صنع المترشحون المستقلون الحدث السياسي على طول المسار السياسي الخاص بتجديد المؤسسات المنتخبة للدولة الذي سطره رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بداية من المجلس الشعبي الوطني يوم 12 جوان مرورا بالانتخابات المحلية ليوم 27 نوفمبر الماضي ووصولا إلى انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة قبل ثلاثة أيام.
وقد تمكن المستقلون من البروز بقوة خلال الاستحقاقات الثلاثة الماضية، وتمكنوا من انتزاع مكان لهم في الخارطة السياسية لأول مرة بهذا الشكل والزخم، وكان آخر ذلك ما حققوه في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة يوم السبت الماضي.
فقد حل المستقلون في المرتبة الثانية بمجموع 13 مقعدا حسب النتائج الرسمية الأولية التي أعلنها رئيس السلطة الوطنية للانتخابات محمد شرفي أول أمس، متقدمين على التجمع الوطني الديمقراطي و غيره من الأحزاب السياسية التي دخلت المنافسة.
وقبل ذلك كان المستقلون قد حققوا نتيجة مهمة جدا في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 12 جوان من العام الماضي بمجموع 84 نائبا في الغرفة السفلى وراء حزب جبهة التحرير الوطني، و أمام كل الأحزاب السياسية الأخرى وذلك لأول مرة في تاريخ الانتخابات التشريعية في بلادنا، كما حققوا أيضا نتائج مهمة في الانتخابات المحلية التي جرت في نهاية نوفمبر الماضي.
ولأول مرة يدخل المستقلون قبة مجلس الأمة الذي كان حكرا على أحزاب سياسية، وهو ما يسمح لهم بإنشاء كتلة أو مجموعة برلمانية داخل المجلس مستقبلا و لأول مرة.
ويمكن للأعضاء المستقلين إنشاء مجموعة برلمانية طبقا للمادة 58 من النظام الداخلي للمجلس التي فصلت في هذا الأمر، ومعلوم حسب القانون أنه يمكن لأعضاء غرفتي البرلمان المنتخبين في إطار أحزاب سياسية أو مستقلين إنشاء كتل برلمانية إذا كان عددهم يساوي عشرة أو يفوق، ووضع القانون لذلك شروطا خاصة.
وفي حال ما إذا بقي المنتخبون المستقلون على ذات الصفة التي انتخبوا بها- خاصة وأن القانون ينص على أنه لا يمكن لعضو المجلس المنتخب أن يغير المجموعة البرلمانية التي يكون عضوا فيها ولا يمكنه تغيير انتمائه الحزبي الذي دخل به المجلس أول مرة- فإن ذلك يعني أنهم سيشكلون كتلة برلمانية جديدة في المجلس الذي يضم ثلاث كتل فقط منذ إنشائه سنة 1997، هي كتلة الثلث الرئاسي، كتلة المنتمين لحزب جبهة التحرير الوطني وكتلة المنتمين للتجمع الوطني الديمقراطي.
وللإشارة فقد فتحت التعديلات التي أدخلت على القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات المتكيف مع أحكام دستور الفاتح نوفمبر 2020 للمواطنين الباب واسعا من أجل ولوج العمل السياسي والمشاركة في الحياة السياسية بصورة أوسع وأنجع، وهو ما كان يراهن عليه الرئيس عبد المجيد تبون في برنامجه الانتخابي.
وقد أمر الرئيس تبون بتخصيص نوع من المساعدات في الاستحقاقات السابقة للشباب المترشحين دون 40 سنة من أجل السماح لهم بالوصول إلى المجالس المنتخبة محليا ووطنيا، وقد استفاد منها المستقلون بشكل كبير.
وقد باتت اليوم مجموعات المستقلين سواء في غرفتي البرلمان أو في المجالس المحلية على وجه الخصوص رقما في المعادلة السياسية، وهم يواصلون البروز كقوة سياسية يمكنها التأثير على عمل المؤسسات المنتخبة في ظل التراجع الذي يعرفه العمل الحزبي منذ سنوات.
إلياس-ب