يشرع الوزير الأول عبد المالك سلال اليوم في زيارة إلى موسكو تدوم يومين لإجراء محادثات مع السلطات العليا الروسية قصد بحث العلاقات الثنائية و آفاق تعزيزها بين بلدين تربطهما شراكة إستراتيجية تم التوقيع عليها سنة 2001، و تمثل الزيارة خطوة أخرى في بناء حلف قديم يتجدد بين الجزائر و موسكو اللذين تتطابق وجهات نظرهما و مواقفهما حيال العديد من القضايا في العالم العربي و منطقة الشرق الأوسط، و سيسمح تمتين العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ببناء الشراكة الإستراتيجية التي تربطهما على أسس صلبة تسمح بديمومتها و تطورها.
فقد كانت المواقف السياسية للجزائر و روسيا متقاربة بشأن الكثير من القضايا الساخنة خاصة فيما يتعلق بسوريا، حيث يؤيد البلدان مسعى حل الأزمة السورية من خلال الحوار بين أبناء الشعب السوري، و يرفضان كل تدخل أجنبي يمكنه أن يهدد وحدة الأراضي السورية، و لهما مواقف مماثلة من الوضع في ليبيا حيث يدعمان قيام حكومة وحدة وطنية بقيادة فايز السراج و يدعوان لمحاربة الإرهاب في مناطق مختلفة من البلاد التي عارضت الجزائر و موسكو التدخل العسكري لحلف الناتو فيها .
و سيعمل الطرفان بمناسبة زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال على «ديمومة تقاليد الحوار و التشاور من خلال تبادل الرؤى حول المسائل الدولية و الإقليمية ذات الاهتمام المشترك». حسب ما جاء في بيان لمصالح الوزير الأول الذي أعلن عن الزيارة أمس.
و قد عرفت العلاقات الجزائرية الروسية حركية جديدة تميزت بتبادل الزيارات رفيعة المستوى من الجانبين و على رأسها تلك التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى روسيا في سنتي 2001 و 2008 و تلك التي قام بها الرئيسان فلاديمير بوتين و ديميتري ميدفيديف على التوالي في 2006 و 2010 فضلا عن الزيارات على المستويين الوزاري و المؤسساتي.
وخلال الزيارة التي قام بها إلى الجزائر نهاية فيفري الماضي عبر رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغاي لافروف عن «تمسك» بلده و الجزائر بإعلان الشراكة الإستراتيجية بينهما. و أضاف قائلا «حددنا مخططات و مشاريع ملموسة في مجال التعاون التجاري و الاقتصادي و العسكري-التقني و اقترحنا أشكالا ملموسة للتعاون بين الوزارات و أوساط الأعمال لكلا البلدين».
وخلال زيارته إلى الجزائر أوضح السيد لافروف أنه تم إيلاء «اهتمام خاص» للتعاون الطاقوي مضيفا أن «هناك علاقات مستديمة بين الشركات الروسية و مؤسسة سوناطراك الجزائرية».
و أكد لافروف أن «الرئيس بوتفليقة عبر عن اهتمام الحكومة الجزائرية بالتعاون مع روسيا ضمن منتدى البلدان المصدرة للغاز و بإقامة علاقة منتظمة ثنائية حول تطور أسواق المحروقات».
و سيسمح المنتدى الاقتصادي على هامش هذه الزيارة «لمتعاملي البلدين ببحث فرص الأعمال و الشراكة الكفيلة بتعزيز العلاقات التي تربطهما في عدة مجالات». و هي الشراكة التي تجسدها العديد من الاتفاقيات و البرامج و المبادلات بين البلدين.
فقد شهدت العلاقات التاريخية التي تربط البلدين منذ 2001 حركية سمحت بتعزيزها أكثر و توثيقها في مختلف ميادين التعاون، مثلما يعكسه حجم المبادلات التجارية الثنائية الذي بلغ 885 مليون دولار في 2015 مقابل 530 مليون دولار في 2014 ، في حين لم تكن المبادلات التجارية بين الحليفين السياسيين التقليديين تتعدى 175 مليون دولار في سنة 2002.
و توّج اجتماع الدورة الثامنة للجنة التعاون الاقتصادي و التجاري و العلمي و التقني الجزائري الروسي الذي عقد في جويلية 2015 بالتوقيع على محضر يعزز العلاقات الثنائية بين البلدين. و يشمل المحضر الذي وقع عدة توصيات متعددة القطاعات ترمي إلى تطوير العلاقات الثنائية و تعزيزها.
و بخصوص وضعية الأزمة التي تشهدها بعض مناطق العالم حيا وزير الخارجية الروسي لدى زيارته الجزائر قبل شهرين الجهود التي تبذلها الجزائر من أجل تسوية الأزمات في ليبيا و مالي و بشكل عام في منطقة الساحل مسجلا بأن التحاليل و المقاربات الجزائرية و الروسية في تسوية هذه المشاكل «متقاربة و متطابقة».
و تدعو الجزائر و موسكو إلى أن ترتكز تسوية كل أزمة دولية على «معايير القانون الدولي و ميثاق الأمم المتحدة» و «احترام السيادة و الوحدة الترابية لكافة الدول و تفادي أي تأثير على سياستها الداخلية».
ع.ش