دعا مختصون إلى استحداث أكاديميات للتفكير الاستراتيجي تضم مختصين في العلوم الإنسانية تعنى بقضايا الوحدة الوطنية والتضامن والتلاحم، مؤكدين في ندوة النصر بأن العالم تسيره اليوم المخابر التي تنتج الأفكار، ويجب تفويت الفرصة على المتآمرين الذين ينتجون أفكارا يحاولون من خلالها ضرب وحدة الوطن وخلق التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، كما أجمعوا على أن المجتمع المدني مطالب بالمساهمة في غرس قيم التضامن والوحدة الوطنية والتسامح.
نورالدين عراب
* الدكتور باجي بن عودة أستاذ محاضر بجامعة البيض
العالم تقوده اليوم المخابر التي تنتج الأفكار
قال الدكتور باجي بن عودة أستاذ محاضر بجامعة البيض بأن العالم تقوده اليوم المخابر التي تنتج الأفكار، داعيا المرصد الوطني للمجتمع المدني إلى استحداث أكاديمية للمفكرين وخاصة في العلوم الإنسانية لمعالجة المشكلات واستشراف المستقبل و وضع الاستراتيجيات، مضيفا بأن الأمية اليوم هي أمية الفكر والقيم واللغة الواحدة والحاسوب، وقال إنه يجب أن لا نعطي الفرصة للأعداء والمتآمرين على الجزائر لنشر الكراهية بين أبناء الشعب الواحد.
وأضاف الدكتور باجي بن عودة بأن العالم كله يسير اليوم في طريق التكتل والمقاربة والتعايش، ولا يمكن للجزائر أن تبقى تغرد خارج السرب، مضيفا بأن هناك منعطف تاريخي بعد 2019 يجب التجاوب معه في تعزيز اللحمة الدينية والوطنية وتقوية الجبهة الداخلية ، قائلا " نحن منسجمون مع مشروع كبير هو مشروع تحرير الذات الجزائرية بعد أن تحررت الأرض، مضيفا بأن الوطن له مقاماته ومقدراته العلمية والثقافية والمادية والمعنوية وهو أكبر من الزعامات الحزبية.
في سياق متصل قال نفس المتحدث بأن المجتمع المدني تجمعه علاقة تكاملية مع الدولة، والخير حسبه متأصل في الشعب الجزائري، مستشهدا بموائد الإفطار في كل حي ومدينة ودشرة، وقال بأن المرصد الوطني للمجتمع المدني عليه أن يواكب التحولات العظيمة والمشروع الكبير، وإستراتجيته لا بد لها من أدوات، وخطابه يجب أن يشكل في وعي للضمير الجمعي للشعب الجزائري اليوم، وأضاف نفس المتحدث بأن عناصر الهوية خط أحمر.
و أضاف بأن مرصد المجتمع المدني عليه أن يلعب دور التعايش ويستثمر في قيم الشعب الجزائري الأصيل، مشيرا أن الجزائر لا توجد فيها عرقيات أو أقليات، ولهذا يجب أن نتعايش ولا نختلف في الهوية، كما دعا الدكتور باجي بن عودة المرصد الوطني للمجتمع المدني إلى تجديد الخطاب والأدوات، والاستثمار في الشباب الذين يعطون وقتهم للعمل الخيري والرعاية والبناء، مضيفا بأن مرصد المجتمع المدني يجب أن تكون له أدواته الإعلامية لأن المعركة اليوم هي معركة إعلامية في صناعة الوعي والرأي.
* الأخصائية في علم الاجتماع أمينة حريش
المجتمع المدني مطالب بغرس قيّم التضامن والتكافل
أكدت عضوة المرصد الوطني للمجتمع المدني والأخصائية في علم الاجتماع أمينة حريش، بأن المجتمع المدني مطالب بغرس قيم التضامن والتكافل، ودعت إلى الاعتماد على العمل التشاركي والمؤسساتي بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة، وأضافت بأن الناشط الجمعوي عنصر فعال وأساسي في التنمية المحلية والوطنية، وفي مسار البناء والتشييد الوطنيين لما له من قدرة على التأثير في الآخرين، وأشارت حريش إلى أن الناشط الجمعوي عليه أن يتسم بسمات شخصية معينة، منها سمات التواصل الفعال والقدرة على الإقناع، ودعت نفس المتحدثة المجتمع المدني إلى ضرورة الاستثمار في المهارات التواصلية والقدرة على إقناع الآخرين بعد تحديد الأهداف.من جهة أخرى قالت حريش بأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم بديلة عن التواصل الحقيقي، وانتقدت استقالة الأولياء من تربية الأبناء واهتمامهم بتوفير الماديات فقط لأبنائهم، وأضافت بأن الخطاب المسجدي يجب أن يتماشى مع لغة الشباب وتفكيره وإقناعه بروح المواطنة والقيم الدينية.
