أكد أمس، أكاديميون بجامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة أنه لا يمكن تحقيق أي تحول ديمقراطي دون مشاركة فعلية للنخب، كما تحدثوا عن أسباب ضعفها في طرح المبادرات وصنع القرار السياسي في الجزائر، في مقابل الدور الذي ينبغي أن تلعبه.
وقال البروفيسور صالح زياني من جامعة باتنة 1 في مداخلته الافتتاحية التي جاءت بعنوان النخب في الجزائر ومعضلة تجاوز الإخفاق المدني، أن التوافق بين النخب من أسباب استقرار الدول وتفادي الاهتزازات في النسيج المجتمعي، مؤكدا أنه لا يمكن أن يتحقق التحول الديمقراطي دون مشاركتها، فيما اعتبر أن أداء الكثير من نخب الجزائر ما زال متواضعا خصوصا في مجال صنع السياسات.
وعاد البروفيسور زياني إلى تاريخ النخب الجزائرية منذ فترة الاستعمار إلى اليوم، مستعرضا تأثيرات مختلف المراحل التي مرت بها، كما تحدث عن مجموعة من العوامل التي ساهمت في انحسار دورها حاليا، على غرار قلة التواصل بين النخب وعدم التوافق على مشروع مجتمع منذ الاستقلال إلى اليوم، بالإضافة إلى ما سماه بـ”المعادلة الصفرية”، أي ربط الوجود بانتفاء الآخر، مثلما شرح.
وذكر البروفيسور نذير عميرش أن النخبة الجامعية لا تتبوأ المناصب على مستوى المجالس المنتخبة المحلية، لأن مركزها في الجامعة أكبر من مركزها في الحياة التمثيلية، وأضاف أن استقلالية النخبة في طرح المبادرات قد أفرزت بعض النخب التي وصفها بـ”المغشوشة”.
وأشار عميرش إلى أن التعاطي السلبي للنخبة مع واقعها يعود إلى أسباب مختلفة، في حين أكد أنه ينبغي على النخبة الجامعية أن تقتحم الساحة السياسية بقوة ولا تبقى مكتوفة الأيدي.
من جهة أخرى، تطرق البرلماني السابق نور الدين بن براهم في مداخلته حول “دور النخب في تأطير المجتمع في الجزائر”، إلى واقع الجمعيات في الجزائر، حيث أشار إلى وجود 148 ألف جمعية مسجلة على المستوى الوطني، وأشار إلى أن نسبة النشاط النسوي فيها كبيرة في العمل، لكنها ضعيفة في القيادة، فضلا عن النسبة القليلة من الجامعيين الذين يكونون في مناصب القيادة فيها.
واعتبر نفس المصدر أن عدد الجمعيات الذي طرحه لا يعتبر كبيرا مقارنة بعدد الجزائريين، مع الأخذ بالاعتبار أن عدد الجمعيات الفاعلة واقعيا لا يبلغ المجموع الإجمالي للجمعيات المسجلة.
وصرح الأستاذ لطفي دهينة، رئيس الملتقى، للنصر، أن الملتقى المنظم بالجامعة يحرك تساؤلات مهمة حول واقع وجود نُخبٍ في الجزائر ومدى كفاءتها وفعاليتها، فضلا عن مدى لعبها للدور المنوط بها، كما قال نفس المصدر إن النخبة ينبغي أن تكون هي القاطرة في الانتقال الحضاري، فضلا عن “أن تغييب النخبة دائما ما كان من أسباب انتكاسات الدول”، مضيفا أن المرحلة التي تمر بها الجزائر اليوم تتطلب من النخبة لعب دور أكبر.
من جهة أخرى، قال نفس المصدر أن إشكالية الملتقى انبثقت من معاينة واقعية ترتبط بالمرحلة الجديدة التي دخلتها الجزائر وما يدور حولها من نقاش حول من ينبغي أن يقود القاطرة وصنع القرارات، التي تمثل مرحلة فقط من السياسة العامة، إلى جانب ملاحظة غياب للنخبة عن المشهد السياسي، ما يدفع إلى السؤال عن طبيعتها ويحمل على تشخيص الواقع لاقتراح الحلول المناسبة.
أما عميدة كلية العلوم السياسة، البروفيسور مليكة فريمش، فقد أكدت في تصريحها للنصر، أن الملتقى يستهدف التساؤل النظري حول إمكانية دراسة النخب الجزائرية بالاعتماد على الأدوات والأدبيات العلمية الغربية، وما تقود إليه من فهم موضوعي حول مكانة النخبة ودورها، مشيرة إلى أن علم الاجتماع في الجزائر قد قدم عدة دراسات من قبل في هذا الاتجاه.
ويستمر الملتقى الوطني المنظم بكلية العلوم السياسية تحت عنوان “إشكالية تفعيل دور النخب الجزائرية في صنع السياسات العامة بين الواقع والمأمول” إلى اليوم، حيث يعرف مشاركة 21 جامعة و65 متدخلا، في حين اشتمل اليوم الأول على تكريم عائلتي أستاذي العلوم السياسية الراحلين البروفيسور رياض بوريش من جامعة بوبنيدر بقسنطينة والبروفيسور عبد النور ناجي من جامعة باجي مختار بعنابة، كما حضر الملتقى برلمانيون ومنتخبون محليون وناشطون.
سامي.ح