أبرز البرلماني و الخبير الاقتصادي البروفيسور عبد القادر بريش، أمس، أهمية مقاربة الجزائر، حول إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد، منوها بكلمة السيد رئيس الجمهورية، خلال جلسة الحوار رفيعة المستوى للتنمية العالمية، أول أمس، وأوضح أنه يمكن أن يكون صوت الجزائر، هو الذي يقود المبادرات وإعادة إحياء فكرة ضرورة أن يتجه العالم إلى التوازن في العلاقات الدولية و إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد.
واعتبر البرلماني و الخبير الاقتصادي البروفيسور عبد القادر بريش في تصريح للنصر، أمس، أن دعوة الجزائر لإقامة نظام اقتصادي عالمي جديد، أصبحت ضمن حقوق الملكية الفكرية للدولة الجزائرية، مذكرا أن الرئيس الراحل هواري بومدين، هو الذي كان قد طالب بضرورة أن نتجه نحو إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد، نظام عادل يراعي الحقوق والتوازن في العالم، ما بين الدول الغنية والدول الفقيرة آنذاك، وما تزال هذه الدعوة قائمة، بحيث تدافع الجزائر عليها في كل المحافل، بالنظر إلى أن العالم لم يحقق هذا التوازن المنشود في العلاقات الدولية وفي أن يكون نظاما اقتصاديا عالميا عادلا يراعي مصالح الدول النامية ويحد من تغول ومن هيمنة الدول الغنية.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أنه بعد جائحة كورونا وبعد التطورات التي حدثت مع بداية الألفية ومع إعادة النظر في مفهوم العولمة، هناك الكثير من الأصوات، أصبحت تنادي بضرورة وضع حد لليبرالية المتوحشة.
و أكد البروفيسور عبد القادر بريش، على ضرورة إعادة النظر في نظام الحوكمة العالمي، في شقه السياسي والمؤسسات المنبثقة عليه بعد الحرب العالمية الثانية، لأنه توجد الكثير من القوى الصاعدة، كما أن موازين القوى تغيرت ولا يمكن بأي حال أن يبقى مجلس الأمن مهيمن عليه من طرف مجموعة من الدول وتهمش الدول الصاعدة والدول النامية ، وأيضا ضرورة إعادة النظر في دور هيئة الأمم المتحدة ، مع حوكمة عالمية جديدة ، من أجل إرساء السلم والأمن في العالم ككل ومواجهة التحديات الطارئة وعلى رأسها تحديات المناخ.
وفيما يخص الحوكمة الاقتصادية ، نحن مطالبون في العالم وهذا ينسجم مع مقاربة الجزائر في دعوتها دائما لإرساء نظام عالمي اقتصادي جديد وهو إعادة النظر في حوكمة اقتصادية عالمية ، بإعادة النظر في دور البنك العالمي وصندوق النقد الدولي وضرورة أن يرافق هاتين المؤسستين التوجه نحو تحقيق التنمية المستدامة المتوازنة والعادلة لكافة شعوب العالم و هذا هو المطلوب الآن في المرحلة الحالية -كما قال- .
صوت الجزائر يمكن أن يكون مسموعا في إحياء فكرة إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد
ويرى الخبير الاقتصادي، أن الجزائر بحكم إعادة تموقعها في الخارطة الجيوسياسية ورؤيتها في مسألة تنويع الشركاء وتنويع الحلفاء ، يمكن أن يكون صوتها هو الصوت القائد وهو الصوت الذي يقود هذه المبادرات وإعادة إحياء فكرة ضرورة أن يتجه العالم إلى التوازن في العلاقات الدولية وإلى ضرورة إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يراعي القوى الصاعدة ويحدث التوازن ويعطي حقا للدول المهمشة ويعطي الإنصاف لكافة الشعوب، من أجل تقاسم الرخاء والتقليل من الفوارق وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، سواء تعلق الأمر بتقاسم الأعباء نتيجة التغيرات المناخية و بالحد من الفقر والمجاعة وغيرها ، و بتقاسم الخيرات على مستوى العالم، مما يحدث توازن في النمو وتوازن اقتصادي على مستوى العالم .
واعتبر البروفيسور عبد القادر بريش، أن كلمة السيد رئيس الجمهورية، خلال جلسة الحوار رفيعة المستوى للتنمية العالمية ، أول أمس، تثبت مبادئ الدولة الجزائرية و القيم القائمة عليها وهي العدل والمساواة والتضامن الدولي وتحيي فكرة طرحت منذ أكثر من 40 سنة وهي ضرورة إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد، نظام متوازن وعادل يراعي مصالح جميع الأطراف ويكرس العدالة.
