حققت منطقتان فلاحيتان بالمرموثية وجارش في بلديتي نقرين وفركان، جنوب ولاية تبسة، خلال الموسم الفلاحي الجاري، قفزة نوعية في مجال إنتاج محاصيل الحبوب، ما رشحهما، حسب المختصين، لأن تكونا سلة غذاء لسكان الولاية بل وحتى للبلاد، حيث ارتفعت المساحات المزروعة إلى الضعف، بفضل المردود الهائل الذي تم تحقيقه وكذا المرافقة التقنية لإطارات قطاع الفلاحة، الذين أخذوا على عاتقهم الانتقال إلى الجنوب قصد التأطير والإرشاد، للتكفل الحقيقي والكافي بآلاف الهكتارات من الأراضي، التي أثبتت جدواها بتحقيق أرقام قياسية في إنتاج الحبوب، وصلت إلى 60 قنطارا في الهكتار الواحد.
روبورتاج: عبد العزيز نصيب
توقع إنتاج 450 ألف قنطارمن الحبوب
وذكر مدير المصالح الفلاحية للنصر، أنه ومنذ مطلع شهر أفريل المنصرم، تم تجميع الكمية المذكورة من القمح الصلب واللين والشعير، ببلديتي نقرين وفركان، اللتان عرفتا انطلاقا مبكرا لعملية جني المحصول، مبرزا أنه تم تخصيص عدة نقاط للتجميع بالتنسيق مع تعاونية الحبوب والبقول الجافة وانتهت العملية في ظروف جد حسنة، وسط تجاوب وإقبال كبيرين من قبل الفلاحين، فيما شرع مع نهاية شهر جوان الجاري، في جني المحصول بشمال الولاية.
وأشار المسؤول التنفيذي، إلى أن مصالحه سجلت ارتفاعا في الإنتاج مقارنة بالسنة الماضية، تجاوز 450ألف قنطار، على مساحة مسقية وقابلة للحصاد، تقدر بـ 37 ألف هكتار، مقارنة بالموسم الفلاحي الماضي، حينما تم إنتاج 300 ألف قنطار من مختلف أنواع الحبوب وقد تم تسخير 14 نقطة تجميع تابعة لتعاونية الحبوب والبقول الجافة، موزعة عبر عدد من بلديات الولاية، بطاقة استيعاب تفوق 900 ألف قنطار، إضافة إلى نقطة أخرى بمطاحن العوينات، تقدر طاقة استيعابها بـ 1.25 مليون قنطار.
إلزام توجيه المحصول للتعاونيات ونتائج مدهشة في الجنوب
ولضمان نقل مختلف المحاصيل الزراعية في ظروف ملائمة، تم التنسيق بين المصالح الفلاحية بالولاية والاتحاد الجهوي لتعاونيات النقل وفي ذات السياق، أمر الوالي في اجتماع انعقد للغرض وضمن مداخلاته التوجيهية، بالحرص على تهيئة كافة الظروف وتوفير جميع الوسائل لإنجاح العملية، موصيا بتحسيس الفلاحين بضرورة توجيه إنتاجهم من محصول القمح اللين والصلب والشعير لتعاونيات الحبوب والبقول الجافة، التابعة للديوان الوطني للحبوب، لتأمين منتوج معتبر من هذه المادة الحيوية وتحقيق مستهدفات الاكتفاء الذاتي المأمول، مع العمل على تتبع مسار الزراعات الاستراتيجية.
كما أوضح رئيس غرفة الفلاحة بتبسة، سلطاني مصطف، للنصر، أن هذه المنطقة وقبل أن تستغل في زراعة القمح، لم يكن أحد من الناس يتصور أنها ستعطي كل هذا الإنتاج الوفير الذي أدهش الفلاحين أولا والذين لم يتوقعوا تحقيق هذه الأرقام القياسية واعتبرها حقيقة مدهشة كما علق بإعجاب ومضى يقول إنه في الوقت الذي يحلم به فلاحو المنطقة التلية والهضاب بتحقيق معدل يتجاوز قليلا المعدل الوطني الذي يدور حول 13 قنطارا في الهكتار، تحطم المنطقة الصحراوية جنوب تبسة، كل الأرقام القياسية في تاريخ الجزائر، مضيفا أن هذا الوضع شجع المصالح الفلاحية بالولاية على المضي في طريق توسيع المساحات المستصلحة المسقية، فأدرجت مشروعا لاستصلاح آلاف الهكتارات ويمكن تصور النتائج التي ستحققها شعبة إنتاج الحبوب بتبسة في حالة تحقيق هذا المشروع، مع المحافظة على معدلات الإنتاج الحالية وهو أمر في متناول الفلاحين والشباب الذين تعتزم مديرية الفلاحة توزيع تلك الأراضي عليهم، لأن عوامل النجاح كما قال ذات المتحدث، متوفرة، والأدلة قدمها الفلاحون الحاليون، فالأرض معطاءة ولم يبق سوى توفير عاملين اثنين وهما مياه السقي بالاعتماد على المخزونات الباطنية العميقة و مد شبكة الكهرباء الفلاحية بالقوة الكافية لما تبقى من الآبار وهو ما تعمل السلطات العمومية على تجسيده قريبا.
