الأحد 5 جانفي 2025 الموافق لـ 5 رجب 1446
Accueil Top Pub

منتجات حرفية محلية تلقى رواجا كبيراّ: الثقافة الغذائية تفتح آفاقا جديدة لصناعة الأجبان الطبيعية


شهدت ولاية قسنطينة في السنتين الأخيرتين، ظهور العديد من الورشات المتخصصة في صناعة الأجبان الطبيعية، سواء التقليدية والمحلية أو العصرية الحديثة، وذلك في إطار استجابة الحرفيين الشباب والشابات لتغيّر عادات المستهلكين الغذائية، والذين صاروا بحسب مختصين في المجال، يدركون الفرق الكبير بين المنتجات الطبيعية أو الأجبان الحقيقية، والتحضيرات الجبنية الصناعية التي تملأ الأسواق، والتي لا تختلف كثيرا من حيث السعر عن منتج حرفي صحي وكامل.

عرفت الولاية في ذات الوقت، تضاعف عدد الدورات التكوينية المتخصصة التي تشرف عليها غرفة الصناعة التقليدية والحرف، بهدف تطوير مهارات الشباب والشابات في هذا المجال الواعد، مع التركيز على تعزيز التراث الغذائي المحلي ومواكبة التحوّلات في أذواق المستهلكين.
غرف الصناعات التقليدية تقود قاطرة صناعة الأجبان الجزائرية
أكد محمد الأمين بن مبارك، المكلف بالتنشيط الاقتصادي والتعاون القطاعي والإعلامي على مستوى غرفة الصناعة التقليدية والحرف بقسنطينة، أن الغرفة تسعى جاهدة لتقديم تكوينات مميزة في مختلف النشاطات التقليدية، مثل تقطير الورد، والنحاس، وغيرها من الحرف التي تتميز بها الولاية.
وبناء على الطلب المتزايد، تم إدراج نشاطات جديدة موجهة للشباب، أبرزها دورات تكوينية متخصصة مثل ورشات صناعة الأجبان ومشتقاتها، والتي لم تكن بحسبه، تنظم سابقا إلا في مناطق محددة من الوطن.وأشار بن مبارك، إلى أن أول دورة تكوينية في هذا المجال، كانت من تأطير الأستاذ رمضان مدراوي سنة 2021، وقد حققت إقبالا واسعا ونتائج إيجابية للغاية. وأوضح المتحدث، أن هذه الدورة تأتي في إطار استراتيجية الوزارة الوصية لترقية التكوينات وتطويرها، بما في ذلك إنشاء مدارس خاصة معتمدة، حيث عملت الغرفة على تقديم الدعم اللازم للمشرفين على الدورات من خلال توفير المواد الأولية، خاصة مادة الحليب، لتلبية احتياجات المتربصين في الورشات التدريبية.وأضاف المتحدث، أن الدورة التدريبية الخاصة بصناعة الأجبان تقدم داخل ورشة التكوين بمقر غرفة الحرف بقسنطينة، تحت إشراف أساتذة متخصصين، من بينهم الأستاذ مدراوي، وهو خبير في المجال من ولاية تيزي وزو.
دورة تطبيقية ونظرية
وأكد بن مبارك، أن البرنامج التدريبي يتميز بالجمع بين الجانبين النظري والتطبيقي، مما يضمن حصول المتربصين على المادة العلمية اللازمة بشكل شامل، حيث تنقسم الدورة بحسبه إلى مرحلتين المرحلة الأولى تدوم 3 أيام،يتم خلالها التعرف على خصائص الحليب ومكوناته الفيزيولوجية والميكروبيولوجية، إلى جانب دراسة تأثير نوع العلف الذي تتغذى عليه الأبقار على جودة الحليب، ومدى صلاحيته كمادة أولية لصناعة الأجبان .
أما المرحلة الثانية والتي تدوم 4 أيام، فتكون مخصصة لتقديم دروس تطبيقية عن كيفية صناعة أنواع مختلفة من الأجبان، مع التركيز على خصائص كل نوع وطريقة تحضيره، كما تتضمن الدورة ورشة عمل عملية لصناعة جبن «الكومومبار».
وأكد بن مبارك، أن الدورة لا تقتصر على الجانب التطبيقي فقط، بل تتطرق أيضا إلى أنواع أجبان أخرى نظريا، حيث يوضح الأستاذ المكون المقادير وطريقة التحضير، كما يتم التركيز على المزج بين الأجبان التقليدية المحلية والحديثة، بهدف الحفاظ على التراث المحلي وتطوير منتجات تنافسية رائجة.
نتائج مشجّعة ودعم مستمر للشباب
وأشار المتحدث، إلى أن النتائج التي حققتها هذه الدورات كانت مشجعة للغاية، سواء من حيث التكوين أو متابعة المتربصين بعد انتهاء الدورة، فالعديد من المتدربين تمكنوا من إطلاق مشاريع ناجحة في مجال صناعة الأجبان، بما في ذلك فتح ملبنات.