وأضاف أن كلمة السيد رئيس الجمهورية، تحمل نظرة استشرافية وهي أكثر واقعية بالنظر للتحولات الاقتصادية التي تحدث الآن وخاصة مع ما بعد جائحة كورونا.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الكثير من الفلاسفة و المنظرين والخبراء في العالم، يقولون أن جائحة كورونا، أبانت على عدة اختلالات في المنظومة الدولية وفي منظومة الحوكمة، لذلك من الضروري إعادة النظر في هذه المنظومة و أن تكون هناك كلمة وصوت للقوى الاقتصادية الصاعدة وإعطاء مكانة للدول الناشئة كذلك وأن يكون هناك توازن في المصالح ويكون هنالك حد من تغول وهيمنة الرأسمالية المتوحشة وتكون هناك شراكات وتحالفات جديدة.
وقال أن هذا هو النظام الاقتصادي العالمي الجديد، حيث تراعى مصالح جميع الدول وتحقق التنمية وتحقق أهداف التنمية المستدامة لكافة الدول والحد من هيمنة دول غنية على حساب ثروات ومصالح والتنمية بالنسبة للدول الفقيرة.
الدبلوماسية الجزائرية تصنع القرار في محيطها الجيوسياسي
من جهة أخرى، أبرز الخبير الاقتصادي والبرلماني البروفيسور عبد القادر بريش، تحولا جوهريا في الدبلوماسية الجزائرية الآن، بحيث خرجنا من الدبلوماسية الراكدة ، المترهلة طيلة حوالي 20 سنة مضت إلى الدبلوماسية الفاعلة ، ودبلوماسية بمواقف حادة أحيانا ، بحيث أصبحت الجزائر تدافع عن مصالحها وعن سيادتها بمواقف دبلوماسية حادة عكس ما كنا نشاهده في الدبلوماسية الهادئة .
وأضاف في السياق ذاته، أن الجزائر أصبحت دبلوماسيتها فاعلة تقود وتصنع القرار في محيطها الجيوسياسي ، وأوضح أن لدينا الآن رؤية وأولويات وأهداف أساسية وهي أن مفهوم السيادة يجب أن يحترم وكل من يمس بمصالحنا وسيادتنا يجب أن نتصدى له مهما كانت علاقاتنا به ومهما كانت مصالحنا ، مؤكدا أن السيادة هي الخط الأحمر بالنسبة للمصالح الحيوية بالنسبة للدولة الجزائرية .
وأوضح أن الجزائر عادت كقوة فاعلة دبلوماسيا ، لأن الجزائر الآن، أصبحت فيها ملامح قوة الدولة والتي هي في قوة مؤسساتها وعلى رأسها مؤسسة الجيش الوطني الشعبي .
وأيضا مصدر قوة الدولة هو في القيادة السياسية و الرؤية التي تحملها هذه القيادة السياسية .
كما أبرز الخبير الاقتصادي، قوة الاستقرار المؤسساتي والانسجام بين مختلف أطياف الساحة السياسية والمجتمعية ، وهو ما يؤسس لأن تكون الدولة قوية ومتراصة في الداخل ولعل مبادرة لم الشمل تريد أن تعزز هذه الفكرة وتعمقها أكثر بحيث تكون جبهة داخلية متراصة قوية تزيد في قوة الدولة ، ثم تكون هي التي تسند وتقوي مواقف الدولة في اتخاذ القرارات والمواقف الدبلوماسية - كما أضاف-.
وفيما يخص الوضع الاقتصادي ، أوضح البروفيسور عبد القادر بريش، أنه نظرا للتحولات الجيوستراتيجية والحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار البترول، ترتب عن ذلك زيادة عائدات صادرات الجزائر من المحروقات والتي يمكن أن ترتفع إلى 50 مليار دولار هذه السنة، وأن يكون مخزون احتياطي الصرف فوق 50 إلى 60 مليار دولار وقال أن هذا يعزز استقلالية الجزائر في قراراتها ويعزز دور الجزائر في أن تكون قائدة لهذه المواقف الدولية وخاصة الدعوة إلى نظام عالمي اقتصادي جديد، لأن الدولة لما تكون لها قدرة مالية وتلبي احتياجاتها بنفسها، مع استقلالية مالية تستطيع أن تدافع عن قراراتها وعن دبلوماسيتها وتقود مبادرات مع مختلف الشركاء في العالم .
وأضاف أن المرحلة الحالية، هي فرصة سانحة بالنسبة للجزائر، لأن تحقق إصلاحات هيكلية و حقيقية، من أجل الإقلاع الاقتصادي، بحيث تعود الجزائر إلى الساحة الإقليمية والدولية بدبلوماسية أكثر فعالية وأكثر تأثيرا. مراد - ح