحوار، موضحا: «اختلافنا في غرداية رحمة، تنوعنا الثقافي ثراء لتاريخ الجزائر، اختلافنا مدعاة لاحترام بعضنا والتمسك بوحدة جزائرنا أكثر لتفويت الفرصة على أعداء الجزائر وكل المتربصين بأمننا واستقرارنا››.
وتمّ بالمناسبة تثمين جهود الخيرين في كامل ربوع الوطن في مواساتنا وفي محاولاتهم لرأب الصدع وإعادة السكينة والطمأنينة إلى درة الصحراء ..غرداية الجريحة المكلومة››.
وتضمن البيان ، الإشادة بالإرادة السياسية ‹› الفعلية والقوية ‹› للدولة من أجل احتواء الأزمة ووضع حد لها، ‹› خاصة بعد الاجتماع الطارئ الذي ترأسه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة والمخصص لأزمة غرداية››، وجدّد في هذا الصدد، ثقته الكاملة ‹› دون نقاش ‹› في سلطات البلاد من خلال مختلف أجهزتها لحلّ أزمة غرداية بعيدا عن أي تدخل أجنبي، مسجلا في ذات السياق، بعض أوجه التقصير و المعالجات الخاطئة في الميدان. كما حمل البيان عدة تساؤلات حول من يقف وراء هذه الأزمة، ومن المسؤول عما يجري في غرداية منذ سنتين ، ولماذا غرداية بالذات ومن المستفيد من ذلك؟.
عبد الحكيم أسابع