تحولت الجزائر إلى محطة إنزال دبلوماسي نوعي، من المنتظر أن يتواصل خلال الأسابيع القادمة، بالنظر للازمات التي تشهدها المنطقة، في ليبيا مع تجدد الصراع السياسي بين الأطراف المتنازعة، أو الساحل بعد تصاعد العمليات الإرهابية، إلى جانب أزمة الطاقة والمخاوف التي تنتاب الدول الأوروبية من أزمة تموين بالغاز الطبيعي خلال الشتاء القادم مع استمرار الصراع في أوكرانيا.
تتوالى زيارات الوفود الحكومية الأجنبية للجزائر، في الأيام الأخيرة. ويرتقب زيادة كثافة النشاط الدبلوماسي مستقبلا، بما ينطبق مع التوجه نحو إقامة شراكات متعددة قائمة على التبادل العادل للمنافع. وقد استمر هذا الانزال الدبلوماسي مع تسجيل زيارات وفود عربية وأجنبية، أخرها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وهي الزيارة التي توجت بالتوقيع على إعلان شراكة متجددة، إضافة إلى الوزير الأول الإثيوبي، ابي احمد، الذي أعلن رغبة بلاده في تعزيز التعاون مع الجزائر وصولا إلى رئيس غينيا بيساو.
وتميزت زيارة الرئيس الفرنسي, إيمانويل ماكرون, إلى الجزائر ببعث شراكة متجددة بين الجزائر وفرنسا. حيث تم خلال الزيارة، التطرق إلى جل مواضيع التعاون الثنائي وسبل تعزيزه بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين ويضمن إعطاء دفعة نوعية لعلاقاتنا في كل المجالات, "تكريسا للتوجه الجديد الذي اتفقنا على ترسيخه". وأكد الرئيس تبون, في هذا الإطار, أن هذا التوجه «مبني على إقامة شراكة استثنائية شاملة في ظل مبادئ الاحترام والثقة المتبادلين وتوازن المصالح بين الدولتين».
وابرز رئيس الجمهورية، الدور الذي تلعبه الجزائر في الدفاع عن مصالح القارة الإفريقية، انطلاقا من موقع الجزائر بصفتها إحدى أكبر القوى في إفريقيا، و صرح رئيس الجمهورية في لقاء صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي, أن «الطرفين سيعملان «معا في العديد من المجالات خارج إطار الجزائر-فرنسا خدمة لمصلحة القارة الإفريقية التي لطالما دافعنا عنها».
وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قد تحدث عن الانزال الدبلوماسي الذي تعرفه الجزائر ودورها في حل النزاعات . وأكد الرئيس تبون، في لقاء إعلامي، أن ” استشارة الجزائر ضرورية في قضايا الساحل وليبيا والمتوسط وغيرها من القضايا”. قال الرئيس “لدينا اختصاص في محاربة الإرهاب واليوم تجاوزنا ذلك إلى اختصاصات أخرى، للجزائر دور محوري في عديد القضايا “. وصرح بأن ” الجزائر لن تتخلى عن فلسطين والصحراء الغربية والجزائريون متعلقون بالفلسطينيين”. وأشار إلى أن “المبادرة الجزائرية بخصوص فلسطين تكون من خلال الاتصالات إلى غاية التأثير في مجلس الأمن”.
الجزائر تصوب بوصلتها نحو إفريقيا
كما تواصل الجزائر مساعيها لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الدول الإفريقية، حيث شرعت منذ فترة في البحث عن منافذ تجارية جديدة في أسواق غرب إفريقيا عبر موريتانيا والسنغال، كما باشرت ترتيبات تنفيذ مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء ومشروع الطريق العابر للصحراء، كما قررت تعزيز العلاقات مع دول القرن الإفريقي، عبر المساعدات الإغاثية إلى الصومال من جهة وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع إثيوبيا التي تعد إحدى أهم عواصم صنع القرار في القارة السمراء.واستقبل رئيس الجمهورية، يوم الاثنين، رئيس الحكومة الإثيوبية أبي أحمد علي الذي قام بزيارة إلى الجزائر. وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية على الصعيد السياسي والاقتصادي، وجملة من القضايا الإقليمية التي تهم البلدين، حيث أكد الطرفان فتح خط جوي مباشر، في أقرب وقت، بين الجزائر وأديس أبابا، مما سيسمح بتبادل الزيارات بين مسؤولي القطاعات للدولتين.وأفاد بيان للرئاسة، بأنه جرى الاتفاق على «زيادة حجم تبادل المنتجات الوطنية بين البلدين، لا سيّما في مجال الصناعات الغذائية، والصناعة الصيدلانية، والتكوين والتعليم العالي، والبحث العلمي».وتعد زيارة أبي أحمد الثانية لمسؤول إثيوبي رفيع في أقل من شهر، بعد زيارة الرئيسة ساهلي وورك زودي إلى الجزائر في جويلية الماضي. و وصـف رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد علي، إن العلاقات بين الجزائر وأديس بابا بـ “التاريخية”. وكتب أبي أحمد علي في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر: “مسرور جدا بلقاء الرئيس تبون الذي ناقشت معه آليات تعزيز العلاقات بين بلدينا”. وأضاف: “تتمتع إثيوبيا والجزائر منذ فترة طويلة بعلاقات تاريخية وهناك الكثير من المجالات التي يُمكن تعزيز تعاوننا فيها”.وفي السياق نفسه، استقبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمس، رئيس جمهورية غينيا بيساو، عمرو سيسوكو أمبالو. وحسب بيان لرئاسة الجمهورية، فإن مراسم الاستقبال جرت بمقر الرئاسة، كما أجرى الرئيس تبون محادثات على انفراد مع رئيس جمهورية غينيا بيساو. ويؤكد محللون، بان الزيارات المتتالية للوفود العربية والأجنبية إلى الجزائر، تعكس مكانة الجزائر كقوة إقليمية في المنطقة ودورها الفاعل في حل الأزمات، خاصة بعد عودة صوت الجزائر بقوة وإنعاش مسارها الدبلوماسي على المستويين الداخلي والخارجي، وهو ما تؤكده التحركات الدبلوماسية الجزائرية التي هي في تزايد مستمر، ما يسمح للجزائر بشق طريقها بقوة نحو الخارج وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.
ع سمير