اعتبر رئيس المنظمة الجزائرية للتراث والسياحة والصناعات التقليدية طارق صالحي، أن تأخر تصنيفات التراث المادي واللامادي الجزائري سببه لوبيات تعيق تصنيفه على مستوى الهيئات الدولية المختصة، ومن جهة ثانية، شبه غياب للإرادة السياسية على مدار 20 سنة الماضية، مما أثر على هذا المجال المهم جدا في ضمان حفظ ذاكرة الأمة وتواصلها، وهذا ما أدى لتعرض تراثنا للسرقات من عدة أطراف خارجية أصبحت تنسبه لنفسها.
وأبرز السيد صالحي في اتصال مع النصر، أن مثل هذه الممارسات تضر بتراث بلادنا و باقتصادها، مما عمق، حسبه، الأزمة وعلى سبيل المثال منتوج "دقلة نور" الذي يأخذه البعض ويغلفونه وينسبونه لأنفسهم ويسوقونه عالميا على أساس أنه منتوج بلادهم بينما هو علامة خاصة بالجزائر، حسب محدثنا، الذي أضاف أنه حتى بعض الجزائريين يعمدون لأخذ نماذج من المواد التراثية لبلادنا ويقلدونها في الصين ثم يعيدون بيعها داخل الوطن على أساس أنها منتوج محلي، وهذا ما يضر بالتراث المادي واللامادي ويطمس معالمه التي كرسها التاريخ.
كما أعطى مثالا كذلك عن "الزربية الحراكتية" بأم البواقي والتي كانت في وقت مضى تنافس السجاد الإيراني في المناسبات الدولية ولكن اليوم تقريبا اختفت، ومن أجل هذا سيتم قريبا تنظيم صالون دولي للزربية وسيكون مناسبة لإعادة بعثها وإعادتها لمكانتها، مشيرا في ذات السياق، إلى أنه لا يمكن نفي أنه يوجد تراث تشترك فيه دول شمال إفريقيا بحكم التقارب الجغرافي والصلات العائلية وغيرها من العوامل، ولكن يوجد خصوصيات لكل دولة.
وأفاد السيد صالحي، أنه تم مؤخرا التوقيع على اتفاقية بين المنظمة الجزائرية لحماية التراث والسياحة، ووزارة التكوين المهني من أجل حماية الكثير من الحرف من الاندثار عن طريق دمجها في برامج التكوين المهني وتحضير الشباب لمزاولتها مستقبلا بعد تخرجهم وبالتالي يمكن إعادة بعثها من جديد وترقيتها وحماية الذاكرة الجماعية وتبليغها للأجيال القادمة.
وأضاف أنه على وسائل الإعلام أن تلعب دورها في دعم مساعي حماية التراث الوطني وحفظه، و يجب حشد و الاستعانة بالمؤثرين عبر الوسائط الاجتماعية للترويج لموروثنا المادي واللامادي على مستوى العالم، بشرط أن يكون هؤلاء المؤثرين ذوو سمعة وثقافة.
كما دعا لضرورة مراجعة القانون الأساسي للجمعيات وإثرائه حتى يواكب التطورات الحاصلة في المجتمع ويسمح للجمعيات بالتحرك والنشاط وفق الدور المناط بها في جميع الميادين، معتبرا أن القلة فقط من الجمعيات تسعى لحماية وحفظ التراث الوطني، بينما الأغلبية لا يولون اهتماما لهذا المجال الذي يساهم بشكل كبير في معادلة التنمية ودعم الاقتصاد الوطني، فالسياحة الحقيقية، حسبه، تعتمد على الصناعات التقليدية ذات القيمة المضافة والتي تكون في مستوى التنافسية العالمية، وعليه يجب في هذا الظرف الذي يتعرض فيه التراث الجزائري للسرقة، أن يتم تجنيد كل الفاعلين في هذا المجال والسلطات العمومية.
يجدر الذكر، أن المنظمة الجزائرية لحماية التراث تعنى بالتراث بصفة عامة وهدفها إيصال صوتها للسلطات وعلى رأسها وزارة الثقافة التي هي المعنية الأولى بملفات التصنيف الذي مازالت عملياته محتشمة جدا ببلادنا وفق السيد ، الذي أكد أن إحدى لجان المنظمة تعمل لحماية المطبخ الجزائري و ترقية الأكلات الشعبية والتقليدية للمستوى العالمي.
للعلم، يتزامن إحياء شهر التراث هذا العام وتحضيرات الجزائر لترشيح ملف تصنيف النقش على المعادن "النحاس، الفضة والذهب" بكل روافده أي الفنون والمهارات والممارسات، للتسجيل على قائمة اليونسكو وهذا بالاشتراك مع 9 دول عربية.
وحسب مصادر النصر، فإن الملف تم تحضيره علميا من طرف المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، الإنسان والتاريخ، التابع لوزارة الثقافة، وتم التركيز فيه على الحرفة التراثية للنقش على المعادن وتواجدها في أهم المدن والحواضر التي تشتهر بها ومنها "قسنطينة، البليدة، تلمسان والعاصمة" خاصة بالنقش على النحاس، بينما منطقة القبائل وتمنراست النقش على الفضة، وباتنة النقش على الذهب، وتهدف هذه المساعي لحماية وحفظ التراث المادي واللامادي الجزائري من الاندثار ومن السرقات المتكررة له، حيث أصبحت العديد من الدول تفاجئنا بتبني تراثنا ونسبه لنفسها. بن ودان خيرة