الجزائر اقترحت اعتماد سعر أدني للنفط والقبول بخفض الإنتاج لرفع الإيرادات
اقترحت الجزائر في وثيقة رسمية عرضت على الدول الاعضاء في منظمة «اوبك» وضع حد أدنى لسعر النفط والدفاع عنه، ودعت دول المنظمة إلى القبول بمقايضة مؤقتة بين تدني الحصة السوقية وارتفاع الإيرادات، كما اقترحت الجزائر على أوبك “تعظيم الإيرادات النفطية على الأجل الطويل للدول الأعضاء وحماية مصالحها الفردية والجماعية مع تعزيز دور النفط في تلبية احتياجات الطلب على الطاقة في المستقبل.”
كشفت منظمة الدول المصدرة للنفط، تفاصيل الاقتراحات والملاحظات التي أبدتها الدول العضوة، لتجاوز حالة الانهيار التي تعرفها أسعار المحروقات في السوق الدولية، وتتكون الوثيقة من 44 صفحة منها 11 صفحة تعليقات للدول الأعضاء أضيفت في ختام التقرير. حيث تضمنت مسودة التقرير التي تناولت إستراتيجية “أوبك” في الأجل الطويل نقلته وكالة «رويترز» ملاحظات من إيران والجزائر والعراق ومقترحات من إيران والجزائر بخصوص إجراءات لدعم الأسعار، مثل تحديد مستوى سعري مستهدف أو حد أدنى والعودة إلى نظام حصص الإنتاج.
وتسعى الجزائر، ودول أخرى تضررت بفعل تراجع أسعار النفط، إلى إيجاد حل توافقي بين الدول المطالبة بخفض الإنتاج، ومنها إيران وفنزويلا، والدول المعارضة لهذا التوجه على غرار العربية السعودية، ومعها دول الخليج، وهي المواقف التي كانت سببا في بروز خلافات داخل المنظمة حول سبل التوصل إلى حل لدعم الأسعار وتعزيز الإيرادات و وقف انهيار الأسعار.
ويرى بعض الأعضاء في المنظمة، بان السياسة الحالية التي تنتهجها اوبك والتي رسمتها المملكة العربية السعودية، ساهمت بشكل كبير في خفض أسعار النفط إلى النصف خلال عام لتستقر في حدود 50 دولارا للبرميل، وهو مستوى بعيد عن سعر الموازنة المالية للدول الأعضاء في المنظمة، وتفاقم هذا الانخفاض بعد أن غيرت منظمة البلدان المصدرة للبترول إستراتيجيتها في 2014 للدفاع عن الحصة السوقية بدلاً من خفض الإنتاج لدعم الأسعار كما كانت تفعل من قبل.
وأدى الانهيار الكبير في الأسعار وإيرادات الدول العضوة إلى بروز موقفين داخل اوبك، الأول يضم دولا تنادي بخفض الإنتاج على غرار فنزويلا وإيران والجزائر، وهي الدول التي تحفظت على إستراتيجية اوبك، ودعت إلى خفض الإنتاج، وطرف ثاني بزعامة السعودية مدعومة بالأعضاء الخليجيين الذين دافعوا عن سياسة الحفاظ على الإنتاج في مستويات مرتفعة رغم تراجع الأسعار.
وتشير الوثيقة إلى أن تلك الخلافات بشأن السياسة قصيرة الأجل تؤثر على تحديث المنظمة للإستراتيجية طويلة الأجل، وقد تنذر بتباين المواقف خلال اجتماع الرابع من ديسمبر المقبل عندما يلتقي وزراء نفط “أوبك” لمراجعة سياسة الإنتاج. وجاء في الوثيقة ذاتها، أن كل من إيران والجزائر والعراق، طالبت بوضع صيغ مختلفة بخصوص حاجة المنظمة لتعظيم الإيرادات في مقدمة الأهداف على الأجل الطويل. وأشارت إلى أن المناقشات بين مندوبي “أوبك” الذين اجتمعوا لوضع تقرير للإستراتيجية على الأجل الطويل لم تسفر عن اتفاق على بعض الأهداف.
واقترحت الجزائر، بحسب الوثيقة، وضع حد ادني للسعر والدفاع عنه، وكذا القبول بمقايضة مؤقتة بين تدني الحصة السوقية وارتفاع الإيرادات”، ومن بين ما اقترحته الجزائر على أوبك “تعظيم الإيرادات النفطية على الأجل الطويل للدول الأعضاء وحماية مصالحها الفردية والجماعية مع تعزيز دور النفط في تلبية احتياجات الطلب على الطاقة في المستقبل.” وقالت الجزائر بان قرار أوبك في نوفمبر من العام الماضي بعدم خفض الإنتاج “يمثل سلوك أوبك عاملا إضافيا في عدم التيقن” بحسب مسودة التقرير.
أما العراق فكان من بين تعليقاته “يجب أن تحدد الدول الأعضاء في أوبك سياساتها الخاصة فيما يتعلق بالإستراتيجية طويلة الأجل بخلق نموذج لتعظيم الإيرادات من خلال الموازنة بين الحصة السوقية والأسعار.” لكن السعودية أكبر منتج للنفط في المنظمة التي تعتبر بان السوق هي التي تحدد أسعار الخام، لم تبدي أي تعليق على التقرير.
من جانبها علقت إيران على إستراتيجية الأوبك، وقالت الوثيقة بان إيران أوصت بالعمل من اجل التوصل إلى «سعر عادل ومعقول ثم محاولة دعمه ما دام عادلا ومعقولا.” وتضغط إيران- التي تستعد أيضا لزيادة الصادرات واستعادة حصتها من السوق بمجرد رفع العقوبات عنها- في تعليقاتها لإعادة العمل بنظام الحصص في المنظمة والذي توقف في 2011. وتقول إيران إن سقف إنتاج “أوبك” البالغ 30 مليون برميل يوميا لا يحدد حصصا للدول الأعضاء بشكل منفرد وإن هذا “لا يساهم بفاعلية في استقرار سوق النفط”.
وأظهر التقرير تعليقا آخر لإيران جاء فيه “قامت بعض الدول الأعضاء في أوبك بزيادة معدل الإنتاج بناء على طاقتها الإنتاجية بدون النظر إلى سقف الإنتاج. وأضاف التعليق “يجب وضع سقف لإنتاج أوبك كل ستة أشهر أو إثني عشر شهرا بناء على الطلب المتوقع على نفط المنظمة ومن ثم يمكن الاتفاق على حصة إنتاج لكل دولة عضو.”
وتلقى مقترح إيران دعما من الجزائر التي قالت “إنه ربما يكون ضروريا في نهاية المطاف إعادة العمل بنظام الحصص حتى تكون إدارة الإنتاج واقعية وعادلة بقدر الإمكان.” وقالت مصادر في أوبك إن إعادة العمل بنظام الحصص قرار يرجع فقط إلى وزراء المنظمة عندما يجتمعون في الرابع من ديسمبر المقبل، وهو مقترح يلقى معارضة من الدول الخليجية المنتجة للنفط.
أنيس نواري