قرّرت الحكومة مراجعة شروط وإجراءات اعتماد المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم، وتسييرها ومراقبتها، بهدف تحسين نوعية التعليم وظروف التمدرس وترقية المعايير التقنية والبيداغوجية التي يخضع لها الاستثمار الخاص في المجال التربوي وضمان التكامل مع القطاع العام عبر تكريس القانون التوجيهي للتربية الوطنية كمرجعية أساسية لنشاط هذه المؤسسات.
وأوضح بيان لمصالح الحكومة، أن الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، ترأس يوم أمس الأربعاء 2024، اجتماعًا للحكومة، خصص لمتابعة الدخول المدرسي والجامعي، ودراسة مشروع مرسوم تنفيذي يحدد شروط وإجراءات اعتماد المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم وسيرها ومراقبتها، الهادف إلى تحسين نوعية التعليم وظروف التمدرس وترقية المعايير التقنية والبيداغوجية التي يخضع لها الاستثمار الخاص في المجال التربوي وضمان التكامل مع القطاع العام عبر تكريس القانون التوجيهي للتربية الوطنية كمرجعية أساسية لنشاط هذه المؤسسات.
ويأتي مسعى الحكومة لتبني دفتر شروط جديد لاعتماد المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم وسيرها ومراقبتها، لسد الثغرات القانونية الموجودة حاليا، ضمانا لتأطير أفضل لهذه المؤسسات التعليمية، باعتبار أن التعليمين الخاص و العمومي متكاملان ويخضعان للمعايير والبرنامج نفسها و يشتركان في نفس الأهداف المتمثلة في ضمان تعليم أفضل للمتمدرسين، وهو المسعى الذي يندرج ضمن الجهود التي تبذلها الدولة منذ عدة سنوات بهدف تحسين مستوى التعليم.
ونظرا لوجود طلب متزايد على خدمات المدارس الخاصة، موازاة مع تسجيل ‘’ فوضى ‘’ في نشاط بعض هذه المدارس، فقد سبق وأن شدد وزير التربية الوطنية، السيد عبد الحكيم بلعابد في أكثر من مناسبة، على ضرورة امتثال مؤسسات التربية والتعليم الخاصة للتشريع المعمول به في المجال، في إشارة إلى القانون التوجيهي للتربية الوطنية الذي ينبغي اعتماده كمرجعية أساسية لنشاط هذه المؤسسات.
ولعل الهدف من دفتر الشروط الجديد الذي سبق وأن أعدته وزارة التربية الوطنية وتتوجه الحكومة لاعتماده في إطار مرسوم تنفيذي، يهدف لأن لا تبقى هذه المؤسسات التربوية معزولة عما يجري بالمدارس العمومية، وذلك من خلال جعلها على الدوام تحت عين رقابة الدولة والمفتشين العموميين المكلفين بذلك.
وإذا كانت المدارس الخاصة في الجزائر تستند في نشاطها على دفتر الشروط الصادر عام 2004، فإن خبراء وملاحظين يرون بأن هذا الدفتر أصبح غير صالح للتطبيق اليوم، بالنظر إلى المتغيرات التي عرفها المجتمع والمدرسة ككل، إضافة إلى أن القانون حمل في طياته منذ البداية ثغرات لم تعالج حتى الآن، رغم التعديلات التي أدخلت عليه عام 2020 خلال فترة جائحة كورنا جراء الوضع الذي حدث بسبب امتناع إدارات بعض المدارس عن تسليم كشوف النقاط لرفض الأولياء دفع كافة التكاليف والتي من بينها مستحقات الفصل الثالث رغم إنهاء الموسم الدراسي في الفصل الثاني من قبل الوزارة بسبب إجراءات الحجر الصحي المتخذة.
ومعلوم أن العقد النموذجي الموقع بين وزارتي التربية الوطنية والتجارة عام 2020، تضمن جملة من الشروط المحددة لكيفيات تمدرس التلاميذ في المؤسسات التربوية الخاصة، والتي جاءت في 25 مادة تبين حقوق وواجبات كل طرف.
وينص هذا العقد على إعفاء ولي التلميذ من دفع ‘’ من الآن فصاعدا المصاريف المستحقة للتمدرس ويسقط عن المؤسسة الخاصة الالتزام بتدريس التلميذ في حالة «القوة القاهرة».
و يقصد بمصطلح «القوة القاهرة» في هذا العقد على وجه الخصوص الكوارث الطبيعية، الحرائق والفيضانات التي تصيب كل أو جزء من هياكل المؤسسة الخاصة، الأمراض المعدية، الحروب، الاحتجاجات أو الإضرابات، تدابير الهيئات العمومية والقيود القانونية، تحويل التلميذ خلال السنة الدراسية إلى مؤسسة أخرى عمومية أو خاصة، أو توقيف نشاط المؤسسة الخاصة أثناء السنة الدراسية.
ويعتقد متابعون للشأن التربوي أن السبب الرئيس لحرص وزارة التربية على تعديل دفتر شروط عمل المدارس الخاصة، الذي تتوجه الحكومة لاعتماده ضمن نص مشروع المرسوم التنفيذي الجديد، يرمي إلى وضع حد للتجاوزات التي تحدث بشأن تطبيق مناهج أجنبية في بعض هذه المدارس، والذي جرت بشأنه عملية تفتيش واسعة في وقت سابق.
ومعلوم أن المادة الخامسة من دفتر الشروط المعدل الصادر في 2020 ، تلزم المدارس الخاصة بـ «التعليم باللغة العربية في جميع المستويات التعليمية، وتطبيق البرامج التعليمية الرسمية لوزارة التربية الوطنية، واحترام الحجم الساعي، والتقيد بنفس شروط توظيف المستخدمين التربويين والإداريين المعمول بها»، إلا أن عديد المؤسسات الخاصة – حسب ما هو متداول- تخرق هذا الشرط وتدرس المنهاج الفرنسي خفية، وبطلب بعض الأولياء أحيانا، بالنظر إلى أن ذلك يسمح لأبنائهم بدخول امتحان البكالوريا الفرنسي عند بلوغ السنة الثالثة ثانوي، والنجاح فيه يسهل بعدها إكمال الدراسة خارج البلاد في الجامعات الفرنسية.
ومن شأن دفتر الشروط الجديد الذي جاء لكي يدعم الإجراءات التي جاء بها دفتر الشروط المعدل لسنة 2020، أن يضع حدا لتغوّل بعض المدارس الخاصّة سيما استمرارها في خرقها للغة التعليم.
عبد الحكيم أسابع