اتخذ مجلس الوزراء في اجتماعه، أول أمس، برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، جملة من القرارات الهامة ذات الطابع الاجتماعي التي تهدف إلى تحسين الواقع المعيشي لقطاع واسع من الفئات الاجتماعية خاصة محدودي الدخل، وتحسين القدرة الشرائية لهم، والعمل من أجل ضمان الاستقرار الاجتماعي، في هذا الظرف الاقتصادي والمالي الدولي الصعب المتميز بتحوّلات و اضطرابات متسارعة.
قرر مجلس الوزراء في اجتماعه أول أمس برئاسة السيد، عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، عدة إجراءات وتدابير هامة ذات بعد اجتماعي تخص فئات المتقاعدين، و أصحاب عقود ما قبل التشغيل، والمستفيدين حديثا من منحة البطالة التي أقرها قبل أسابيع، وكذا التحضير لقوانين قطاعية أساسية.
وبالتفصيل أسدى الرئيس تبون تعليمات للحكومة برفع منح المتقاعدين بعنوان سنتي 2021 و 2022 على نحو يتمثل في زيادة نسبة 10 من المائة للمنح التي تساوي أو تقل من 15 ألف دينار، و زيادة بنسبة 5 من المائة بالنسبة للمنح التي تتراوح قيمتها بين 15 إلى 20 ألف دينار، وزيادة بنسبة 3 من المائة للمنح التي تتراوح قيمتها بين 20 و 43 ألف دينار، وزيادة بنسبة 2 من المائة للمنح التي تفوق 43 ألف دينار.
ومن شأن قيمة هذه الزيادات في منح المتقاعدين أن تساهم في تحسين الوضعية الاجتماعية لهذه الفئة من المواطنين في هذا الظرف الاجتماعي المتميز.
وأمر في ذات السياق بالإسراع في منح بطاقة «الشفاء» للمستفيدين حديثا من منحة البطالة التي أقرها قبل أشهر، والتي دخلت حيز التنفيذ في شهر مارس الماضي، وهي المنحة التي تساوي قيمتها 13 ألف دينار وقد استفاد منها في مرحلة أولى أزيد من 580 ألف مواطن ممن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة.
و تعتبر هذه الخطوة مهمة في سبيل التكفل بالجانب التأميني للمستفيدين من منحة البطالة، إذ أن بطاقة الشفاء الخاصة بالضمان الاجتماعي ستوفر رعاية صحية جد هامة لهذه الفئة من المواطنين الذين لا يملكون مناصب شغل وبالتالي لا يمكنهم الاستفادة من الرعاية الصحية التي يوفرها نظام الضمان الاجتماعي.
ودائما في الجانب الاجتماعي أمر رئيس الجمهورية في اجتماع مجلس الوزراء كذلك بإعداد بطاقية نهائية تحصي أصحاب عقود ما قبل التشغيل تحضيرا لإدماجهم النهائي في مناصبهم، و إدماج كل أصحاب عقود ما قبل التشغيل في قطاع التربية قبل نهاية ماي 2022.
وللتذكير فإن ملف أصحاب عقود ما قبل التشغيل اعتبر لسنوات من الملفات الاجتماعية الشائكة التي أرقت الحكومة، وقد وضعت هذه الأخيرة أجندة و رزنامة لإدماج كل الفئات المعنية بذلك، وقد أدمجت لحد الآن نسبة كبيرة منهم، وكان الرئيس تبون قد وعد في أكثر من مناسبة بالعمل على إدماجهم كلهم، وأمر الحكومة بالعمل في هذا الاتجاه.
قرارات أخرى اتخذها مجلس الوزراء الأخير ذات بعد اجتماعي هي الأخرى و تتمثل في إعداد مشاريع القوانين ذات الصلة بعالم الشغل والتمثيل والحق النقابي وترقية الجانب الاجتماعي للعمال، وبهذا الخصوص ثمن رئيس الجمهورية التعديلات المتضمنة في مشروع القانون، خاصة ما تعلق بمنح عطلة غير مدفوعة الأجر لسنة كاملة قابلة للتجديد لمدة 6 أشهر لكل من يرغب في تأسيس شركة، تشجيعا للشباب في خلق ديناميكية في القطاعات المنتجة. كما أمر بالتحضير لمشروع قانون خاص بالعمل النقابي بالعمل والتنسيق والتشاور والنقاش مع المهنيين ضمانا لإثراء أكبر لمضمونه، على أن يُراعي مشروع القانون هذا التمثيل الحقيقي للنقابات، والالتزام بترقية الجانب الاجتماعي والمهني للعمال بعيدا عن النزعات السياسوية التي أفرغت العمل النقابي من روحه الحقيقية .
ووجه الحكومة بالتحضير لقوانين أساسية قطاعية، تجنبا للتعقيدات التي تسير بها القطاعات ضمن منظومة قانون الوظيف العمومي.
وواضح من خلال كل هذه التعليمات والتوجيهات أن الرئيس تبون يولي أهمية بالغة للجانب الاجتماعي في شقه المتعلق بالقوانين المنظمة لعلاقات العمل و الضامنة للحقوق النقابية التي يقرها الدستور وتنص عليها قوانين الجمهورية، وهذا في سبيل توضيح حقوق وواجبات كل طرف في المقام الأول، وتوضيح حدود القانون في هذا المجال، وبالتالي العمل من أجل ضمان الاستقرار الاجتماعي، و الحفاظ على سنة التشاور والحوار، وأيضا الحفاظ على استقرار المؤسسات الاقتصادية وضمان ديمومة الإنتاج الوطني سواء في القطاع العمومي أو الخاص.
ونشير في هذا الصدد أن رئيس الجمهورية ما فتئ يؤكد في أكثر من مناسبة أنه سيولي أهمية كبيرة للتكفل بالجانب الاجتماعي للمواطنين، كما وعد في برنامجه الانتخابي، وهو اليوم يوفي بهذه الوعود، وقد اتخذ خطوات وقرارات هامة في هذا الجانب لعل أهمها إقرار منحة خاصة للبطالين التي دخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي.و سبق للرئيس التأكيد أن الجزائر هي أول دولة تخصص هذه المنحة في جنوب المتوسط، وهي إجراء يهدف إلى صون كرامة البطالين.
و اللافت أن القرارات ذات الطابع الاجتماعي التي اتخذتها الدولة في السنتين الأخيرتين، جاءت بشكل يتماشى والصعوبات الاقتصادية التي تواجه البلاد والعالم بأسره، الناتجة أولا عن الأزمة المالية و الاقتصادية العالمية، وثانيا عن تداعيات الأزمة الصحية التي تسبب فيها فيروس كرونا كوفيد 19، وهو ما جعل الدولة تولي أهمية كبيرة لهذا الجانب كما اتضح ذلك في قانون المالية للسنة الجارية و في القرارات التي اتخذتها سابقا.
و ستكون لمثل هذه القرارات تأثيرات إيجابية ليس فقط على الفئات الهشة وضعيفة الدخل إنما أيضا على الشباب المستهدف أيضا في التوجهات الاقتصادية الجديدة، سواء عبر سياسة التشغيل أو تشجيعه على اقتحام عالم المقاولاتية و المؤسسات
المصغرة. إلياس -ب