ركز الوفد رفيع المستوى من معهد الدراسات السياسية والإستراتيجية لنيجيريا، في زيارته خلال اليومين الماضيين لوهران، على أسس نجاح الجزائر في القطاعات التي وقف عندها ميدانيا. وتجلى اهتمام الوفد النيجيري من خلال أسئلة أعضائه في كل المحطات والتي تمحورت حول جوانب تقنية وأخرى اقتصادية وبعضها حول الاستراتيجية التي أدت لنجاح الاستثمارات العمومية والخاصة، وكان أبرز انشغال حول المقاييس التي يتم الاعتماد عليها لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى جانب تساؤلهم حول استخدام التكنولوجيات الحديثة في رفع الإنتاج وتطويره .
وكانت أول محطة نزل بها الوفد النيجيري رفيع المستوى في اليوم الأول من الزيارة مساء الإثنين، هي مركب الحديد والصلب “توسيالي” التركي بالمنطقة الصناعية بطيوة، حيث أوضح ممثل “توسيالي” أن مفتاح نجاح المركب وتوسيعه هو الموقع الإستراتيجي للجزائر القريبة من أوروبا وبوابة إفريقيا وهذا ما يسهل التعاملات ويفتح آفاق واعدة للتصدير لجميع القارات، مؤكدا أنه منذ 2007 تاريخ بداية إنجاز المصنع يخضع النشاط للقوانين الجزائرية ويتكيف معها بكل أريحية، وأن الجزائر تحرص على ضرورة رفع نسبة إدماج اليد العاملة المحلية واستعمال المواد المصنعة وطنيا، وأضاف المتحدث أن مركب “توسيالي” يعمل بتكنولوجيات حديثة متطورة ويستعمل الطاقة الشمسية في إطار الفعالية الطاقوية.
أما بالشركة الجزائرية العمانية للأسمدة بالمنطقة الصناعية بطيوة، رد ممثلها على أسئلة الوفد النيجيري بأن الجزائر متواجدة على جميع المستويات بالشركة، من حيث المراقبة والمرافقة وأيضا التصدير والإنتاج، مبرزا أن الشركة تتطلع لتطوير إنتاجها أكثر ورفعه من أجل تلبية احتياجات السوق الوطنية أولا والعمل على وقف استيراد “اليوريا” نهائيا، مشيرا لمشروع تحويل وتطوير اليوريا لتواكب أحدث الأسمدة المستعملة في قطاع الفلاحة، كما استمع الحضور لشروحات حول الطاقة الإنتاجية للمصنع وخريطة الاحتياجات التي يغطيها على المستوى الوطني والخارجي.
بينما بمركب فصل غاز البترول المميع “1 و2” بالمنطقة الصناعية لسوناطراك بآرزيو، قدمت للوفد توضيحات تقنية حول عمليات فصل الغاز و كيفية عمل المصنع وكذا الطاقة الإنتاجية والتخزينية لهذه المادة الواسعة الاستهلاك والتي تعتبر الجزائر رائدة بها في السوق العالمية، و اختتم اليوم الأول من الزيارة في ساعة متأخرة من مساء الاثنين بزيارة الصالون الدولي للتناغم الصناعي الجارية فعالياته بفندق الميريديان.
وقد استأنف الوفد النيجيري رفيع المستوى، أمس، زيارته لليوم الثاني على التوالي بوهران في ثاني محطة له بعد العاصمة في إطار جولته التي ستشمل 13 ولاية وعبر 40 نقطة، باستطلاع عدة إنجازات منها مشروع صناعة السيارات “فيات” بمنطقة الحامول أين قدمت لهم شروحات وافية حوله أهميته الاقتصادية والاجتماعية، أما ببلدية حاسي عامر زار الوفد مخبر تصنيع المواد الصيدلانية وشبه الصيدلانية “أوريون لاب” أين تلقو شروحات وافية عن تطور مشاريع الصناعة الصيدلانية في الجزائر بفضل القوانين الجديدة، وطافوا بمختلف أجنحته الإنتاجية والتصنيعية منها الجناح المخصص لإنتاج مختلف اللقاحات والحقن الطبية، وفي نفس السياق، زار الوفد مركب “ريانوكس” ببطيوة لإنتاج مختلف الغازات المستعملة في قطاع الصحة منها “الأكسجين الطبي والغاز الصناعي”.
* مُدير الدراسات والبحث بالمعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية
بإمكان الجزائر ونيجيريا التعاون في خلق قطب طاقوي
أكد أحمد كاتب مدير الدراسات والبحث بالمعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة في تصريح صحفي، أن هذه ثاني زيارة لذات الوفد للجزائر منذ 2021، وأنه سيعاين وسيدرس ويطلع على التجربة الجزائرية وما حققته من مكتسبات في جميع المجالات وعلى ما يجعل تجربة الجزائر تجربة فريدة من نوعها من شأنها بناء جسور مهمة للتعاون والشراكة مع نيجيريا و جنوب إفريقيا أيضا في إطار “الجزائر- أبوجا- بريتوريا”.
و أوضح، أنه لا يجب أن ننسى الرهانات الكبرى المطروحة اليوم بعد الأزمة الأوكرانية التي جعلت أوروبا تتطلع إلى الطاقة وأساسا طاقة الجزائر ونيجيريا وعدة دول إفريقية، وبالتالي وفق السيد كاتب، فبإمكان الجزائر ونيجيريا التعاون والاشتراك في خلق قطب طاقوي إفريقي مهم جدا من شأنه أن يمد أوروبا باحتياجاتها من الغاز، معتبرا أنبوب الغاز “الجزائر- نايجيريا” ركيزة أساسية للدفع بهذه الفكرة نحو التجسيد الفعلي، بالإضافة إلى مشروع مد الألياف البصرية وطريق الوحدة الإفريقية التي هي مشاريع هيكلية مهمة جدا بإمكانها أن تؤسس لتنمية حقيقية في القارة.
وأضاف كاتب، أنه في هذه المرة ترتكز الزيارة على ثلاثة محاور وهي “الصناعة.. فلسفتها، الواقع والآفاق” والمحور الثاني “الأمن الطاقوي..فلسفته، الإستراتيجية الجزائرية واقعها وآفاقها” أما المحور الثالث فهو “كيف تتعامل الجزائر مع التغييرات المناخية.. فلسفتها، واقعها وآفاقها”، مردفا أن للجزائر اليوم بنى قاعدية صناعية مهمة جدا، ومنشآت إستراتيجية في المجال الطاقوي.
بن ودان خيرة