أكد رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, أمس الأول أنه جرى الاتفاق مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون على «توجه جديد» في العلاقات يقوم على مبادئ الاحترام والثقة من أجل إرساء علاقات إستراتيجية. كما أعرب الرئيس تبون عن أمله في أن «تفتح آفاقا جديدة في علاقات الشراكة والتعاون»، معلناً عن تكثيف عمل عدد من اللجان الوزارية المشتركة بين البلدين من أجل «تجاوز مختلف العقبات التي تواجه تحقيق أهداف شعبينا وبلدينا».
اتفقت الجزائر وفرنسا، بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس الفرنسي, إيمانويل ماكرون على ضرورة تعزيز التعاون الثنائي وتقوية الشراكة القائمة بينهما في القطاعات الاقتصادية والثقافية والعلمية في ظل الاحترام والثقة المتبادلين وتوازن المصالح بين الدولتين. وأكد رئيس الجمهورية, مساء الخميس, أنه اتفق مع رئيس الجمهورية الفرنسية, السيد إيمانويل ماكرون, على تكريس توجه جديد لتعزيز العلاقات مبني على إقامة شراكة استثنائية شاملة في ظل الاحترام والثقة المتبادلين وتوازن المصالح بين الدولتين.
وفي تصريح صحفي مشترك عقب المحادثات التي أجراها مع نظيره الفرنسي, قال الرئيس تبون: «تطرقت مع الرئيس ماكرون إلى جل مواضيع التعاون الثنائي وسبل تعزيزه بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين ويضمن إعطاء دفعة نوعية لعلاقاتنا في كل المجالات, تكريسا للتوجه الجديد الذي اتفقنا على ترسيخه والمبني على إقامة شراكة استثنائية شاملة في ظل مبادئ الاحترام والثقة المتبادلين وتوازن المصالح بين الدولتين». وأعرب رئيس الجمهورية عن أمله في أن تفتح زيارة الرئيس الفرنسي «آفاقا جديدة لعلاقات الشراكة والتعاون بين البلدين». وأشار إلى أن المحادثات «البناءة» التي أجراها مع ماكرون, والتي تمت «بالصراحة المعهودة» تنم عن مدى «خصوصية العلاقات بين البلدين وعمقها وتشعبها, كونها تشمل جميع المجالات, انطلاقا من الذاكرة, مرورا بالتعاون التقني والاقتصادي ووصولا إلى الحوار والتنسيق إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».
تفعيل اللجان المشتركة وتكثيف الزيارات
وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، أكد رئيس الجمهورية أنه تم تقييم ما تحقق من «إعلان الجزائر للصداقة والتعاون» الذي وقعه البلدان سنة 2012, مشيرا إلى أن الطرفين «وقفا على سبل تجاوز مختلف العقبات التي تواجه تجسيد تطلعات الشعبين والبلدين في إرساء علاقات إستراتيجية تكون في مستوى الإمكانات الهائلة للبلدين وتضمن الاستجابة للطموحات الكبيرة والمشروعة للشعبين».وأضاف الرئيس تبون أن اللقاء كان فرصة للجانبين لتأكيد عزمهما على «الدفع نحو تكثيف الجهود من أجل الارتقاء بعلاقاتنا وفق خطوات عملية مدروسة وبرنامج زمني محدد لتفعيل آليات التعاون وتعزيز الديناميكية الإيجابية لأفق الاستحقاقات الثنائية المقبلة، ولفت إلى أنّه سيتمّ “تكثيف وتيرة تبادل الزيارات”، كما أعلن عن تكثيف عمل عدد من اللجان الوزارية المشتركة بين البلدين من أجل “تجاوز مختلف العقبات التي تواجه تحقيق أهداف شعبينا وبلدينا”.وشدد على أنه من خلال هذا البرنامج, فإن البلدين يطمحان إلى «تكثيف التعاون العلمي والتكنولوجي والثقافي وتعزيز مستوى التبادل التجاري بينهما في ضوء الإصلاحات الوطنية الكبيرة والرامية إلى تحسين مناخ الأعمال».
تضافر الجهود لاستقرار المنطقة
وأكد رئيس الجمهورية أن اللقاء كان فرصة أيضا لمناقشة الأوضاع الراهنة الأمنية والسياسية ذات الاهتمام المشترك, على الصعيدين الإقليمي والدولي, حيث تم خلاله تبادل «وجهات النظر حول عديد القضايا الهامة بالنسبة للبلدين, خصوصا الوضع في ليبيا ومالي ومنطقة الساحل والصحراء الغربية, التي تستدعي تضافر الجهود من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة».وبهذا الخصوص تم الاتفاق على ضرورة «تكثيف التشاور فيما يخص استقرار محيطنا المتوسطي, والسلم والأمن الدوليين», مبرزا في هذا السياق أن «الواقع الدولي الراهن والصعوبات الناجمة عنه يتطلب من كلا البلدين العمل سويا على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف من أجل مواجهتها وفق تصور شامل ومنسجم يسمح بمعالجة فعالة لجذور الاضطرابات الحالية من خلال التمسك التام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة, باعتبارها ضمانة هامة لحفظ الأمن والاستقرار».
