دعا الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصاد، مساء أول أمس من تيميمون، إلى إعداد مخطط وطني خاص بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في الأطوار التعليمية الثلاثة للوصول إلى تغطية ما لا يقل عن 36 ألف مؤسسة تربوية، عبر 58 ولاية في آفاق سنة 2038، مؤكدا أن الجزائر تحوز على تجربة رائدة في تدريس هذه اللغة الوطنية.
وأوضح السيد عصاد خلال تنشيطه ندوة صحفية بمقر المجلس الشعبي الولائي عقب تنظيم فعاليات الاستعراض الكبير الذي احتضنته تيميمون في إطار الاحتفالات الوطنية الرسمية برأس السنة الأمازيغية الجديدة (2975) وجائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة الأمازيغية ، أن تحقيق انتشار تدريس اللغة الأمازيغية، وفق المخطط الذي سبق وأن أعدته هيئته، الخاص بتدريس وتعلم الأمازيغية إلى آفاق 2038، يجب أن يتم ضمن مخطط وطني واضح من طرف قطاع التربية الوطنية.
وقال المتحدث بأن المحافظة السامية للأمازيغية ترافع من أجل مراجعة بعض مواد القانون التوجيهي للتربية رقم 08/04 المؤرخ في 23 جانفي 2008 الذي ينص على أن تدريس الأمازيغية أمر اختياري، من أجل توفير الإطار المناسب لإعداد مشاريع نصوص تتجانس مع الدستور فضلا عن ضرورة وضع مخطط عمل يتضمن تعميم تدريجي لتدريس الأمازيغية عبر جميع أنحاء التراب الوطني تماشيا مع مذكرة المحافظة المحالة إلى رئيس الجمهورية بشأن الإطار الاستراتيجي والمنهجي لتدريس وتعليم الأمازيغية ضمن المنظومة الوطنية للتربية والتكوين خلال آفاق 2038.
واعترف الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية في ذات الوقت بأن تدريس الأمازيغية، يواجه بعض المصاعب على مستوى المؤسسات التربوية التي تُدرس هذه المادة باعتبار أن ثمة خلل ما، يحول دون تمكين التلاميذ الذين يدرسون هذه المادة في طور معين من مواصلة دراستها في الطور أو المرحلة التعليمية الموالية.
و فيما أكد أن عملية تعميم اللغة الأمازيغية تشكل عاملا مهما في تحصين صرح الوحدة الوطنية وتكريس المواطنة في المنظومة التربوية، حرص عصاد بذات المناسبة في رده على سؤال صحفي ‹›عدم وجود حرب لغات في الجزائر وإنما هناك تعايش لغوي››، مبرزا أهمية ذلك في ضمان الأمن الهوياتي وتماسك جدار اللحمة الوطنية.
وأوضح في هذا الصدد أن ‹›إعادة الاعتبار للمكوّن الأمازيغي يشكّل صمام الأمان للوحدة الوطنية المتميّزة بالتنوع الثقافي››، مشيرا في ذات السياق إلى أن هيئته تسعى لتعميم استعمال اللغة الأمازيغية في المحطات الإذاعية على مستوى كل الولايات الحديدة.
وأشاد بالمناسبة، بتخصيص خطب صلاة الجمعة لأول مرة في مساجد تيميمون وكذا في مساجد عبر الوطن يوم أول أمس لإبراز المغزى من الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، واصفا ذلك بـ ‹› اللحظة المميزة»، التي جاءت – كما قال – نتيجة مناشدات المحافظة السامية للأمازيغية.
وبعد أن أكد على ضرورة تعزيز الجبهة الداخلية من خلال مبادرات وعمل ميداني دؤوب، شدد عصاد على ضرورة تجند النخبة لمحاربة الدعاية المغرضة التي تستهدف الجزائر والتي تأتي من عديد الأطراف وخاصة تلك الحملات التشويهية التي طالت حتى الجوانب المتعلقة بالتراث والثقافة الوطنية، وقال بأن الرد يجب أن يتم بالدليل الموّثق والمعطيات العلمية.
وقال ‹›إن تعزيز الجبهة الداخلية والأمن الهوياتي لا يجب أن يتوقف على الشعارات، بل يجب أن يتوقف على مبادرات عملية وعمل دؤوب وتواجد في الميدان بالتنسيق مع النخبة، التي يتعين عليها مواجهة الدعاية المغرضة ضد البلاد، لقد حان الوقت ليكون الرد قويا بالدليل الموثوق وبالمعطيات العلمية».
