ثمن المشاركون في المؤتمر السنوي للمجلس الإسلامي الأعلى الذي اختتمت فعالياته، أمس بوهران، توجهات الدولة الجزائرية لأخلقة الحياة العامة والعمل على تكريس الحوكمة وسيادة القانون واحترام قواعده الضابطة للسير الطبيعي للمجتمع بما يحفظ مقدرات الأمة ويصون مكانتها ويلبي طموحات ساكنتها.
جاء هذا في «بيان وهران» الذي تمت قراءته في اختتام أشغال المؤتمر السنوي للمجلس الإسلامي الأعلى والذي كان شعاره «السلوكات الحضارية : وعي، فعل، تعايش»، حيث تضمن البيان توصيات ومقترحات المشاركين الذين دعوا المؤسسات العامة ذات الصلة بالشأن العام إلى التجاوب مع توجهات الدولة والحرص على الارتقاء بالسلوك الاجتماعي إلى المستويات الحضارية التي تخدم الصالح العام وتزيل عوامل الترهل عن الفرد والإحباط والسلبية عن المجتمع، كما دعوا إلى تشجيع المؤسسات العلمية والمخابر البحثية لتركيز جهودها على التحولات العميقة التي تعيشها المجتمعات في الوقت الراهن والعمل على إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات المستجدة، ومن هنا تضمنت التوصيات ضرورة تشجيع التوجه لإنشاء مؤسسات ذكية تعمل على رصد التحولات الاجتماعية وتوفير الأساليب النوعية للتعامل معها و ابتكار الحلول التي تقلل من مخاطر المستجدات الطارئة.
وأوصى المشاركون أيضا بتنبيه المؤسسات الإعلامية عامة والإلكترونية على وجه الخصوص، إلى أهمية صناعة المحتوى الاتصالي وأساليب ترويجه وللمسؤولية التي تقع على عاتق هذه المؤسسات اتجاه الرأي العام والمجتمع، والدعوة لإنشاء مؤسسات تهتم باتجاهات الرأي العام خاصة الشباب، مع ابتكار برامج وفضاءات ترشد المواطن للارتقاء بسلوكه إلى المستويات الحضارية التي تضمنها الدين الإسلامي وألفتها الأمة الإسلامية من مواقف قياداتها وصلحائها عبر الأزمنة.
كما دعوا المؤسسات الدينية كافة للمسارعة نحو امتلاك مهارات التعامل مع مستجدات الشأن العام والعمل على استعادة دورها الريادي في التوجيه والإرشاد والتهذيب بما يسمح لها بالمساهمة المنتظرة منها، وأيضا المؤسسات التعليمية للتجاوب مع الأساليب التربوية الحديثة وبذل المزيد من الجهود لتنشئة الأجيال الجديدة على السلوكات الحضارية المرجوة وتعميق التعاون بينها وبين المؤسسات المختصة في إدارة الرأي العام، إلى جانب تشجيع المؤسسات الثقافية والرياضية على الاهتمام بالأبعاد الثقافية للنشاطات المنظمة والتي لها دور كبير في بناء الإنسان وتعديل سلوكاته وذلك عبر الابتكار في طبيعة النشاطات الموجهة للجمهور، ودعوة المجتمع المدني والقوى الحية المؤثرة إلى بذل المزيد من الجهد للمساهمة في تثمين الاتجاهات الإيجابية في المجتمع والسعي لترقيته ببرامج ومشاريع نوعية.
من جهة أخرى، حرص المؤتمرون على ضرورة تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها، التنبيه إلى الأهمية البالغة التي يمثلها السلوك الحضاري في حياتنا والحرص على استثمار خلاصة البحث العلمي في التعامل مع المشكلات السلوكية وإشراك مؤسسات المجتمع في إنجاز مشاريع ترتقي بالسلوك الاجتماعي وكذا فتح مجالات النقاش وتوسيع فضاءات الحوار حول اتجاهات السلوك الاجتماعي.
وقد شهدت الجلسة الختامية للمؤتمر السنوي للمجلس الإسلامي الأعلى الذي شهد مشاركة نوعية لعلماء وأساتذة ومشايخ من 40 دولة من مختلف القارات، نقاشا واسعا للمحاضرات المبرمجة ومنها المحاضرة التي ركزت على الإعلام ودوره في ترسيخ السلوكات الحضارية والتي ألقاها الدكتور العربي بوعمامة عن مخبر الدراسات الاتصالية والإعلامية بجامعة مستغانم، حيث أكد أنه وبتطور وسائط وتقنيات الإعلام والاتصال، تطورت الأدوار التي يناط بها الإعلام في تنمية وخدمة السلوك الحضاري للفرد والمجتمع، كما اشتدت حدة التفاوت والصراع الحضاري بين المجتمعات المختلفة بزيادة الانفتاح العالمي وسعي العولمة لفرض سلوك حضاري أوحد، وعليه تحمل وسائل الإعلام على عاتقها جزءا كبيرا من المسؤولية على اعتبار الإعلام بوسائطه المتعددة الحالية وحتى المستقبلية، هو دعامة تشكيل السلوك الحضاري للمجتمع وإبراز مقوماته والحفاظ عليها في عالم متغير، كما أن مواجهة المد الإعلامي المعولم والقيم الوافدة لا يمكن مقابلته إلا بمنظومة إعلامية حاملة لقيم المجتمع ومتكاملة من حيث الهياكل والوظائف والرؤى .
بن ودان خيرة
