تعول وزارة الفلاحة والتنمية الريفية على البنك الوطني للبذور في تحسين نوعية البذور الموجهة للزراعات الاستراتيجية، وضمان وفرة المواد الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع، وتحقيق الأمن الغذائي المستدام، فضلا عن تطوير البذور الأصلية والحفاظ عليها.
قام وزير الفلاحة والتنمية الريفية يوسف شرفة، أمس، بزيارة تفقدية لمشروع بنك الجينات الكائن مقره ببلدية براقي بالعاصمة، للإطلاع على مدى تقدم الأشغال، استعدادا لتدشين هذا المرفق الفلاحي الهام الذي يتربع على مساحة 2 هكتار.
وتم استحداث بنك للبذور بقرار من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بهدف تحقيق الأمن الغذائي الشامل، والتخلص من التبعية للخارج فيما يخص استيراد البذور والمواد الغذائية واسعة الاستهلاك، ودخل البنك حيز الخدمة في أوت من سنة 2022، عقب تدشين مقره المؤقت على مستوى المركز الوطني لمراقبة البذور والشتائل والتصديق عليها.
وينتظر أن يتم تدشين المقر الجديد للبنك الوطني للبذور قريبا، الذي يتسع لتخزين 80 ألف سلالة خاصة بالحبوب والبقوليات والخضراوات والنباتات الصناعية والعطرية والطبية والأشجار الغابية، إلى جانب الجينات الحيوانية.
ويحتفظ البنك الوطني للجينات بنسخ مكررة من الموارد الجينية الفلاحية والغذائية، وتكمن وظيفته الأساسية في الحفاظ على البذور من الأصناف النادرة والمهددة بالانقراض، عن طريق تجديدها للحصول على كميات كافية منها، من ثم إعادة إدخالها في بيئتها الأصلية، كما يسهر البنك كذلك على ضمان الصلاحية الحيوية والوراثية للبذور طيلة فترة التخزين.
ويكتسي البنك الوطني للبذور أهمية قصوى في مجال الحفاظ على الموروث الجيني وفق ما أكده للنصر الخبير في الهندسة الفلاحية كريم حساني، نظرا للميزات التي تختص بها البذور المحلية، سيما الموجهة لإنتاج الحبوب، من حيث قدرتها على مقاومة الجفاف والأمراض، وعلى إنتاج كميات معتبرة من المحصول لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وأضاف المتدخل بأن استحداث هذا المرفق الهام سيمكن من الحفاظ على البذور الأصلية وكذا المحسنة وراثيا، بما يمكن قطاع الفلاحة من تحقيق الاستقلالية فيما يخص تموين الفلاحين بالبذور لإنتاج مختلف أصناف المحاصيل من حبوب وخضر وفواكه، فضلا عن النباتات الصناعية والطبية وغيرها.
ويؤكد الأستاذ كريم حساني بأن تثمين الإنتاج الوطني للبذور يشكل دعما للديوان المهني للحبوب، المستورد الحصري للحبوب والبذور، والممون الرئيسي للمستثمرين الفلاحيين، بما يجعل قطاع الفلاحة يعتمد بنسبة مائة بالمائة على بذور أصلية بما تحمله من مواصفات وميزات يصعب إيجادها في الأصناف المستوردة.
ويضيف الخبير الفلاحي بأن أغلب البذور المستوردة تتطلب السقي التكميلي لمواجهة نقص تهاطل الأمطار، في حين أن البذور المحلية تتطلب كميات أقل من المياه، وتساعد على التخفيف من وطأة الجفاف الذي مس خلال السنوات الأخيرة جل مناطق الوطن، سيما الولايات المعروفة بالإنتاج الفلاحي، مما دفع بالقطاع إلى التوجه نحو المناطق الجنوبية لما تحتويه على مخزون هام من المياه الجوفية.
وتعد البذور التي تنتج عن طريق بذور أصلية جزائرية ذات قيمة غذائية عالية، عكس بعض الأصناف التي تحتوي على نسبة عالية من السكر، وفق ما يؤكد الأستاذ كريم حساني، مشددا على أهمية تثمين إنتاج البذور محليا، من خلال البنك الوطني للبذور اعتمادا على الخبرات والكفاءات الجزائرية، مع إقحام البحث العلمي في المجال.
وأضاف المصدر بأن إنتاج البذور محليا من شأنه أن يساهم أيضا في تحسين مردود إنتاج المواد الفلاحية واسعة الاستهلاك، من بينها البطاطا التي ما تزال تعتمد زراعتها على بذور مستوردة من الخارج، مما قد يجعل من الصعب تحقيق الأمن الغذائي بنسبة كاملة وشاملة، وفق ما تطمح إليه السلطات العمومية التي جعلت من هذا الهدف مركز انشغالها في السنوات الأخيرة.
وشدد المتدخل في سياق حديثه مع النصر، على أهمية استحداث مخابر لإنتاج الحبوب الموجهة لزراعة الحبوب والبقوليات، مع توطيد العلاقة ما بين قطاع البحث العلمي والمستثمرين في المجال الفلاحي، وصولا إلى تصدير الفائض من البذور إلى الخارج، مع ضرورة بذل جهود إضافية لتحسين الجين الوراثي الخاص بالإنتاج الحيواني، وتقديم الدعم اللازم إلى المخابر الناشطة في المجال، من بينها التابعة لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية. لطيفة بلحاج