وفي سياق ذي صلة أعلن ذات المسؤول بأن هيئته تستعد لرفع تقرير إلى السيد رئيس الجمهورية، شهر فيفري المقبل، يتضمن حصيلة نشاط المحافظة للعقود الثلاثة الماضية.
نحو إنشاء ملحقات للمحافظة السامية للأمازيغية عبر الوطن
من جهة أخرى أعلن الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية أنه يجري التفكير لإنشاء ملحقات للمحافظة عبر الوطن، على ضوء التجربة الرائدة التي اكتسبتها هيئته في جهودها لترقية اللغة الأمازيغية بمختلف متغيراتها اللسانية، بما يسمح بتنظيم أنشطتها عبر كافة ولايات الوطن وفي شتى المناسبات.
وفي رده عن سؤال للنصر حول الشق المتعلق بجهود المحافظة في تثمين مشاريع البحث العلمي في اللغة والثقافة الأمازيغية، أشار عصاد إلى أنه تم فتح خمس معاهد للغة والأدب الأمازيغي بكل من ولايات البويرة و تيزي وزو و تمنراست و بجاية و باتنة، ومخابر بحث في مختلف الجامعات، تسهر على تسييرها كفاءات وخبراء عبر فرق بحث للمساهمة في جمع المعطيات و المتغيرات اللسانية.
وتحدث عصاد في هذا السياق عن حرصه على توسيع الشراكة بين المحافظة السامية للأمازيغية وبين مؤسسات الدولة، قصد بناء تصوّر معرفي شامل يخدم مقومات الهوية الوطنية بكل تنوّعاتها اللسانية والثقافية.
وبخصوص دعم توجهات السلطات العليا للبلاد في استعمال الرقمنة، أكد أن المحافظة أنشأت ثلاث منصات رقمية، ويتعلق الأمر بمنصات رقمية للصحافة ومنصة رقمية للكتاب ومنصة رقمية لجائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة الأمازيغية.
وفي رده عن سؤال حول الموضوعات التي تم اختيارها للورشات التي تم فتحها في إطار برنامج الاحتفال الوطني والرسمي برأس السنة الأمازيغية، أكد الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية أن اختيار هذه المواضيع لم يكن اعتباطيا، بل كان له أهداف عديدة نظرا للمؤهلات التي تزخر بها ولاية تيميمون في الميدان الفلاحي والسياحي والثقافي، مشيرا أن هذه الورشات برمجت بهدف دعم هذا التحول الذي تعرفه الولاية باعتبارها ولاية ناشئة في الشق الفلاحي، لكون أن مناسبة يناير لها ارتباط بالرزنامة الفلاحية.
وذكر بذات المناسبة، بأن ورشة الزخرفة والنقش على الطين، تم اختيارها بحكم تواجد مرافق مناسبة سيما منها المركز الجزائري للتراث الثقافي المبني بالطين، وبغرض دعم الهندسة المعمارية في الواحة الحمراء تيميمون، وكذا تمكين المنتجين السينمائيين القيام بأعمالهم السينمائية في تيميمون الساحرة، وهي البيئة الجاهزة، حسبه، للتمثيل وترقية الأعمال الغنية بالمتغير المحلي الزناتي، معلنا عن تنظيم منتدى تكويني حول المتغيرات اللسانية والعمل على تأسيس مجمع يحمل أسماء الأعلام والمناطق.
وحول آفاق الشراكة التي تسعى المحافظة إلى تجسيدها، أعلن سي الهاشمي عصاد عن برنامج توأمة بين بلدية تيميمون وبلدية آقبو بولاية بجاية، تجمع بين جمعيات محلية من البلديتين بإشراف المرصد الوطني للمجتمع المدني، مشيرا إلى إمكانية تعميم هذه الخطوة إلى ولايات أخرى. وفي حديثه عن تظاهرة «سوق يناير» الذي دشن بمدينة تيميمون، أكد أنه سيكون مفتوح على مدار أسبوع، ويفتح آفاقا في التكفل بطلبات الحرفيين فيما يتعلق بالتسويق بالتنسيق مع الجهات المعنية، مشيرا في ذات الوقت أن المحافظة ستبقى هيئة مرافقة للحرفيين والمبدعين.
وفي تطرقه للمكاسب التي حققتها اللغة الأمازيغية، أشار إلى قيام محرك البحث «غوغل» بإدراج الأمازيغية في جوان 2024، لأول مرة في برنامج المحرك، مما يتيح سهولة تعلمها.
عبد الحكيم أسابع