أكد الأمين العام لوزارة الطاقة والمناجم عبد الكريم عويسي، أمس، أنه يجري حاليا دراسة إمكانية القيام بمشاريع تجريبية علمية للتحكم في سلسلة الهيدروجين، منها مشروع شبه صناعي بقدرة 50 ميغاواط لإنتاج الهيدروجين الأخضر المستعمل في إنتاج اليوريا والأمونيا، مضيفا أن تطوير الهيدروجين يعد من بين الأهداف الأولوية للجزائر لجعله رافدا إستراتيجيا احتراما للالتزامات المناخية وتنفيذا لبرنامج الانتقال الطاقوي.
وأوضح الأمين العام لوزارة الطاقة والمناجم عبد الكريم عويسي أمس في كلمته الافتتاحية لأشغال الطبعة 11 للمعرض ومؤتمر شمال إفريقيا للطاقة والهيدروجين «ناباك» الجارية بمركز الاتفاقيات بوهران، أن بلادنا تتمتع بميزات هامة تؤهلها لأن تصبح رائدا إقليميا رئيسيا في مجال تطوير واستعمال الطاقات المتجددة ومنها الهيدروجين، خاصة بالنظر لإمكاناتها في الطاقة الشمسية وكذا شبكاتها الواسعة من الكهرباء والغاز المعززة بوحدات تحلية مياه البحر، وأن الجزائر أدرجت في إطار الاستثمار في قطاع المحروقات عن طريق شركة سوناطراك، استثمارات كبيرة تقدر بأكثر من 40 مليار دولار في الفترة ما بين «2023- 2027» منها أكثر من 14 مليار دولار مخصصة لمشاريع الغاز وهذا من أجل الحفاظ والزيادة في قدراتها الإنتاجية.
و اعتبر أن تعزيز قدرات الاستكشاف والإنتاج والتصدير، تتطلب دعما تكنولوجيا وفنيا وتقاسم المخاطر مع الشركاء الأجانب ضمن الأطر القانونية و صيغ تعاقدية شفافة من خلال القانون الحالي للمحروقات الذي يعطي امتيازات وتحفيزات هامة للاستثمار في قطاع الطاقة، مبرزا أنه بالإضافة لمواردها الأحفورية تتوفر الجزائر على قدرات هائلة للطاقة الشمسية، حيث تم إطلاق برنامج تطوير الطاقات المتجددة الذي يهدف إلى إنجاز قدرة إنتاجية إجمالية تقدر ب 15 ألف ميغاواط في آفاق 2035، منها 2000 ميغاواط سيتم الشروع في إنجازها من طرف شركة سونلغاز قريبا، كما تسعى الجزائر من خلال هذا البرنامج للوصول في غضون 2030 لتحقيق 30 بالمائة من الطاقات المتجددة في المزيج الطاقوي الوطني.
و أردف أن ملتقى «ناباك» من شأنه أن يسمح بتعزيز الحوار بين مختلف الأطراف الفاعلة حول مصادر وأنماط الطاقة وبحث ودراسة فرص التعاون من أجل الشراكة والاستثمار، بالإضافة لمناقشة التحديات من أجل تحقيق الانتقال الطاقوي السلس لتلبية حاجيات المواطنين للعيش الكريم والرفاهية، وكذا لتلبية حاجيات الاقتصاد الوطني وتعزيز القدرات لمجابهة الرهانات على المستوى الإقليمي والدولي.
وقال عويسي إن الاقتصاد العالمي يشهد تغييرات كبيرة في العديد من المجالات التي تؤثر تأثيرا كبيرا على نمو وتطور الاقتصاد العالمي وما ينجر عنها من انعكاسات سلبية على العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول، كما أن الطاقة تعد، مثل ما قال، من أهم مقومات هذه التغييرات لما تلعبه من دور كبير في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة لأن التحولات الهيكلية الجديدة في مشهد الطاقة العالمي أثرت تأثيرا كبيرا أيضا على أسواق المحروقات والطاقة حيث تراجعت الاستثمارات البينية في مجال الصناعة البترولية والغازية مما سينعكس على الطلب العالمي للطاقة الذي هو في تزايد وعلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب.
وأشار المتحدث، أنه في ظل هذه التغيرات تسعى الجزائر للتكيف مع السياق الدولي والاستجابة في الوقت نفسه للطلب الوطني المتزايد على الطاقة، مع المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وأن هذه المساعي ترتكز على المضي بحزم نحو تحقيق انتقال طاقوي بشكل تدريجي عبر اعتماد مزيج طاقوي أكثر تنوعا يأخذ بعين الاعتبار كل الطاقات المتاحة والأقل تكلفة والأكثر نظافة، مع الاستفادة من المكاسب الناتجة عن تحسين كفاءة الطاقة والعمل على التحكم في استهلاكها من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، مستطردا أن الجزائر تواصل كذلك مجهوداتها في أنشطة البحث والاستكشاف وتوسيع دائرة احتياطاتها وزيادة قدراتها الإنتاجية وكذا تحسين نسبة الاسترجاع لاحتياطاتها البترولية والغازية وأيضا تثمين وتطوير الصناعات البتروكيمياوية وتعزيز قدرات النقل من أجل الحفاظ على دورها وتعزيز مكانتها كمورد يحظى بمصداقية في السوق الدولية.
وفي مجال الحفاظ على البيئة، أشاد الأمين العام لوزارة الطاقة بمجهودات الدولة في هذا المجال، حيث يسعى قطاع الطاقة للحد من الارتفاع المتزايد للطلب على الطاقة وترشيد استهلاكها، عن طريق اعتماد نموذج طاقوي وطني فعال يمكن من الاستعمال الأمثل للطاقة في مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية بالتعاون مع مختلف القطاعات المعنية.
وأوضح أن الجزائر انخرطت وبشكل كامل في الديناميكية الدولية لمكافحة التغيرات المناخية والحد من البصمة الكربونية، من خلال تقديم حلول ملموسة وفقا لالتزاماتها في إطار اتفاقية باريس وأجندة الأمم المتحدة 2030، وتم القيام بمجهودات كبيرة للحد من الانبعاثات الغازية واعتماد نهج استباقي لتحقيق ذلك، حيث يتم اليوم العمل على وضع بيانات قاعدية لمصادر الانبعاثات الصادرة عن المنشآت المختلفة في صناعة النفط والغاز، كما تلتزم شركة سوناطراك للحد من الانبعاثات وحفظها إلى أقل من 1 بالمائة في غضون 2030، بالإضافة إلى هذا انضمت سوناطراك لعدة مبادرات دولية، معتبرا بأن التخزين الطبيعي للكربون يعد أحد أهم المحاور الرئيسية التي سيتم الاستثمار فيها من طرف سوناطراك بقيمة 1 مليار دولار لغرس 420 مليون شجرة على مدار 10 سنوات القادمة، لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية وخلق فرص عمل.
بن ودان خيرة