الخلاص في الدولة المدنية
مع بداية العام الجديد 2016 ستدخل البلاد عهدا جديدا في تاريخها النضالي الطويل لبناء الدولة الجزائرية ، و هذه المرة من خلال طرح النسخة المعدلة للقانون الأسمى للأمة ، و ما سيثيره من نقاش وطني بين جميع القوى السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية.
و يشكل هذا الموعد سانحة لجميع الفعاليات الحية في البلاد التي تطمح إلى مستقبل واعد و مكانة مرموقة بين الأمم المتحضرة، للتعاطي ايجابيا مع نسخة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المعدلة، خاصة و أن المؤشرات العامة جاءت بضمانات مطمئنة للرأي العام و بدّدت المخاوف التي دأبت أبواق إعلامية و سياسية على الترويج لها كلما جاء الحديث عن تعديل الدستور.
و يتم ذلك عبر تطليق النقاش السياسي و الإيديولوجي العقيم ، و إحداث قطيعة حقيقية مع نظرية المعارضة من أجل المعارضة و دون تقديم بديل جاد، فالذين لم يتخلصوا بعد من الترسبات و مازالوا أسرى الماضي لا مكان لهم في خارطة المستقبل، و المتخلفون منهم لا يلومون إلا أنفسهم.
فالجزائر اليوم سفينة نجاة لجميع الجزائريات و الجزائريين و ستواصل إبحارها دون مكبر صوت، إلى غاية مرفأ الأمان و هو بناء دولة مدنية اجتماعية، أو كما يفضل مناضلو حقوق الإنسان تسميتها بدولة الحق
و القانون التي تضمن الحريات العامة .
إن البصيرة التي تمكنت بفضلها البلاد طيلة السنوات الماضية من إحباط سلسلة المؤامرات الداخلية ابتداء من افتعال أزمة القبائل مرورا بأزمة الزيت و السكر إلى أزمة غرداية ، و حافظت على أمن و إستقرار البلاد أمام الإرهاب القادم من دول الجوار مثل ليبيا
و تونس و مالي و النيجر و مخدرات المغرب، قادرة اليوم على وضع دستور عصري مرن يتلاءم مع تنوع الأمة الجزائرية و يحترم نضال شعبها الذي لم ينقطع يوما و يعطي الأمل لشبابها في غد واعد.
و ما دام أن الغاية النهائية هي أن يصبح الشعب هو الحكم الأوحد و صاحب القول الفصل في التداول على السلطة، فإن قوى الحكم
و المعارضة مدعوة على حد سواء إلى التصالح مع الذات و الإلتحاق بالركب قبل فوات الآوان، و ما المصالحة الوطنية اليوم إلا مرجعية لنا جميعا نعود إليها في كيفية التعاطي مع المواعيد التاريخية الكبرى للأمة. فالذي تضيق به السبل و لا يدري إلى أين يتجه عند مفترق الطرق، ما عليه إلا أن يعرف من أين جاء
و أين كان، و بالمختصر المفيد أن يجري عملية مقارنة بسيطة بين سنوات الدم والجمر في التسعينات و سنوات الألفين، أين أصبح البلد آمنا بفضل سياسة المصالحة الوطنية حيث أسقط الجزائريون من قاموسهم السياسي و إلى الأبد، مغامرة رفع السلاح في وجه الدولة
من أجل الوصول إلى السلطة.
وما ذلك بالأمر الصعب على الجزائري المنصف الذي سجّل تراجع الخطر الإرهابي
و عودة الإستقرار و الأمن إلى ربوع البلاد،
و بناء آلاف المؤسسات التربوية و الثقافية
و الصحية و إعادة تنشيط المؤسسات الصناعية الكبرى و التي بفضلها هذه السياسة الإجتماعية ،تمكن الشاب البطال أن يجد منصب عمل ويحصل على سكن و يتزوج
و يشتري سيارة .
النصر