في حين أرجع مختصون، الوصول إلى تحقيق معدلات مردودية مرتفعة بمناطق الاستصلاح بجنوب الولاية، إلى ممارسة العمل باحترافية، من خلال احترام المسار التقني الفلاحي في جميع مراحله، وفق الطرقات العلمية التي حرصت مديرية القطاع والغرفة الفلاحية على بثها في أوساط الفلاحين، الذين اقتنعوا بجدوى العمل وفق الطرق العصرية، بعدما لاحظوا النتائج الباهرة عندما يطبقون كل العمليات المطلوبة، لاسيما تحضير التربة و الحرث العميق و التسميد و محاربة الأعشاب الضارة و المعالجة السريعة لنبات الحبوب أثناء نموها عند ملاحظة تعرضها لأي مرض، فضلا عن وفرة المياه المستخرجة من آبار عميقة على ضمان السقي بانتظام، بحكم أن المنطقة جافة ولا يمكن أن تعتمد على مياه الأمطار، ناهيك عن التخلص من استعمال الطريقة التقليدية في عملية السقي والانتقال إلى الرش المحوري الذي مكّن من اقتصاد الماء وإعطاء النبات ما يلزمه من هذا العنصر بدقة.
فلاح يحقق مردودا بين 40 و60 قنطارا في الهكتار
وفي تصريح للنصر، قال الفلاح «ق ــ الطاهر»، بأن هذه المنطقة استطاعت تحطيم أرقام قياسية في إنتاج الحبوب المختلفة وهو ما شجعه على المضي في طريق توسيع المساحات المستصلحة المسقية، لتحقيق أفضل النتائج، حيث بلغت المساحة التي زرعها 150 هكتارا، حققت إنتاجا قدر بـ 5 آلاف قنطار من القمح والأعلاف، مفيدا بأن مردود الهكتار الواحد من القمح تراوح بين 40 و 60 قنطارا وأرجع سبب هذه النتائج الباهرة، إلى وفرة المياه الجوفية، حيث يعتمد على ما تضخه 10 آبار من المياه، زيادة على استفادته بالكهرباء الفلاحية، التي ساهمت بشكل كبير في زيادة الإنتاج مقارنة بالسنوات الماضية، فضلا عن مساعدات الدولة التي تشجع الفلاحين على زراعة الحبوب ويتجلى ذلك في توفير وسائل النقل وتوفير الأسمدة لمعالجة البذور من الأعشاب الضارة وتكثيف البذور، في انتظار تهيئة بعض المسالك الريفية.
وأشار محدثنا، إلى أن الوصول إلى تحقيق مثل هذه النتائج الباهرة، لم يأت من فراغ وإنما سببه إنجاز كل عمليات المسار التقني بعناية، انطلاقا من تحليل التربة، ما ساعده على معرفة الكميات التي تحتاجها أرضه بدقة من الأسمدة والأدوية، فضلا عن اختياره صنفا مناسبا من البذور الجيدة وكذا وفرة المياه المستخرجة وضمان السقي بانتظام، لأن المنطقة جافة ولا يمكن أن تعتمد على مياه الأمطار وثمن المتحدث دعم الدولة له وللفلاحين واعتبره العامل الأول الذي مكنه من تحقيق النتائج التي جعلته مرتاحا لمواصلة نشاطه الفلاحي، منوها بالعلاقة الجيدة التي تربطه بالسلطات الولائية ويمكن تصور النتائج التي سيحققها هذا المستثمر، لأن عوامل النجاح، كما قال، متوفرة وهو يطمح في مواصلة نشاطه الفلاحي، بعد تحقيق أفضل النتائج، بالموازاة مع توفر مياه السقي بالاعتماد على المخزونات الباطنية العميقة وشبكة الكهرباء الفلاحية بالقوة الكافية للآبار.
ربط 604 مستثمرات بالكهرباء
وتعد ولاية تبسة، واحدة من الولايات التي شهدت ارتفاعا ملحوظا في معدلات التغطية بالكهرباء خلال السنوات الأخيرة، فقد شهدت زيادة كبيرة في الاستثمارات الموجهة نحو قطاع الكهرباء، سواء من خلال بناء محطات توليد جديدة أو تحديث وتطوير البنية التحتية الكهربائية القائمة.
وتطبيقا لتعليمات السلطات وتوجيهات الرئيس المدير العام لمجمع سونلغاز، تواصل سونلغاز التوزيع تبسة، مجهوداتها في ما يخص ربط المستثمرات الفلاحية بالطاقة الكهربائية، حيث تم ربط 604 مستثمرات فلاحية بالكهرباء في عدة مناطق من ولاية تبسة، بغلاف مالي قدر بـ 360 مليار سنتيم وخاصة في المناطق التي تعتبر أقطابا فلاحية بامتياز وتحتوي على أراض فلاحية حيوية شاسعة، بطول شبكة تقدر بـ26،354 كلم، حيث استفاد مستغلو هذه المستثمرات في إطار برنامج وزارة الفلاحة «مادر» والقاضي بربط جل المستثمرات بشبكة الكهرباء، دون إجراءات الدفع المسبق لمستحقات الربط وفي إطار الاتفاقية المبرمة مع مديرية المصالح الفلاحية، تم القيام بالدراسة لفائدة 1923 مستثمرة فلاحية وتحويل الكشوف الكمية والتقديرية لمديرية المصالح الفلاحية للموافقة والانطلاق مباشرة في الأشغال وقد استفادت 205 مستثمرات في بلدية نقرين بالربط بالكهرباء، باعتبارها من البلديات المعروفة بإنتاجها الوفير للحبوب ويهدف هذا المشروع لإنهاء معاناة الفلاحين وتمكينهم من مزاولة نشاطهم الفلاحي بكل أريحية والمساهمة في إنعاش الاقتصاد الوطني، فتوفير الكهرباء يسهم في تحسين ظروف الفلاحة، ما يزيد من إنتاجية الأراضي الزراعية ويمكن استخدام الكهرباء في تشغيل معدات الري وأنظمة التبريد والإضاءة الاصطناعية في البيوت الزراعية، ما يساعد على زيادة كفاءة الإنتاج وجودة المحاصيل.
ع.ع.ن