تراجع سلوكات التحرّش في محيط العمل و الشارع بسبب الإجراءات الردعية
أكد قانونيون بأن الجانب الردعي الذي تضمّنه تعديل قانون العقوبات في شقه المتعلق بمكافحة العنف ضد المرأة، والذي دخل حيز التنفيذ قبل بضعة أسابيع، ساهم في تراجع بعض مظاهر التحرّش سواء في الأماكن العامة أو في محيط العمل ضد المرأة،
ما يعد حسبهم خطوة نحو تكريس مبدأ المساواة والمناصفة الذي تضمّنه الدستور في نسخته الجديدة.
واعتبر المحامي ورئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان مصطفى فاروق قسنطيني، بأن ضمان أمن المرأة وسلامتها، هو من بين عوامل استقرار وتماسك المجتمع، وأن الشروع في تطبيق قانون مكافحة العنف ضد المرأة، بدأ يعطي نتائج إيجابية على أرض الواقع، بالنظر إلى المواد الصارمة التي تضمنها، والتي تصل إلى حدّ السجن في حق من يمارس العنف ضد المرأة سواء في المحيط الأسري أو في وسط المجتمع، معتقدا بأن النص زرع الخوف بين أصحاب السلوكات العنيفة ضد المرأة، خاصة فيما يتعلق بظاهرة التحرش، و أكد بصفته كمحامٍ رافع في قضايا عدة ترتبط بهذا الموضوع، بأنه وقف على ظواهر جد خطيرة خلال مسيرته المهنية، كانت فيها المرأة هي الضحية، ويقصد ضحية التحرش في محيط العمل، وأنه رغم الأدلة الكافية التي يتم جمعها، إلا أن الحكم النهائي يكون دائما في صالح المتهم، الذي يستفيد في الأخير من البراءة، والأغرب من ذلك أن الكثير من تلك القضايا أوكلت لقضاة نساء، متسائلا عما إذا كان ذلك مرده إلى وجود عقدة أومجرد خوف. وأفاد قسنطيني بأن قانون العنف ضد المرأة سيساهم في رفع الحرج عن ضحايا العنف الأسري، موضحا بأنه لحد الآن ما تزال المحاكم تعالج مثل هذه القضايا، غير أن الخشية من التعرض إلى عقوبات صارمة، ستؤدي تدريجيا إلى التقليل من الظاهرة، متوقعا التوصل إلى نتائج ملموسة وإيجابية عقب مرور سنة بالتقريب على تطبيق القانون، خاصة في ما يتعلق بالعنف بين الأزواج، الذي يعد ظاهرة جد منتشرة حتى في المجتمعات المتقدمة، وذكر فرنسا على سبيل المثال. و قال أن المجتمع الجزائري يريد السير نحو المساواة بين المرأة والرجل، وأن تطور المجتمع لا يمكن أن يتحقق إذا لم تحفظ حقوق المرأة.وأفاد من جهته حسين زهوان رئيس الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الأنسان في تصريح للنصر، بأنه بصفته حقوقي يعارض فكرة القمع، باعتبار أن تحقيق التقدم في ظل التوافق والاحترام هو الأفضل، غير أن تفشي عقلية الهيمنة لدى الرجل، بسبب عدم تقبل فكرة وصول المرأة إلى أعلى المراتب، ونجاحها في فرض وجودها في مختلف ميادين الحياة، يجعل من الضروري وضع قوانين صارمة، لتحقيق مجتمع عصري يضمن المساواة بين المرأة والرجل إلى حين تغيّر الذهنيات. و برأيه فإن سنّ القوانين الردعية هو مجرد مرحلة انتقالية لا غير، قبل أن يتقبل المجتمع المكانة التي تليق بالمرأة، إضافة إلى دورها الأسري.
ودعم المحامي حسين زهوان رأي الاستاذ فاروق قسنطيني، بأن القانون أدى إلى انتشار الشعور بالخوف مما قد يتعرض له الفرد في حال عدم احترام بنوده، غير أن نجاح تطبيقه يتطلب الفعالية من قبل المجتمع وكذا العدالة، على أساس أن الأمر يتعلق بقضية اجتماعية وإدارية، وأن النفوذ الردعي للقانون يعد عنصرا جد إيجابيا، متوقعا بأن تتراجع مظاهر العنف الأسري والتحرش مع الاستمرار في تطبيق النص الجديد.واعتبر المحامي صويلح بوجمعة، من جانبه، بأن الروابط الأسرية يعتريها سوء التفاهم، وأن القانون جاء ليضبط الأمور ويضمن حقوق كل طرف، مضيفا بأن ما يهمه ليس عدد القضايا التي تم رفعها على مستوى المحاكم، وإنما هو التقليل من ظاهرة العنف الأسري سواء في حق المرأة أو الرجل، وكذا التحرش في الأماكن العامة وفي محيط العمل، لكنه فضل أن تلعب الأخلاق والعلاقات الاجتماعية دورها، في الحد من هذه الظواهر السلبية، التي تبقى حسبه نسبية وتتوقف على شخصية الفرد، دون أن ينفي تأثير صرامة القانون على سلوكات بعض الأفراد .
لطيفة/ب