وخلص الرئيس تبون إلى «تثمين النتائج المشجعة لزيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر, والتي مكنت الطرفين من إجراء تقييم شامل لمستوى التعاون بين البلدين ورسم آفاق واعدة للرقي بالشراكة الاستثنائية التي تجمعهما».
ماكرون: تعزيز التعاون بين البلدين
من جانبه، أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، سعيه “لإحراز تقدم في مجالات الصناعة والبحث والمحروقات والمعادن النادرة وكذا حول مواضيع الابتكار التي نرغب بشأنها التقدم بسرعة وبشكل أقوى”. وألح ماكرون على قطاعين للتعاون بين البلدين وهما الرقمنة والإبداع السينماتوغرافي، حيث يحوز “الكثير من مزدوجي الجنسية على مواهب” في هاته المجالات.
واعتبر الرئيس الفرنسي، أن بناء المستقبل، “يمر بالنظر سويا إلى تحدياتنا والعمل بجهد من أجل تقديم الأجوبة الكفيلة بمساعدة الشباب في الجزائر وفرنسا على النجاح”.
وأبرز الرئيس الفرنسي، في الإطار ذاته، رغبة بلاده في تطوير مشروع حاضنة مؤسسات ناشئة مع الجزائر من خلال اللجوء إلى “مساهمة القطاع الخاص الذي له صلة مع حاضنات أخرى”. وأشار المتحدث إلى أهمية أن تشمل هذه الشراكة الجديدة مشاريع التعاون في المجالات الجامعية والعلمية. وذكر في هذا السياق بمشروع تعاون مستقبلي بين معهد باستور الجزائر والمركز الفرنسي للبحث العلمي، وهو تعاون وصفه السيد ماكرون بـ”الضروري لمواجهة تحديات الغد” سواء تعلق الأمر بالأمراض الوبائية أو بتحديات المناخ.
للجزائر وفرنسا ماض مشترك معقد
وبخصوص ملف الذاكرة، قال الرئيس الفرنسي، إن للجزائر وفرنسا ماض مشترك معقد. وذكر ماكرون، أن هذا الماضي المعقد لم يسمح للبلدين في الكثير من المرات الانطلاق نحو مستقبل أفضل”. وكشف الرئيس الفرنسي، عن تفويض للجنة مشتركة من المؤرخين ستسند لهم مهمة فتح الأرشيف المتعلق بالاحتلال الفرنسي دون طابوهات.
وقال ماكرون “أظن أنه بإمكاني القول أن العمل الذي نقوم به في فرنسا منذ خمس سنوات وكذا الحوار الدائم القائم بيننا، يعزز لدي فكرة إننا نعيش فترة فريدة آمل أنها ستمكننا من مواجهة هذا الماضي والعمل على جعله عنصرا مشتركا لا عائقا لتقدمنا”. وأضاف أنه “مع نهاية هذه الزيارة سننتهي من كتابة ما تم الاتفاق عليه بدقة.
أما بخصوص ملف تنقل الأشخاص، فلقد أكد الرئيس الفرنسي أنه «تم اتخاذ قرارات» حول هذا الموضوع. وأوضح يقول «سنعمل معا من أجل معالجة مواضيع أمنية أكثر حساسية لكن لا يمكنها أن تعرقل مسعى تطوير جسور التنقل بالنسبة للفنانين والرياضيين والمقاولين والجامعيين وأعضاء الحركة الجمعوية والمسؤولين السياسيين، ما سيسمح بتجسيد المزيد من المشاريع المشتركة في منطقة المتوسط».
وفي حديثه عن السياق الجهوي والدولي، تأسف ماكرون لـ «عديد الأزمات» التي يعيشها العالم، مشيدا بـ «التزام» الرئيس تبون باحترام ومتابعة اتفاق السلام والمصالحة في مالي، قبل أن يجدد رغبته في «تعزيز التعاون» في مجال مكافحة الإرهاب.
وقد استهل الرئيس الفرنسي تصريحه الصحفي بتقديم تعازيه للرئيس تبون إثر الحرائق التي عرفتها بعض ولايات شرق الوطن. كما هنأ الرئيس الفرنسي الجزائر لنجاح الألعاب المتوسطية التي نظمت مؤخرا بوهران، مؤكدا أن «الرياضة التي تعد شغفا مشتركا، هي أيضا في صميم الشراكات»، مبرزا رغبة الطرف الفرنسي في «إطلاق تعاون جديد مع رياضيين شباب» ستكون له الفرصة للقائهم في وهران.
ع سمير