* أخصائـي علم الاجتماع الدكتور رابح كشـاد
قيّم التضامن تحتاج للتفعيل بأدوات حديثة
دعا أخصائي علم الاجتماع الدكتور رابح كشاد إلى إنشاء أكاديمية للدراسات الإستراتجية لتشخيص الإشكاليات الخاصة بالوحدة الوطنية والانسجام والتضامن الوطني، وقال بأن قيم التضامن والتماسك بخير في المجتمع الجزائري، وتحتاج فقط لوضعها ضمن إستراتيجية وتفعل بأدوات حديثة لعالم آخر مختلف عن عالم الأسود والأبيض الذي كان يعيشه المجتمع في العقود السابقة. وقال الدكتور رابح كشاد بأن الثورة التحريرية تتضمن نماذج رائعة للقيادة، داعيا إلى ضرورة ربط شخصية التلميذ في المدرسة بهذه النماذج القيادية الثورية، كما تملك الجزائر حسبه نماذج هامة في قيم التضامن والتماسك خارج مفهوم الجهوية يجب الاستفادة منها.
وفي السياق ذاته دعا كشاد إلى وضع إستراتيجية لمواجهة المخاطر وتحويل الفرص إلى برامج والاعتماد على المقاربة التشاركية والحكامة التشاركية التي تعد قوة المؤسسات في العالم اليوم، كما دعا في نفس الإطار إلى إعطاء الطابع الاستراتيجي في المقررات الدراسية لمواد التاريخ والتربية المدنية والتربية الدينية من خلال المحتوى والتلقين، داعيا في نفس السياق إلى فتح متحف في كل ولاية، واستحداث إجبارية تنقل التلاميذ لهذه المتاحف، كما فضل تقديم دروس التاريخ في الفضاء المفتوح، وقال بأن الهدف من تدريس التاريخ هو غرس قيم التضامن والتماسك وحب الوطن خصوصا في مرحلة الطفولة التي تعد مهمة جدا في بناء الشخصية، ودعا إلى وضع سياسة للطفل وأخرى للشباب بمشاركة الفاعلين ثم تحول إلى برامج ثم مخططات.وفي الإطار ذاته قال أخصائي علم الاجتماع بأن الجزائر متنوعة ثقافيا، مضيفا بأن هذا الثراء يجب استغلاله إيجابيا بوضع أسس لبناء إستراتيجية ثقافية فعالة انطلاقا من الموروث الثقافي للمجتمع.
من جهة أخرى أوضح كشاد بأن الفعل الثقافي للمسرح وكل الفنون تجسد الفعل التضامني، داعيا إلى الاهتمام بكل العناصر الثقافية التي تهتم بالتضامن والانسجام، مضيفا بأن الثورة الالكترونية من أكبر التهديدات التي تواجه المجتمعات اليوم بما فيها تلك الدول التي ظهرت فيها التكنولوجيا، التي اعتبرها فرصة وخطرا من المخاطر في نفس الوقت لما لا نعلم كيف نوظفها بسبب غياب إستراتيجية للتربية الالكترونية، ودعا إلى ضرورة إدراج مادة التربية الالكترونية كمادة أساسية في المقررات المدرسية، مشيرا إلى أن هذه المادة مهمة وجوهرية تحمي الطفل من تعلم الالكترونيات خارج المدرسة مع المخاطر الكبيرة التي تشكلها، مضيفا بأن هذا التكوين يجب أن يكون نظريا وتطبيقيا، كما دعا نفس المتحدث إلى ضرورة تفعيل نقاط القوة في التضامن والتماسك ومعالجة ذكية وفعالة لنقاط الضعف.
* الناشط الجمعوي والأستاذ الجامعي مراد سالي
المجتمع المدني حلقة أساسية في بناء مؤسسات الدولة
قال الناشط الجمعوي والأستاذ الجامعي مراد سالي بأن المجتمع المدني حلقة أساسية في بناء مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن المجتمع المدني له أطياف وتخصصات مختلفة، وعليه أن يساهم بمختلف أطيافه وتخصصاته في تكريس قيم المواطنة إلى جانب مؤسسات التنشئة الرسمية الأخرى، وأوضح أن المجتمع المدني يمكن أن يساهم إلى حد بعيد في تكريس قيم المواطنة، مضيفا بأن مساهمة المجتمع المدني في غرس قيم المواطنة يؤدي إلى التقليل من السلوكيات المنحرفة لدى الشباب. وفي السياق ذاته قال الناشط الجمعوي مراد سالي بأن المجتمع المدني عليه أن يرافق الشباب ويستمع لانشغالاته وما يعانيه، كما يهتم أيضا بفئتي الأطفال والمراهقين، ويسعى إلى إصلاح الأفراد داخل المجتمع حتى يصبحوا أفرادا أسوياء يساهمون في خدمة المجتمع ودعم التنمية المحلية.