تنظم وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، اليوم، بقصر الأمم بنادي الصنوبر بالجزائر العاصمة، الجلسات الوطنية للفلاحة تحت شعار "الفلاحة من أجل أمن غذائي مستدام" بمشاركة الفاعلين في القطاع و المتدخلين من قطاعات أخرى، وخبراء وممثلي الهيئات ذات الصلة.
وتعقد هذه الجلسات تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وهي تهدف إلى تثمين وتقييم الانجازات المحققة في قطاع الفلاحة، وتعزيز الإستراتيجية العامة للقطاع من أجل أمن غذائي مستدام.
ويعد موضوع الأمن الغذائي من بين أولى أولويات رئيس الجمهورية في ظل التقلبات الدولية والتحولات الجيواستراتيجية التي يعرفها العالم خصوصا بعد اندلاع الصراع الروسي- الأوكراني قبل عام، وفي هذا الصدد كان الرئيس تبون قد حث في اجتماع سابق لمجلس الوزراء على تكثيف الجهود لضمان الأمن الغذائي وبخاصة في مجال الحبوب.
وهو التحدي الذي ما فتئ رئيس الجمهورية يشدد على ضرورة كسبه في ظل التقلبات العالمية الحالية مهما كانت الصعوبات، خاصة وأن للجزائر من القدرات المادية والطبيعية ما يؤهلها لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي.
وعلى ضوء ذلك وجه الرئيس تبون الوزارة الوصية بإعداد مخطط جديد لإعادة تنظيم القطاع بعيدا عن كل أشكال البيروقراطية، مخطط يراعي الفعالية في الميدان ويعطي النتائج المرجوة، كما أمر بتوسيع الأراضي الفلاحية واستخدام الوسائل التقنية الحديثة والأسمدة لزيادة المردودية، وطلب بضرورة العمل من أجل تحقيق الاكتفاء في إنتاج الحبوب وخاصة القمح بهدف بلوغ إنتاج 50 قنطارا في الهكتار الواحد.
وفي ذات السياق دائما سبق لرئيس الجمهورية أن أكد في أكثر من مناسبة أن الإنتاج الفلاحي قضية "مصيرية" وهو يعتبر مسألة "كرامة وسيادة وطنية"، ودعا إلى إعادة توجيه الجهود في قطاع الفلاحة وبخاصة في الجنوب و الهضاب العليا وذلك عبر توسيع الفلاحة أكثر نحو هذه الجهات، وإعادة النظر في تسيير الموارد البشرية، وتغيير الذهنيات، وتشجيع المهنيين على العمل بالطرق الحديثة وتطبيق التقنيات العصرية الموجودة في الدول المتطورة.
كما أمر في نفس الاتجاه باستغلال الطائرات دون طيار ووسائل المراقبة الجوية من أجل مسح وتقييم دقيق للقدرات الفلاحية الوطنية، وتشجيع البحث العلمي في هذا المجال وأيضا تشجيع المبادرات الفردية والجماعية وتثمينها.
وفي خطوة تعتبر مهمة جدا في هذا المجال كانت الحكومة قد أنشأت "البنك الوطني للبذور" الذي دشنه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان رسميا في 11 أوت الماضي، حيث أكد على الدور الهام الذي يلعبه هذا البنك، وقال إن هذا الأخير يعد هيكلا مهما لتحقيق الأمن الغذائي، واعتبره محطة تاريخية ولبنة أخرى في مسار تعزيز السيادة الوطنية من خلال تكريس مبدأ الأمن الغذائي كجزء لا يتجزأ من الأمن الوطني الشامل.
وبحسب الوزير الأول فإن إنشاء بنك البذور الجزائري يحمل الكثير من الدلالات التي تؤكد بأن البلاد تسير بخطى واعدة نحو تعزيز الأمن الغذائي لها، وهي قادرة على رفع التحديات وكسب الرهانات عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العليا للوطن.
ومن شأن البنك الوطني للبذور الحفاظ على الأصناف النباتية والحيوانية المحلية وحمايتها بالنظر لدورها في تكثيف وتعزيز الإنتاج الوطني، ذلك أن البذور التي تعتبر ذات أهمية كبيرة في التنمية المستدامة للفلاحة يمكن استخدامها كنقطة انطلاق لأي برنامج لتحسين النباتات.
والواقع أن القطاع الفلاحي قد حقق نتائج معتبرة وقفزة نوعية في السنوات الأخيرة في مختلف الشعب الفلاحية، وقد قدرت قيمة الإنتاج الفلاحي في سنة 2021 بما يعادل 25.6 مليار دولار، حيث تمكنت البلاد من تحقيق الاكتفاء في العديد من الفروع الفلاحية حتى وجه الفائض نحو التصدير للخارج كما هي الحال بالنسبة للبطاطا والفلفل وغيرهما.
و لم تتوان السلطات العمومية في كل مناسبة على التأكيد بأنها ستقدم الدعم الكامل للفلاحين من أجل رفع الإنتاج الفلاحي الوطني في جميع الشعب للوصول إلى تحقيق الاكتفاء الوطني في هذا المجال وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي، وقد قدمت الدولة أموالا كبيرة للقطاع و دعم لا يعد ولا يحصى في مختلف المناحي.
و قد وضعت الحكومة ضمن أولوياتها لسنة 2023 الجارية تعزيز الأمن الغذائي والصحي الوطني، ومن شأن الجلسات الوطنية للفلاحة التي ستنظم اليوم تقييم كل ما تحقق من إنجازات، والوقوف على النقائص التي لا تزال موجودة في هذا القطاع، والخروج بتوصيات و خطة عمل مشتركة مع جميع المتدخلين لرفع كل العراقيل في الميدان.
إلياس -ب