يواصل الاحتلال الصهيوني، عدوانه المكثف وغير المسبوق على قطاع غزة، منذ يوم 7 أكتوبر الماضي، مخلفا آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن، فيما لا يزال هناك المئات تحت الأنقاض لم يتم انتشالهم بسبب الأوضاع الميدانية الخطيرة، وذلك وسط حصار شديد على القطاع وقطع للكهرباء و الماء، ومنع لدخول الأدوية والمواد الغذائية والمساعدات الحيوية، ما يزيد من تعقيد وخطورة الوضع الإنساني على حياة المدنيين، وسط تحذيرات من مواجهة القطاع لمجاعة واسعة النطاق، و كذا تفشي الأمراض المعدية.
حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من أن قطاع غزة يواجه «مجاعة واسعة النطاق» ، مضيفا أن جميع السكان تقريبا في حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية.
وقالت سيندي ماكين المديرة التنفيذية للبرنامج في بيان أمس الجمعة «إمدادات الغذاء والمياه معدومة فعليا في غزة ولا يصل سوى جزء صغير مما هو مطلوب عبر الحدود». وأضافت «في ظل اقتراب فصل الشتاء بسرعة، والملاجئ غير الآمنة والمكتظة، ونقص المياه النظيفة، يواجه المدنيون احتمالا فوريا بحدوث مجاعة».
وكان البرنامج أعلن الأسبوع الماضي، أن سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يفتقرون لما يكفي من الغذاء ويواجهون سوء التغذية بعد شهر من حصار مهلك يفرضه عليهم جيش الاحتلال الصهيوني.
من جهتها، حذرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من تفشي الأمراض المعدية والجوع على نطاق واسع جراء العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة .
وقال فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في مؤتمر صحفي أول أمس الخميس إنه مع محدودية قدرة الوصول إلى الوقود والموارد الأخرى في غزة، «يبدو أن تفشي الأمراض المعدية والجوع على نطاق واسع أمر لا مفر منه».
وأضاف أن النقص الكامل في إمدادات الوقود سيكون كارثيا في جميع أنحاء القطاع، «مما يؤدي إلى انهيار كامل في خدمات المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية الحيوية، وإنهاء تدفق المساعدات الإنسانية التي تم السماح لها حتى الآن».
و في سياق متصل، قال رئيس وزراء فلسطين، محمد أشتية، أمس، إن نحو 40 بالمائة من المنازل شمالي قطاع غزة تم تدميرها جراء العدوان الصهيوني الهمجي، بينما لا زالت 1500 جثة تحت الأنقاض، مطالبا بوقف إطلاق نار فوري والسماح بدخول المساعدات.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني في مؤتمر صحفي «إن ما يحدث في غزة انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني»، لافتا إلى أن 1500 جثة مازالت تحت الأنقاض.
و أضاف أن غزة تعيش في ظلام دامس بعد انقطاع الكهرباء، بينما يواصل الاحتلال الصهيوني منع إدخال الوقود إلى مستشفيات القطاع، مشددا على ضرورة وقف «فوري» لإطلاق النار وتوفير الغذاء في غزة، كما يجب إيقاف انتهاكات الكيان الصهيوني في الضفة الغربية .
و استرسل رئيس الوزراء الفلسطيني قائلا: «نطالب (الكيان الصهيوني) بالسماح بعودة النازحين إلى بيوتهم في شمال غزة»، موضحا أن قطع المياه والكهرباء عن قطاع غزة «جريمة حرب».
وتابع محمد أشتية أن ما يجري في قطاع غزة هو نتاج للسياسات الصهيونية، مطالبا ببحث جدول زمني لإنهاء الاحتلال الصهيوني.
بدوره، قال عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين «أونروا»، إن المؤسسة «أصدرت تحذيرا قبل يومين والمفوض العام تحدث عن نقص الوقود الذي يشغل محطات المياه والصرف الصحي والمشافي والمخابز واليوم انتهى الوقود».
و أشار إلى أن «هناك 60 محطة صغيرة و3 محطات كبيرة للصرف الصحي توقفت واليوم شوارع قطاع غزة تغمرها مياه الصرف الصحي والمجاري وعمليا هذا سبب انتشار الكثير من الأمراض في قطاع غزة وفي مراكز الإيواء»، و أكد أن هناك 800 ألف نازح في 151 مدرسة، ينقصهم كل شيء في ظل انتشار الأمراض.
أما عن خدمات الاتصال، فقالت مديرة الإعلام لدى «الأونروا»، جولييت توما، إن هناك دمارا في غزة «وكأن زلزالا ضربها، لكنه من صنع الإنسان وكان من الممكن تجنبه تماما».
وتشير الأرقام المعلن عنها عبر الإعلام الحكومي في غزة إلى ارتفاع ضحايا الاعتداء إلى ما يقارب 12 ألف شهيد منهم أكثر من 4 آلاف طفل و3155 امرأة ، و ارتفع عدد الجرحى إلى 32 ألفا فيما لا تزال 1500 جثة تحت الأنقاض ، مع مواصلة استهداف المستشفيات التي توقف 26 منها عن الخدمة كليا وسقط بها 203 شهداء من الطواقم الطبية، مع مواصلة محاصرة مستشفى الشفاء أين تم اقتحام أقسام ما خلف ضحايا في صفوف المرضى، كما يتواصل قصف المنازل ومناطق يتواجد بها نازحون، حيث تشير وزارة الصحة إلى تدمير كلي لـ54 ألف وحدة سكنية ما يعادل 40 بالمئة من النسيج الآهل بالسكان في القطاع.
عبد الرزاق.م