تسعى الجزائر إلى تنظيم التجارة الخارجية، من خلال عدة تدابير أقرها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، لتطهير النشاط من المتحايلين والغشاشين، ومواجهة محاولات ضرب الإنتاج المحلي وإرباك السوق من خلال ممارسات تهدف إلى خلق الندرة ورفع الأسعار، وهي الممارسات التي أمر الرئيس بمواجهتها والتصدي لها وكسر شوكة بارونات الاستيراد الذين يعملون
ضمن أجندات تهدف لاستنزاف أموال الخزينة العمومية.
حذّر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون, خلال اجتماع مجلس الوزراء، المنعقد الأحد، من اختلاق الندرة في الأسواق، حيث شدد مرة أخرى على الحكومة، بأنه لا يسمح أبدا باختلاق الندرة مهما كانت أسبابها, آمرا بمزيد من اليقظة على مستوى وزارة التجارة لمحاربة لوبيات الاستيراد, التي تحاول ابتزاز الدولة، وذلك بسحب تراخيصهم وسجلاتهم التجارية فور إثبات تورطهم. وفي سياق متصل، دعا رئيس الجمهورية إلى «التحضير لمرسوم رئاسي ينظم التجارة الخارجية، بما فيها عمليات التصدير التي تتطلب دراسات جدوى مالية واقتصادية دقيقة للسوق الوطنية والدولية, حتى لا يتحول التصدير إلى نقمة ومصدر للندرة واختلال للسوق الوطنية».
ويتزامن إشهار رئيس الجمهورية سيف الرقابة مجددا على قطاع التجارة الخارجية وبارونات الاستيراد، مع تسجيل ظواهر متجددة للغلاء والندرة غير المبررين، والتي مست بعض المنتوجات.
واستنادا إلى إحصائيات السجل التجاري، يبلغ عدد المستوردين نحو 14 ألف مستورد، بعد ما تجاوز 45 ألف مستورد سنة 2019. حيث قامت وزارة التجارة بسحب تراخيص عديد المستوردين، وفي آخر عملية قامت بسحب مستوردين اثنين من قائمة الوزارة الخاصة بالمستوردين، نتيجة عدم احترامهما هيكلة الأسعار في عملية التسويق ما ساهم في رفع أسعار الموز في السوق الوطنية. حيث قامت الوزارة باتخاذ تدابير عقابية في إطار حفظ النظام الاقتصادي وتعزيز الشفافية والعدالة في التجارة وإرساء قواعد المنافسة الشريفة، وستواصل مراقبة السوق واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي مخالف للقوانين ويضر بمصلحة المستهلكين واستقرار الأسعار.
كما تدخلت الحكومة في عديد المناسبات لضبط أسعار المنتجات الاستهلاكية، حيث أعلنت في جويلية الماضي حزمة تدابير لمواجهة ارتفاع أسعار القهوة في الأسواق العالمية وانعكاسه على السوق المحلية، والحد من تأثيراته المحتملة على القدرة الشرائية للجزائريين. وقررت تسقيف هوامش الربح للبن عند الاستيراد والتوزيع بالجملة والتجزئة؛ ووضع رواق أخضر خاص للمستوردين من قبل مصالح الجمارك لتسهيل إجراءات استيراد هذه المادة. لضمان تزويد السوق بالمواد ذات الاستهلاك الواسع وتوفير حماية القدرة الشرائية للمواطن، ومرافقة المتعاملين الاقتصاديين الناشطين في هذا المجال.
وقبل ذلك تم اتخاذ تدابير لمواجهة الصعود المطرد لأسعار البقول الجافة في الأسواق المحلية، مع تسجيل ندرة في البقالات ومساحات البيع بالتجزئة. و آنذاك شدّد الرئيس عبد المجيد تبون، في لقاء صحفي دوري، على أنه لن يتسامح مع اللوبيات التي تتآمر على قوت الجزائريين، بغرض خلق حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي وأنه سيقف في وجه كل من يحاول التلاعب بالأسعار.
وتؤكد الحكومة بأن سياساتها في إدارة النشاط التجاري مرتبطة بمحاربة ظاهرة تضخيم الفواتير لتهريب العملة الصعبة، وهي ممارسة سببت للبلاد نزيفا ماليا كبيرا تطرق إليه الرئيس تبون في معرض انتقاده للممارسات التي انتشرت في زمن العصابة.
وترفض وزارة التجارة الحديث عن وقف الاستيراد، حيث يؤكد وزير القطاع، الطيب زيتوني، بأن الجزائر لم توقف الاستيراد، بل اعتمدت مبدأ ترشيد وارداتها بالموازاة مع التطور الذي يشهده الانتاج الوطني، حيث قال وزير التجارة وترقية الصادرات الطيب زيتوني، إن هناك بعض المنظمات الجهوية والفضاءات الأجنبية تريد الضغط على الجزائر من خلال دفعها للاستيراد واستنزاف قدراتها من العملة الصعبة.
وأوضح زيتوني خلال جلسة علنية خصصت لطرح أسئلة شفوية بمجلس الأمة، أن الهدف من الإستراتيجية الوطنية التي تعتمدها الوزارة هو «تأطير الواردات وليس تجميدها كما تدعي بعض المنظمات الجهوية والفضاءات الأجنبية للضغط على الجزائر واستنزاف قدراتها من العملة الصعبة”. وكشف الوزير أن هذه الإستراتيجية سمحت بـتحول عديد المستوردين إلى مُصنعين وكل من كان يستورد أمورا تافهة أصبحوا مصدرين نتيجة التدابير المتخذة لضبط الواردات”. وأضاف: “هناك نتائج إيجابية لتقليص فاتورة الاستيراد منها أنه عندما لا نستورد دولارا واحدا فهذا يعني أننا أنتجناه”، مؤكدا أن هذا الأمر يندرج وفق إستراتيجية اقتصادية مدروسة ومتكاملة.
ع سمير