الحصة السنوية للفرد الجزائري من المياه ستتراجع بأكثر من 50 بالمائة
حذّر خبير من معهد اليونيسكو لعلوم المياه بهولندا، أمس الثلاثاء بقسنطينة، من انخفاض الحصة السنوية للفرد الجزائري من المياه إلى أكثر من النصف خلال الأربعين سنة القادمة، وأشار إلى سوء مردودية الاستثمار في مجال الموارد المائية واستحالة الوصول إلى برنامج الحكومة لري 2 مليون هكتار في ظل القدرات الاستيعابية للبنى القاعدية المتوفرة حاليا.وأوضح الخبير المختص في مجال اقتصاديات الموارد المائية بمعهد اليونيسكو لعلوم المياه بهولندا، محمد سفيان شاوي، في تصريح خص به النصر على هامش الأيام الدولية الرابعة للمياه والمناخ بكلية علوم الأرض بجامعة الإخوة منتوري بقسنطينة، بأن حصة الفرد الجزائري السنوية من المياه في تراجع مستمر حسب الدراسات التي قام بها، حيث كانت تصل إلى 1700 متر مكعب في سنة 1960، لتنخفض إلى 493 حاليا، فيما يتوقع نزولها إلى معدل 225 متر مكعب للفرد سنويا في سنة 2050، واعتبر بأنه من المستحيل تجسيد مخطط الحكومة الجزائرية للوصول إلى ري 2 مليون هكتار من المساحات الزراعية بسبب ضعف القدرة الاستيعابية للسدود، التي لن تتجاوز 8.4 مليون متر مكعب بعد الوصول إلى إنجاز 84 سدا، فيما يجب أن تتوفر على الأقل 12 مليون متر مكعب من المياه للوصل إلى ري المساحة المذكورة حسب الخبير، الذي نبه إلى أن الأرقام التي خلصت إليها دراسته نظرية.
وأوضح محدثنا بأن القطاع الفلاحي في الجزائر يعاني من ندرة المياه، بالرغم من أن 90 بالمائة من الموارد المائية توجه للإنتاج الفلاحي، بالرغم من أن مساهمة الفلاحة في الناتج الوطني الخام لا تتعدى نسبة 5 إلى 20 بالمائة، ما يدعو حسبه إلى إعادة النظر في الأساليب المنتهجة في تسييرها، كما اعتبر أن تسعيرة بيع المياه الموجهة للزراعة والتي تعادل 1.25 دينار جزئري منخفضة جدا وقيمة مردوديتها سلبية من الناحية الاقتصادية، على عكس دعم الدولة لهذا المجال، الذي اعتبره مبالغا فيه، حيث يصل إلى نسبة 66 بالمائة في الجزائر، فيما لا يتعدى نسبة 45 بالمائة في دول كبرى، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، كما يرى بأن الاستثمارات في الموارد المائية تتسم بكونها مجرد مبادرات منفصلة لا تخضع لبرنامج وتخطيط شاملين، حيث ذكر بأنه تم إنشاء 17 محطة لتحلية مياه البحر دون وضع أهداف واضحة لها، فهي لا تزود إلا المناطق الساحلية وبعض المناطق القريبة منها، كما وصف القرارات المتخذة في مجال استغلال المياه بالأحادية، وقال بأنها لا تخضع إلا للمعايير التقنية، وتهمل حسبه العوامل الأخرى التي تتحكم بها. واعتبر محمد سفيان شاوي، بأنه من الأفضل عدم المساس بالمياه الجوفية الموجودة في الجزائر، حيث قال بأنه يجب المحافظة عليها للأجيال القادمة لأن دورة تجددها تستغرق بين 3 إلى 5 آلاف سنة، فيما شدد على ضرورة استعمال موارد المياه الأخرى التي تتوفر عليها الجزائر بشكل كبير ولكنها ليست مستغلة، وتحدث عن مشكلة التلوث وتراكم الطمي في السدود، ما يقلص من قدراتها الاستيعابية التي تتراوح بين 10 و 35 بالمائة، مشيرا إلى ضرورة تضافر الجهود وتقريب وجهات النظر بين المختصين في مجالات مختلفة من أجل وضع مخططات فعالة بدل القيام بعمل غير مدروس، خصوصا وأن الموارد المائية الجزائرية مهددة بمخاطر التلوث وارتفاع درجات الحرارة، التي قد تؤدي إلى تقليصها في المستقبل.
سامي حباطي