فاز المنتخب الوطني سهرة أمس على نظيره السنغالي بهدف دون رد، في مباراة ودية ثانية تندرج في إطار تحضيرات «الخضر» لتصفيات مونديال روسيا، و كانت بمثابة أحسن إمتحان للتشكيلة الوطنية من أجل الاستعداد لمواجهة تانزانيا شهر نوفمبر القادم، لأن السنغاليين اعتمدوا على لياقتهم البدنية العالية، و لو أن مردود أشبال غوركوف من الناحية الجماعية لم يكن مقنعا، في «سيناريو» كان امتدادا للمستوى المحتشم المقدم ضد غينيا قبل 4 أيام، لكن النتيجة سمحت لبراهيمي و رفاقه بإستعادة الثقة في النفس و الإمكانيات، قبل شهر من موعد الحسم، و الشروع في الرحلة المراطونية المؤدية إلى روسيا.
المقابلة عرفت في دقائقها الأولى محاولة كل طرف إحكام سيطرته، و فرض ريتم اللعب إنطلاقا من وسط الميدان، الأمر الذي جعل الناخب الوطني غوركوف يراهن على الثلاثي براهيمي، فغولي و محرز في صنع اللعب، و التواجد على مقربة من بعضهم البعض في مساحة صغيرة، مع ترك المناورة الهجومية لرأس الحربة بونجاح، بينما تكفل تايدر و مسلوب بالإسترجاع، و هو الثنائي الذي أعطى توازنا نسبيا للقاطرة الخلفية، مقارنة بالهفوات المرتكبة في لقاء الجمعة الماضي ضد غينيا.
و لئن كانت العناصر الوطنية قد تحكمت في مجريات اللعب في الدقائق الأولى فإن المنافس كان حاضرا بقوة، بإنتشاره الجيد فوق أرضية الميدان، مع فرض رقابة لصيقة على براهيمي، فغولي، و محرز، بالمراهنة على كتلة واحدة في منطقة الوسط، و هي الإستراتيجية التي إمتصت إندفاع «الخضر» صوب الهجوم، و أفقدت التشكيلة روح المجموعة، في غياب التركيز و نقص الإنضباط التكتيكي، لأن اللجوء إلى الحلول الفردية لم يكن كافيا لتشكيل أي خطر على المنافس.
إلى ذلك فإن المدرب السنغالي أليو سيسي أظهر من خلال طريقة اللعب التي إنتهجها دراسته الجيدة للمنتخب الجزائري، لأنه فضل التجمع في الوسط، و تكليف الثنائي كوليبالي و كارامبوجي بالتغطية الدفاعية، مما أبقى المهاجم بونجاح معزولا، في حين كان بناء العمل الهجومي للسنغاليين بالإعتماد على تمريرات قصيرة، مع التركيز على الرواقين الأيمن و الأيسر، أين يتواجد زيتي و بدبودة، و هي الطريقة التي كادت على إثرها «أسود تيرانغا» أن تفتح باب التسجيل في الدقيقة 9، لما إستغل سايدو ماندي سوء تمركز زيتي ليتوغل، و يقدم كرة على طبق لزميله ديافورا ساخو الذي أهدر فرصة ثمينة لهز الشباك.
و مع مرور الدقائق حاول المنتخب الوطني إثبات وجوده فوق المستطيل الخضر، بالإعتماد على تمريرات قصيرة لصنع اللعب، لكن الخطة المنتهجة من المنافس وضعت براهيمي و رفاقه أمام إمتحان جاد، لأن الإنتشار الجيد للسنغاليين أفقد التشكيلة الوطنية معالمها، مما فجر غضبا جماهيريا في المدرجات على المردود المقدم، لتكون الفرصة الوحيدة التي أتيحت للنخبة الجزائرية في الشوط الأول، تلك التي ضيعها فغولي في الدقيقة 36، حيث سقط لحظة تأهبه للقذف، بعد تلقيه تمريرة ميليمترية من براهيمي.
من الجهة المقابلة فقد كاد منتخب السنغال أن يفتتح مجال التهديف بحلول الدقيقة 40، عندما إنفرد شيخو كوياتي بالحارس دوخة، بعد تخلصه من المراقبة، إلا أن براعة هذا الأخير مكنته من إنقاذ مرماه من هدف محقق.
في بداية المرحلة الثانية قام غوركوف بتغيير إضطراري، بإقحام تاهرات بديلا لبلقروي الذي أحس بآلام خفيفة، من دون أن تتغير «فيزيونومية» اللقاء، لأن المنتخب الوطني لم يتمكن من فرض إيقاع لعبه، فأصبحت الحلول الفردية من براهيمي، محرز و فغولي الخيار الحتمي لمواجهة المنافس، الذي كان أكثر حضورا، بطريقة لعب جماعية، و الإحتفاظ بالكرة أطول فترة ممكنة، مع بناء الحملات الهجومية على الجهة اليسرى، من دون تشكيل خطورة كبيرة على مرمى دوخة.
هذا و قد حاول غوركوف إعطاء توازن أكثر للتشكيلة الوطنية بإقحام بن رحمة في أول ظهور له مع المنتخب، و كذا سوداني بحثا عن تفعيل القاطرة الأمامية، الأمر الذي نتج عنه تحسن طفيف في الآداء، و قد كان بإستطاعة سوداني افتتاح باب التسجيل في مناسبتين، في الوقت الذي أنقذ فيه الحارس دوخة مرماه من هدف محقق بعد تصديه لصاروخية من سايدو ماندي، لكن و مع حلول الدقيقة 80 نجح «الخضر» في هز الشباك بهدف أمضاه براهيمي بقذفة قوية من داخل منطقة العمليات، بعد تلقيه تمريرة ذكية من مسلوب، و هو الهدف الذي إمتصت به العناصر الوطنية غضب الجماهير، لأن هذا الفوز لم يكن مقنعا، على إعتبار أن المنتخب يبقى بعيدا عن مستواه المعهود.
ص / فرطـــاس