أكد أمس، أستاذ التاريخ بجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة أن إستراتيجية السرية التي انتهجتها الثورة قد حالت دون الكشف عن هوية ديدوش مراد لدى السلطات الاستعمارية كقائد لمنطقة الشمال القسنطيني حتى بعد استشهاده، منبها أن اكتشاف مكانه بوادي كركر قد وقع صدفة، في حين ذهب المجاهد السعيد بوشريحة الذي حضر الحادثة إلى أن القوات الاستعمارية كانت تترصد لمجموعة المجاهدين.
وأحيت السلطات الولائية بولاية قسنطينة الذكرى الثامنة والستين لاستشهاد البطل ديدوش مراد يوم 18 جانفي 1955 بوادي كركر في منطقة زيغود يوسف، حيث قدم خلالها الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين، محمود بوربونة، بدار الثقافة مالك حداد، نبذة عن الشهيد وتحدث عن مآثره، في حين اشتملت التظاهرة على تقديم أوبيرات تاريخية من أداء أشبال الكشافة الإسلامية، ومعرضا تاريخيا لمقالات منشورة في جريدة «لاديباش دو كونسطونتين» حول الثورة نظمته دار الشباب مولود قاسم نايت بلقاسم بالتنسيق مع مديرية المجاهدين.
وقد قدم المجاهد خلوفي زعلاني المدعو محمد لوالي قسنطينة والوفد المرافق له خلال زيارتهم للمعرض، شهادة حية حول هجوم بطولي قام به مجاهدون على دورية للقوات الاستعمارية بالقرب من المكان المسمى «عين بوطمبل» بقسنطينة بعد أن لاحظ وجوده في إحدى صفحات الجريدة الاستعمارية المذكورة، كما تحدث ممثل مديرية المجاهدين عن تزييف الحقائق والدعاية المغرضة ضد الثورة التي كانت تقوم به، في حين قدمت الشاعرة سهام بوقرة فقرة شعرية عن الشهيد ديدوش مراد.
من جهة أخرى، أوضح الأستاذ عبد الله موساوي الذي قدم مداخلة حول الشهيد، في تصريح للنصر، أن اكتشاف موكب ديدوش مراد قد وقع صدفة من طرف الاستعمار الفرنسي، حيث استند إلى دراسة قام بها الباحث علاوة عمارة، مشيرا إلى أنها ذهبت من خلال الأرشيف إلى الإجابة عن سؤال ما إذا كان الموكب قد اكتشف بمحض الصدفة أم عن طريق عيون الاستعمار، مؤكدا أن منطقة «وادي كركر» لم تكن منطقة معارك؛ بل منطقة عبور مثلما أكد، كما أوضح أن الذين استشهدوا في المعركة قد ذكروا بأسمائهم وألقابهم وتواريخ ميلادهم، باستثناء ديدوش مراد الذي ذكر باسمه الحركي فقط «سي عبد القادر».
وأبرز نفس المصدر بأن جميع المراجع الأرشيفية التي استندت إليها الدراسة، على غرار الأرشيف الخاص بالأمن في قسنطينة والأرشيف الخاص بالحاكم، لم تكن تشير إلى ديدوش مراد بصفته قائدا لمنطقة الشمال القسنطيني، واكتفت بالإشارة إليه باسمه الحركي فقط. ونبه محدثنا أن جميع المعلومات التي تقدمها الوثائق تذكر الشهيد زيغود يوسف على أساس أنه المشرف على منطقة الشمال القسنطيني، في حين تذكر الشهيد ديدوش مراد على أساس أنه مشرف على منطقة «المغايزية» فقط، رغم أن زيغود يوسف كان نائبا لديدوش مراد في الفترة المذكورة، حيث اعتبر أن إستراتيجية السرية التي كانت تتبعها الثورة حالت دون التعرف عليه خلال نشاطه، ما يوطد الطرح القائل أن «اكتشاف الموكب كان صدفة فقط»، مثلما أضاف.
وأضاف نفس المصدر أن الدراسات حول الشهيد ديدوش مراد قليلة، حيث استشهد بعد بداية الثورة بحوالي 3 أشهر، في حين قدم المجاهد السعيد بوشريحة شهادة حية حول حادثة استشهاد ديدوش مراد، حيث ذكر للنصرأن فوج المجاهدين الذي كان يضم الشهيد قد مر بالمشتى الذي كانت تقطن به عائلته في زيغود يوسف بالقرب من وادي بوكركر، مشيرا إلى أنه لم يكن يعرف ديدوش مراد من قبل استشهاده، في حين أشار إلى أنه يتذكر أن القوات الاستعمارية تمكنت من أسر أحد المجاهدين في الفوج، واستقدمته ليتعرف على رفاقه الشهداء السبعة، أين قدم لها أسماءهم جميعا باستثناء ديدوش مراد الذي قدمه باسمه الحركي فقط «سي عبد القادر».
ونبه المجاهد أن زيغود يوسف وبوشريحة بولعراس قد حضرا المعركة مع مجاهدين آخرين وتمكنوا من النجاة، في حين نبه أنه لا يمكن الجزم إن كانوا قد اكتشفوا صدفة، موضحا أن تفاصيل الحادثة تحمل مؤشرات على أن القوات الاستعمارية كانت تترصد لهم، خصوصا وأنها اتجهت مباشرة إلى وادي بوكركر، لكنه أكد أن القوات الاستعمارية لم تكن على علم بوجود ديدوش في المجموعة، كما لم تكن على علم بوجود مجموعة من المجاهدين الذين نجوا، خصوصا بوشريحة بولعراس وزيغود يوسف. وقد قال نفس المصدر إنه لم يكن يعرف ديدوش مراد أبدا، رغم أنه كان يعرف زيغود يوسف وعمار بن عودة الذي لجأ إلى المنطقة.
سامي .ح