وأكد، أن الغرفة ستكثف من هذه الدورات مستقبلا، مع التركيز على الشباب، نظرا للفرص الواعدة التي يوفرها هذا المجال، مشددا على أهمية الاستعانة بخبراء أكفاء لتقديم تكوينات ذات جودة عالية ومصداقية، وحذر المتحدث، من الدورات غير المعتمدة التي تقدمها بعض الأكاديميات والجمعيات غير المتخصصة، والتي تفتقر للمادة العلمية والتطبيقية اللازمة لتأهيل الشباب بالشكل المناسب.
وعليه، تسعى غرفة الصناعة التقليدية والحرف بقسنطينة من خلال هذه المبادرات إلى توفير بيئة تدريبية احترافية للشباب، بما يمكنهم من اكتساب مهارات عملية تساهم في ترقية القطاع الحرفي وتعزيز الاقتصاد المحلي.
ثقافة استهلاك الأجبان تغيّرت في السنوات الأخيرة
وسيم كرامين، شاب من ولاية زيزي وزو، متخصص في الميكروبيولوجيا، أطلق مؤخرا بعلي منجلي بقسنطينة، مشروعا لصناعة الأجبان الطبيعية، وذلك التعاون مع شابة بيطرية من المدينة، وهو مشروع ناجح جدا كما علق صاحبه، مؤكدا أن قسنطينة تتوفر على قلة قليلة من الحرفيين الذين يصنعون الأجبان الطبيعية بالمعايير العالمية لذلك قرر الاستثمار فيها كي يقدم إضافة للسوق المحلية.
وأوضح المتحدث، أن ثقافة استهلاك الأجبان بدأت تتغير تدريجيا في السنوات الأخيرة، حيث أصبح المستهلك يفرق بين المنتجات الغذائية المحضرة والأجبان الطبيعية.
وأضاف الحرفي، أن غالبية الأجبان الموجودة في السوق المحلية تحتوي فقط على 10 % من الجبن الطبيعي، في حين تتكون النسبة المتبقية من خليط من مسحوق الجبن، والماء، والزيت النباتي، ونشاء الذرة.
وأكد، أن هذا التحدي كان دافعا له للاستثمار في قسنطينة، خاصة مع غياب محلات متخصصة في بيع الأجبان الطبيعية، وأشار إلى أن ما يتوفر في المراكز التجارية هي في الغالب منتجات مستوردة مثل الغرويير، والشيدر، والموزاريلا.
منتجات متنوّعة وإقبال واسع
وأوضح كرامين، أنه افتتح محلا يقدم مختلف أنواع الأجبان الطبيعية الشهيرة مثل الرومانو بارمانو، والقودا، و الروج، إضافة إلى الأجبان التقليدية المصنوعة محلياً في الجزائر، كما يقدم أيضا أجبانا مصممة خصيصا حسب طلب الزبائن، حيث يمكن إضافة مكونات مثل التوابل أو الثوم مع الحفاظ على الذوق الطبيعي للجبن. وأكد، أنه الوحيد في الجزائر الذي يقوم بصناعة الجبن الأزرق، وهو منتج يتطلب تقنيات دقيقة في التصنيع. وإلى جانب الأجبان، يدعم محدثنا، أصحاب الحرف الصغيرة من خلال عرض منتجاتهم في محله، مثل العسل، والهريسة، والسمن، وغيرها من المنتجات المحلية ذات الجودة العالية.وتحدث الحرفي، عن بعض أسرار صناعة الأنواع الثلاثة الرئيسية لعائلات الأجبان، بداية الأجبان الطازجة، مثل الجبن الأبيض، والذي يتطلب نجاحه سحب
10 % فقط من الماء، أما الأجبان ذات العجينة اللينة، مثل الكمومبار، فتستوجب سحب 40 % من الماء، مقابل سحب 60 % من الماء من الأجبان الصلبة، مثل الغرويير والشيدر.
وأضاف المتحدث، أن تصنيع الأجبان يعتمد على جودة الحليب، التي تعد العامل الأساسي في نجاح المنتج، إذ يتطلب الحليب مستوى عاليا من البروتينات والمادة الدسمة، إضافة إلى ضرورة خلوه من أي ملوثات ميكروبيولوجية.
تثقيف المستهلكين وتعزيز الثقافة الغذائية
وأوضح، أن عمله لا يقتصر على بيع الأجبان فحسب، بل يشمل أيضا تثقيف الزبائن حول أنواع الأجبان المختلفة وعائلاتها، بهدف تعزيز الوعي الغذائي لدى المستهلكين.
وأشار، إلى أن الأنواع الأكثر طلبا في السوق هي الأجبان الطازجة، مثل الكمومبار، والقفص البوسعادي، والميكمارية من غرداية، إلى جانب أجبان أخرى يطلبها الزبائن لتجربتها.
وأشار في معرض حديثه، إلى التحديات التي واجهته في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بتوفير الحليب الملائم لصناعة الأجبان، إذ يتطلب ذلك اختبارات دقيقة لتحديد محتواه من البروتينات والمادة الدسمة، وضمان خلوه من أي شوائب ميكروبيولوجية. وأكد الحرفي، أنه يسعى لتطوير الصناعة المحلية والحفاظ على التراث الغذائي، مع فتح آفاق جديدة لتلبية احتياجات السوق وتحقيق التميز في مجال صناعة الأجبان.
لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com