كشف وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب أمس، أن الجزائر تخطط لاستثمارات كبيرة في قطاع الطاقة خلال الفترة الممتدة ما بين 2024 - 2028، ويشمل البرنامج مشاريع تعزيز طاقات الإنتاج وتحويل المحروقات، ما يتطلب دعما تكنولوجيا وفنيا وفقا لمختلف الشراكات والصيغ التعاقدية التي تضمنها قانون المحروقات الذي يسمح بإمتيازات وتحفيزات هامة لاستقطاب المتعاملين الدوليين للاستثمار في قطاع الطاقة ببلادنا.
وأوضح وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب أمس في كلمته الافتتاحية للطبعة 12 لمعرض ومؤتمر إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط للطاقة والهيدروجين «ناباك 2024» ، أن الجزائر تحضر لتنظيم ندوة دولية حول الهيدروجين الأخضر شهر أفريل 2025 والتي ستكون فرصة لعرض آخر التطورات التكنولوجية والاقتصادية في مجال الهيدروجين على المستوى الإقليمي والدولي، وأن هذه الندوة تأتي في وقت شرعت بلادنا في تنفيذ البرنامج الوطني للطاقات المتجددة، الذي تصل قدرته الإجمالية إلى 000 15 ميغاواط من الطاقة الكهروضوئية بحلول عام 2035، و تم الانطلاق في انجاز 3200 ميغاواط كمرحلة أولى من طرف سونلغاز.
و أبرز الوزير أن المشروع المدمج «ميدلينك» والمتمثل في انجاز حوالي 5000 ميغاواط من الطاقة المتجددة مع شبكة نقل عبر خط بحري بقدرة 2000 ميغاواط توتر عالي مستمر و الذي يربط الجزائر بإيطاليا، سيلعب دورًا كبيرا في تسريع التحول في مجال الطاقة النظيفة مع دعم التنمية المحلية والإقليمية، كما أن خط أنابيب الغاز عبر الصحراء الذي يربط نيجيريا بأوروبا عبر الجزائر والنيجر، هو أيضا من المشاريع الاستراتيجية الهامة لما له من أثار اجتماعية واقتصادية لدول العبور و سيسمح بتحسين أمن الطاقة بين الشمال والجنوب، ويشهد هذا المشروع تقدما بارزا في الأشغال وسوف يتم إنجازه في الوقت المحدد، مثلما أكد عرقاب.
و أضاف عرقاب أن الجزائر تهدف لأن تصبح مركزًا رئيسيًا للطاقة على المستوى الإقليمي ومحورا لتبادل الطاقة بفضل العديد من المشاريع العملاقة الطموحة، منها المشروع الضخم لربط شبكة كهرباء الجنوب الكبير بالشبكة الشمالية للوطن باستثمار يتجاوز 3 مليار دولار، وستعمل هذه الشبكة على تعزيز إمدادات الكهرباء المحلية وفتح آفاق التصدير إلى أوروبا، مع إنشاء طرق جديدة لتزويد البلدان المجاورة والمرور إلى أعماق إفريقيا، وقد انخرطت الجزائر وبشكل كامل في الديناميكية العالمية لمكافحة تغير المناخ والحد من البصمة ، يؤكد الوزير، و ذلك من خلال تقديم حلول ملموسة، و هذا وفقا لالتزاماتها في إطار اتفاق باريس و أجندة الأمم المتحدة 2030، و تم بذل الجهود للحد من انبعاثاتها واعتماد نهج استباقي لتحقيق ذلك، وفق ما أكده عرقاب.
كما أفاد الوزير أنه يتم اليوم العمل على وضع قاعدة بيانات الانبعاثات الصادرة عن المنشآت المختلفة في صناعة النفط والغاز بهدف الحد من الأحجام والكميات المنبعثة، حيث تلتزم سوناطراك بخفض الحجم الإجمالي للغاز المحترق إلى أقل من 1 بالمئة بحلول عام 2030، و انضمت الشركة إلى مبادرات مثل مبادرة التخلص من الحرق الروتيني بحلول عام 2030 « لبلوغ صفر غاز الميثان»
وبلغ إستثمار سوناطراك 1 مليار دولار في مشروع تشجير مساحة 520 ألف هكتار على مدى 10 سنوات، حسب ما أكده الوزير، الذي اعتبر أن معرض مؤتمر «ناباك» هو أكبر منصة احترافية للخبراء والمختصين في افريقيا وحوض المتوسط في الطاقة والهيدروجين، وأيضا منصة للمستثمرين حيث يسمح لهم بعرض أحدث التقنيات والمنتجات وبناء علاقات من شأنها الوصول لشراكات ناجحة وناجعة بين مختلف الفاعلين.
و أشار الوزير، إلى سعي الجزائر من خلال السياسة التنموية لقطاع الطاقة والمناجم وفي ظل التحولات التي يشهدها العالم في هذا القطاع، للتكيف مع هذا السياق الدولي من جهة والاستجابة للطلب الوطني المتزايد من جهة أخرى، مع المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد عبر تمويل الاقتصاد الوطني من خلال الحفاظ على مستويات مقبولة من عائدات المحروقات و ترتكز هذه المساعي على سياسة تهدف للمضي نحو تحقيق انتقال طاقوي بشكل تدريجي ومسؤول، عبر اعتماد مزيج طاقوي أكثر تنوعًا يأخذ بعين الاعتبار كل الطاقات المتاحة والأكثر نظافة كالهيدروجين الأخضر، مع الاستفادة من المكاسب الناتجة عن تحسين كفاءة الطاقة والعمل على التحكم في استهلاكها من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
كما أفاد أن الشروع في انتهاج سياسة الانتقال الطاقوي، لا يعني التخلي عن الوقود الأحفوري خاصة الغاز الطبيعي، الذي هو بمثابة الوقود الذي يسمح بمواكبة الانتقال الطاقوي العالمي، ومورد أساسي للتنمية الشاملة والمستدامة في العالم، مشيرا أن الجزائر تتمتع بميزات هامة تؤهلها لأن تصبح رائدا إقليميا رئيسيا في مجال الطاقات النظيفة وخاصة الهيدروجين، ولا سيما بفضل إمكاناتها في مجال الطاقة الشمسية وشبكة نقل واسعة للكهرباء والغاز و قدرات كبيرة من وحدات تحلية مياه البحر بالإضافة لتوفرها على الأتربة والمعادن النادرة.
بن ودان خيرة